المعارضة التركية تحذر من الغرق بـ"المستنقع الأفغاني"

تواجه الخطة التي قدمتها الحكومة التركية بشأن تأمين مطار كابول في أفغانستان رفضا داخليا من جانب أحزاب المعارضة، والتي حذرت بدورها من الغرق في "المستنقع الأفغاني"، لاسيما بعد القرار الذي اتخذته دول حلف شمال الأطلسي بالانسحاب من البلاد.

وفي الوقت الذي تستعد فيه العاصمة التركية أنقرة لاستقبال وفد عسكري أميركي الخميس لبحث تفاصيل المقترح التركي بشأن المطار، أبدى زعماء في المعارضة التركية رفضهم لتلك الخطوة.

وفي كلمة لها الأربعاء أمام أعضاء حزبها قالت زعيمة "حزب الجيد"، ميرال أكشنار: "أدعو السيد إردوغان للعودة إلى رشده. لا يوجد سبب لاتخاذ مثل هذه المخاطرة لمجرد أنك ستبدو لطيفا أمام رئيس الولايات المتحدة الجديد".

وجاء حديث أكشنار بعد أيام من تصريحات لزعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كلشدار أوغلو شدد فيها على ضرورة عدم ترك القوات التركية في مواجهة مع حركة "طالبان".

في حين تساءل النائب عن "حزب الشعب"، أوتكو جاكيروزر: "لماذا سنكون الوحيدين في أفغانستان عندما يغادر الجميع؟".

وذكر أن بعض الدول بما فيها أستراليا تستعد لإغلاق تمثيلاتها الدبلوماسية في أفغانستان بسبب مخاوف أمنية.

وأضاف: "إذا بقينا هناك فإننا سنعرّض الآلاف من عناصرنا العسكرية والمدنية التي ستخدم هناك للخطر الأمني".

"رؤيتان متضاربتان"

وتنشر تركيا أكثر من 500 جندي على الأراضي الأفغانية، في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي لتدريب قوات الأمن المحلية، وهو رقم تؤكده وزارة الدفاع التركية بشكل متواصل.

وطوال السنوات الماضية انحصر النشاط العسكري التركي في أفغانستان بتأمين مطار كابل والمعروف باسم مطار حامد كرزاي الدولي، بمعنى أنها لم تنخرط في سير العمليات العسكرية الأخرى.

وبحسب ما رصد موقع "الحرة" عبر وسائل الإعلام التركية المعارضة والمؤيدة للحكومة التركية فهناك رؤيتان متضاربتان حيال المقترح التركي بشأن تأمين "مطار كابول".

ونشرت صحيفة "جمهورييت" المعارضة مقالة الأربعاء تحت عنوان: "عواقب اقتراح تركيا بشأن أفغانستان".

وتحدثت الصحيفة عما وصفتها بـ"المشكلة الكبيرة والمعقدة" أمام تنفيذ خطة تأمين المطار الدولي.

واستشهدت بذلك بالرفض الذي تبديه حركة "طالبان" لأي وجود أجنبي في أفغانستان في المرحلة المقبلة، مشيرة: "وفقا لبيانات الأمم المتحدة تتخذ حركة خطوات لحكم البلاد بأكملها في وقت سحبت العديد من الدول الغربية جنودها وأغلقت سفاراتها".

وتقول الصحيفة: "إن إرسال الجنود إلى أفغانستان في ظل هذه الظروف لا يعرض حياة الجنود الأتراك للخطر فحسب، بل يقلل أيضا من الاحترام والمحبة التي كانت تحظى بها تركيا في أفغانستان".

"نقطة انهيار لتركيا"

في غضون ذلك تطرقت صحيفة "خبر تورك" أيضا الأربعاء إلى الخطة التركية في أفغانستان، ونشرت مقالة للبروفيسور كورشاد زورلو عنونها بـ"مستنقع أفغانستان نقطة انهيار جديدة لتركيا".

وجاء في المقالة أن "تركيا تواجه نقاط انهيار مهمة في سياستها الداخلية والخارجية. أحدها ما إذا كانت ستبقى في أفغانستان أو كيف ستبقى بعد انسحاب القوات الأميركية وقوات الناتو".

ويشير البروفيسور التركي: "يبدو أن هذا الاحتمال يعتبر محطة للتزود بالوقود في سياق العلاقات مع الولايات المتحدة! وهو يقترب أكثر فأكثر. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف وتحت أي ظروف ستبدأ تركيا هذا العمل".

ويضيف: "حتى في هذه المرحلة هناك مخاطر جسيمة ويجب فحص جميع الجوانب، لأنه عندما يتم ذكر أفغانستان فمن الضروري النظر في العديد من التهديدات المترابطة معا".

"مهمة الوساطة"

ويشير جزء من التقديرات التركية في الوقت الحالي إلى أن تركيا قد تنجح في لعب دور فاعل بأفغانستان عقب الانسحاب الأميركي، وهو أمر يرتبط بالشعبية التي تحظى بها في المنطقة كونها "دولة إسلامية".

وفي المقابل هناك جزء آخر يرى أن "عنصر النجاح" لن يكون تحصيله بالأمر السهل، بسبب انخراط تركيا في حلف الناتو، بمعنى أنها دولة تدعم وتشارك في معظم العمليات العسكرية الخاصة بالأخير، ما يجعلها "دولة أجنبية" شأنها كشأن الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما أكدت عليه "طالبان" مؤخرا.

وعلى خلاف الرؤى المطروحة سابقا بشأن خطة تأمين مطار كابول تحدث مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين آقطاي الأربعاء على سياق مختلف.

ويقول في مقالة له في صحيفة "يني شفق" المقربة من الحكومة التركية: "تركيا بصفتها جهة فاعلة موثوقة يمكن أن تتمتع بمهمة الوساطة على المدى الطويل، وأن تحظى خلال ذلك بقبول إيجابي من جميع الجهات هناك حتى طالبان".

ورفض آقطاي حديث زعماء المعارضة بأن الخطة التركية في أفغانستان أشبه بتنفيذ المهام الأميركية في المنطقة، بمعنى "الوكيل".

ويضيف: "على الرغم من انسحاب الناتو وعلى رأسه الولايات المتحدة من الحرب ضد طالبان، فإن الوضع الداخلي الآن ينذر بإمكانية اندلاع حرب داخلية في أي لحظة. في ضوء ذلك يجب على تركيا ألا تقف في الصراع الداخلي مع طرف ضد آخر، لا سيما حيال الصراع بين طالبان وتحالف الشمال. يجب أن تكون كعنصر استقرار يحترم حقوق جميع المكونات سواء طالبان أو غيرها".