فورين بوليسي: منع وصول الأسلحة والتكنولوجيا من إيران قد يزيد من حوافز الحوثيين للجلوس إلى طاولة المفاوضات

*مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية
*كاثرين زيمرمان: زميلة في معهد أمريكان إنتربرايز.
*برادلي بومان: كبير مديري مركز القوة العسكرية والسياسية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومستشار سابق لأعضاء لجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.


أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين، الاثنين الماضي، أن الولايات المتحدة ستقدم 191 مليون دولار كمساعدات إضافية للشعب اليمني، الذي يعاني مما أسماها "الأزمة الإنسانية الأكبر والأكثر إلحاحا" في العالم. وقال بلينكين إن الولايات المتحدة قدمت الآن أكثر من 3.4 مليار دولار من المساعدات الإنسانية لليمن منذ بدء الصراع في عام 2015.

ستنقذ هذه المساعدة العديد من الأرواح، ولكن الحقيقة المحزنة هي أنه لن يؤدي أي قدر من المساعدات إلى تحسين الظروف بشكل كبير أو دائم حتى ينتهي الصراع في اليمن. أدرك بلينكين ذلك إذ شدد على أنه "لا يمكننا إنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن إلا بإنهاء الحرب في اليمن". كما قال إن الولايات المتحدة بالتالي "تعيد تنشيط جهودنا الدبلوماسية لإنهاء الحرب".

لكن الدبلوماسية ستفشل بدون نفوذ إضافي. فمن خلال إنهاء الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، سعى الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الضغط على الرياض. لكن الضغط على طرف واحد فقط في النزاع -مع الفشل في ممارسة ضغط حقيقي على الطرف الآخر- يجعل هذا الأخير (الحوثيين) أكثر جرأة.

وهذا بالضبط ما رأيناه في الأسابيع الأخيرة، حيث شن الحوثيون هجوماً واسعاً على القوات الحكومية اليمنية، سعياً منهم لكسر الجمود المستمر منذ عدة سنوات في القتال على الأرض.

لماذا نتوقع أي شيء آخر من الحوثيين؟ إنهم يرون ضغوطاً هائلة على الرياض في حين شطبت واشنطن مؤخرا تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية. في غضون ذلك، يستمرون في التمتع بتزويد موثق بالأسلحة من طهران. يسمح ذلك للحوثيين بمواصلة القتال مع رفض التفاوض بحسن نية.

إن ممارسة ضغط حقيقي على الرياض فقط هو وصفة للفشل -ودعوة للطرف الآخر لمضاعفة قتاله.

قد يشير فريق بايدن إلى إعلان وزارة الخزانة الأمريكية الأسبوع الماضي عن عقوبات ضد القياديين العسكريين الحوثيين كدليل على عكس ذلك، حيث تهدف العقوبات إلى تحميل الحوثيين مسؤولية "الأعمال الخبيثة والعدوانية" المستمرة التي أصبحت ممكنة بفضل توفير إيران للأسلحة والتدريب.

ورغم أن العقوبات خطوة جيدة، إلا أنها لا تفعل شيئاً يذكر عندما يكون الأفراد المستهدفون خارج النظام المالي الأمريكي وممن يرون أن وصمة العار من قبل واشنطن بمثابة وسام شرف لهم.

الضغط على الرياض مع منح الحوثيين تصريح مرور مجاني بشكل أساسي أدى إلى خلق غياب تناسق لا يمكن لأي قدر من الدبلوماسية المكوكية الذكية التغلب عليه. إن أي جهد ناجح لإنهاء النزاع -وبالتالي معالجة الأزمة الإنسانية- يجب أن يخلق ضغطاً جديداً على جميع الأطراف، وعلى وجه الخصوص، فإن بذل جهد أكثر جدية لاعتراض شحنات الأسلحة من طهران سيضع ضغوطاً أكبر على الحوثيين.

على مدى الصراع في اليمن، استجابت طهران بترحاب لطلب الحوثيين بالسلاح، إذ إن إيران، وتماشياً مع استراتيجيتها الإقليمية، تسعى إلى إقامة علاقة بالوكالة مع الحوثيين على غرار حزب الله، الذين يتواجدون بجوار البحر الأحمر وعلى الحدود الجنوبية للسعودية. وبسبب عدم التشديد على فكرة انتهاك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قامت طهران بجهود كبيرة لتهريب الأسلحة.

وكشفت عمليات اعتراض البحرية الأمريكية في نوفمبر 2019 وفبراير 2020 عن شحنات أسلحة إيرانية تحتوي على صواريخ كروز للهجوم الأرضي وصواريخ أرض جو وصواريخ كروز مضادة للسفن.

والشهر الماضي، تم الكشف عن أسلحة مشابهة لتلك الموجودة في شحنات إيرانية أخرى. حيث إن المساعدة الأمنية الإيرانية للحوثيين ليست بالشيء الجديد، ففي عام 2015، أعرب وزير الخارجية، آنذاك، جون كيري عن قلقه بشأن وصول الإمدادات الإيرانية إلى اليمن "كل أسبوع".

