جرائم "داعش" في العراق تُذكّر اليمنيين بجرائم "القاعدة" في أبين

أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) إقامة ما يسمى بدولة "الخلافة الإسلامية" في شمال سوريا وشرق العراق يوم 10 يونيو 2014. في هذه السلسلة الخاصة، يتحدث أشخاص من مختلف الشرائح الاجتماعية عن قسوة الحياة تحت ظل داعش وكيف سيعملون على منعه من تأسيس موطئ قدم له في المناطق التي يدّعي السيطرة عليها.

في وقت لا يزال جرح الحرب مع تنظيم القاعدة لم يختم بالنسبة لأهالي محافظة أبين في جنوب اليمن، عادت الأوضاع الأمنية في مدينة الموصل العراقية التي استولى عليها عناصر ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، لتذكّرهم بالمأساة التي عاشوها على مدى سنة تحت حكم القاعدة.

فممارسات داعش في العراق اليوم، تعيد إلى الذهن الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة أنصار الشريعة التابعة للقاعدة في جزيرة العرب بحق اليمنيين قبل أكثر من سنتين، حسبما ذكر مسؤولون.

مسميات مختلفة وأسلوب حكم واحد:

وأكد وكيل محافظة أبين أحمد الرهوي :"مهما كان مسمى الجماعات المتطرفة التي تحاول السيطرة على المناطق، سواء في اليمن تحت مسمى أنصار الشريعة أو في سوريا والعراق تحت مسمى داعش أو جبهة النصرة، "أسلوبهم في الحكم واحد، لأن مرجعيتهم [الأيديولوجية] واحدة وتنادي بالقتل والتكفير".

وأشار الرهوي إلى أن مثل هذه الجماعات تسعى إلى بسط سلطتها على مدن ومناطق متعددة لتصبح هذه الأخيرة جزءاً من "خلافة"، كما حصل في اليمن عام 2011 وفي العراق وسوريا خلال العام الجاري.

والاعتداءات التي شهدتها أبين تحت حكم أنصار الشريعة ظهرت أيضاً في العراق وسوريا تحت حكم داعش.

وذكر الرهوي أن تنظيم القاعدة عندما خطط للسيطرة على بعض مناطق أبين، بدأ بالضغط على السكان وقطع المياه والكهرباء من أجل التمهيد لما يخطط له وتشتيت الأذهان خصوصاً مع اشتداد الأزمة السياسية اليمنية.

ومارست أنصار الشريعة ضغوطا كبيرة على السكان وانتهكت أبسط حقوقهم، وفقا للرهوي الذي قال: "كانوا يأمرون الناس بالصلاة بينما هم لا يقومون بأدائها، وكانوا يميزون في التعامل مع السكان فيظلمون أبناء الفقراء أو من لا ينتمون إلى القبائل الكبيرة خصوصا عندما أقاموا محكمة خاصة بهم تفتقر إلى أدنى شروط العدالة وطبقوا الحدود من قطع الأيدي والرؤوس، وأيضا التمثيل بالجثث".

وانتشرت صور عبر الإنترنت لأعمال جلد وبتر للأيدي وقطع للرؤوس وتشويه للجثث ارتكبتها داعش في سوريا، فيما اتُهم التنظيم في العراق بإعدام جنود عراقيين جماعيا وإحراق كنائس في الموصل.

وأكد الرهوي أن القاعدة أينما يحل، لا يحترم حقوق السكان وينتهكها بشكل مستمر.

وأضاف: "حتى أنهم يجبرون صغار السن على التجنيد في صفوفهم"، ويغسلون العقول لفرض آرائهم ومعتقداتهم بالقوة، حيث لا يجرؤ أحد على مخالفتهم وإلا كان مصيره الموت.

ويتبين ذلك في حادثة وقعت هذا الأسبوع في الموصل، حيث قتل مسلحو داعش أستاذ القانون في جامعة الموصل محمود العسلي، لانتقاده تصرفات التنظيم تجاه مسيحيي المنطقة، حسبما أعلن مجلس عشائر محافظة نينوى يوم الخميس 24 يوليو.

وكانت داعش قد أعطت العائلات المسيحية في الموصل الأسبوع الماضي مهلة لاعتناق الإسلام أو دفع جزية أو المغادرة أو مواجهة الإعدام، الأمر الذي دفع العائلات إلى النزوح من المدينة، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

استهداف النساء والأولاد:

وفي أبين، ارتكبت أنصار الشريعة انتهاكات لحقوق الإنسان بحق نساء وأولاد، وفق ما قالت المحامية "منال الدباء" من اتحاد نساء اليمن.

وأوضحت بالقول: "حرم التنظيم الطلاب من عام من التعليم على الأقل، كما فرض لباساً معيناً على الفتيات وشدد إجراءات الفصل بين الذكور والإناث في المدارس".

وأضافت أن التنظيم أخضع ربات البيوت، عنوة، لمحاضرات تقودها نساء من أتباعه لدعوتهن لعدم التعامل مع من يحارب القاعدة كونهم من "أعداء الإسلام"، كما كانوا يدعون خلال هذه المحاضرات.

وذكرت الدباء، أن القاعدة استغل حالة الفقر التي تعيشها بعض العائلات لإغرائها بالمال من أجل تزويج بناتها القاصرات من عناصر التنظيم.

وقالت: إن "هذه الزيجات خلفت الكثير من المتاعب لهذه الفتيات وخصوصاً ممن خلفن أولاداً ووجدن أنفسهن وحيدات بعد أن هرب أزواجهن أو قتلوا عند تحرير أبين".

مواجهة القاعدة:

وفي هذا السياق، شدد وكيل المحافظة محمد ناصر الجمحا، على ضرورة تعاون العراقيين في ما بعضهم ومع أجهزة الأمن لكي لا يتركوا الفرصة لعناصر القاعدة للسيطرة على مناطقهم.

وقال: "إن القاعدة إذا سيطر على منطقة فلن يسودها إلا الخراب والدمار والتشرد واختفاء مظاهر الحياة"، متمنياً أن "لا تتكرر المأساة التي عانوا منها في اليمن في أي بلد آخر".

في المقابل، ومنذ خروج أنصار الشريعة من أبين، شهد الوضع الحقوقي تحسنا كبيرا في أبين حيث أشارت الدباء إلى أن الاتحاد يقدم المساندة القانونية لنساء أبين من أجل المطالبة بحقوقهن والتخفيف من معاناتهن وإدماجهن في مشاريع صغيرة تساعدهن على أن يكنّ مستقلات.

وأصبح الناس قادرين على الاستمتاع بأبسط ملذات الحياة من السهر في الهواء الطلق مع الأصدقاء إلى مشاهدة المباريات الرياضية، بحسب ما ذكر ناصر منصري، الأمين العام للمجلس المحلي لمديرية خنفر والتي أعلنت القاعدة عاصمتها جعار إمارة إسلامية في 2011.