يجب على أولئك الذين يميلون إلى التشكيك في مثل هذه التأكيدات من قبل واشنطن النظر في تقرير 22 يناير الذي قدمته لجنة الخبراء بشأن اليمن إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. حيث كتبت اللجنة أن "مجموعة متزايدة من الأدلة تظهر أن الأفراد أو الكيانات داخل جمهورية إيران الإسلامية منخرطون في إرسال مكونات أسلحة، وأسلحة إلى الحوثيين". حتى إن التقرير يصور طرق التهريب البحري من إيران. وحدد التقرير السنوي السابق للجنة أن الطريق الرئيس لتهريب الأسلحة هو التنقل براً من عمان.

حتى إن الحوثيين لم يخجلوا من استخدام هذه الأسلحة، واستهدفوا بشكل متكرر البنية التحتية المدنية والعسكرية في السعودية بفعالية مقلقة ويشمل ذلك، على سبيل المثال، هجوماً في يونيو 2019 على مطار أبها الدولي أسفر عن مقتل مدني وإصابة عدد آخر.

ويزعم المسؤولون السعوديون أنهم اعترضوا صاروخا حوثيا وطائرات مسيرة محملة بالقنابل في 27 فبراير. كما لا ينبغي للولايات المتحدة أن تنسى أن الحوثيين أطلقوا صواريخ كروز مضادة للسفن على المدمرة التابعة للبحرية الأمريكية، يو إس إس ماسون، في عام 2016 أثناء عملها في المياه الدولية بالقرب من اليمن.

في غضون ذلك، تستمر معاناة الشعب اليمني فقط. يموت اليمنيون بسبب ندرة الغذاء والماء والأدوية وغالبا ما تم استخدامهم من قبل الحوثيين كأسلحة في الحرب، ويواجه ما يقرب من نصف السكان نقصا حادا في الغذاء، حيث يتأرجح ملايين الأشخاص على حافة المجاعة. لقد اجتاحت الكوليرا وحمى الضنك والدفتيريا السكان، وعاد شلل الأطفال فيما نظام الرعاية الصحية مغلق تماما.

لكن حتى مع تفاقم الأزمة، فإن أموال المانحين آخذة في النضوب، وبمجرد وصول المساعدة إلى اليمن، يواجه العاملون في المجال الإنساني عقبات كبيرة مرتبطة بالحرب في إيصال الدعم المنقذ للحياة لمن يحتاجون إليه.

عين بلينكين مبعوثاً خاصاً للصراع في اليمن، تيموثي ليندركينغ، الذي قاد مساعي جديدة من أجل السلام، كان السعوديون والحكومة اليمنية حريصين على المشاركة، لكن الحديث عن السلام لن يجلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات.

ومع ذلك، فإن منع الوصول إلى الأسلحة والتكنولوجيا الرئيسة من إيران قد يزيد من حوافز الحوثيين للجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية، كحد أدنى، قد يؤدي الحد من تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين إلى تقليل الخسائر في الصراع.

ولتحقيق ذلك، ينبغي لوزارة الدفاع الأمريكية نشر موارد عسكرية كافية في المنطقة وتزويد القادة بتعليمات واضحة لإعطاء الأولوية لجهود المنع، ويجب على الكونغرس الأمريكي الضغط على إدارة بايدن بشأن ما تفعله حاليا لاعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية.

كما ينبغي على السفيرة الأمريكية المعينة حديثا لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، أن تضغط بنشاط على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لبذل المزيد من أجل إنفاذ قراراته ورفع التكاليف التي تتحملها طهران بسبب شحنات الأسلحة إلى اليمن. إذا عرقلت بكين وموسكو ذلك، فلا ينبغي لواشنطن أن تكتفي بالكلمات حول ما ستفعله إعاقتهما للشعب اليمني.

وإذا لم يستطع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حشد القدرة على تنفيذ قراراته، فيجب على إدارة بايدن العمل على بناء تحالف من الدول للمساهمة بالأصول العسكرية لكشف واعتراض شحنات الأسلحة من إيران إلى اليمن، ويجب على الولايات المتحدة والشركاء ذوي المقاربة المماثلة الضغط على عمان ومساعدتها على فعل المزيد لوقف تهريب الأسلحة البرية عبر أراضيها إلى اليمن.

صحيح أن بلينكن محق في أن إنهاء أسوأ أزمة إنسانية في العالم في اليمن سيتطلب أولاً إنهاء الحرب، لكن ممارسة ضغوط حقيقية على جانب واحد فقط هي وصفة للفشل ودعوة للطرف الآخر لمضاعفة قتاله، وأفضل أمل لممارسة ضغط مثمر على الحوثيين هو بذل جهد دولي حقيقي بقيادة الولايات المتحدة للحد من تدفق الأسلحة الإيرانية المتقدمة إلى اليمن، يمكن القيام بذلك بطريقة لا تعرقل بشكل كبير المساعدة الإنسانية.

مثل هذا النهج من شأنه أن يخدم المصالح الأمنية الإقليمية ويخلق أفضل فرصة لإنهاء الصراع الذي أدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. هذه سياسة يجب أن يتحد حولها كل من الصقور (مناهضي طهران بواشنطن) والعاملين في المجال الإنساني.