هادي والإخوان.. تجاوزوا الخطوط الحمراء لدى صالح
فتح الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، هذا الأسبوع، بعد أكثر من عامين في السلطة، صراعاً خطيراً مع الرجل الذي كان رئيسه.
صالح، هو رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام. وهادي، نائب صالح، لذا يعتبر صالح هو رئيس الرئيس.
إن شعبية حزب المؤتمر الشعبي العام تنمو بشكل كبير، مع فشل الحكومة الجديدة، التي تواجه تحديات هائلة.
هادي يريد صالح بعيدًا عن السياسة، بعيداً عن الحزب، بل وحتى خارج البلاد. هذا أمر صعب للغاية، إن لم يكن مستحيلاً. لا يمكن أن يتم أي واحدة من هذه بالقوة.
إن استمرار وجود صالح لا يتعارض مع اتفاق الانتقالية المعتمدة دولياً. وقع صالح الاتفاق بصفته رئيساً لليمن ورئيساً للمؤتمر الشعبي العام.
لكن هادي، على ما يبدو، بدأ يعتقد أن صالح وراء فشل حكومته، التي لا تستطيع حتى حماية الجيش والأمن من الاغتيالات الشبه يومية.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال الرئيس صالح: إن المشكلة لا تكمن فيه، ولكن تكمن المشكلة في حكام اليمن الجدد الذين يشعرون بأنهم ما زالوا موظفين لعلي عبدالله صالح.
لا يمكن أن يصبح هادي رئيس المؤتمر الشعبي العام بين عشية وضحاها من دون انتخابات ودون مؤتمر الجمعية العمومية.
لا يمكن لهادي، ولا أي يمني إجبار صالح على مغادرة البلاد، وذلك ببساطة لأن الروابط القبلية وشعبية المواطنين هي أقوى بكثير من أي توجيه حكومي.
صالح لا يزال يستطيع أن يجلب الآلاف من رجال القبائل المسلحين للدفاع عنه.
هادي يعرف هذا جيداً. لذلك فهو يسعى لوخز ظهر صالح ليرميه خارج الحزب وخارج بلاده من خلال إقناع المجتمع الدولي وتبريره لهم بأن صالح هو وراء كل ذلك.
وصل خبراء الأمم المتحدة اليمن في وقت سابق هذا الشهر لجمع المعلومات عن المفسدين المزعومين الذين هم وراء فشل صفقة الانتقال.
ومن الواضح أن الخبراء سيقدمون تقريراً إلى لجنة مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق من هذا الشهر في نيويورك بشأن العقوبات على معرقلي الانتقال.
ولذ أراد هادي أن يثير الرئيس صالح بفعل شيء خاطئ كي تكون ذريعة يتخذها كدليل للخبراء بأن الرئيس صالح يلعب دور المفسد.
هادي قام بإثارة الرئيس صالح عن طريق القيام بأمرين يعتبرهما البعض "الخطوط الحمراء" بالنسبة للرئيس صالح.
لقد استخدم هادي سلطته للسيطرة على محطة "اليمن اليوم" و"مسجد الصالح" التابعة للرئيس صالح. فهادي وحاشيته من بعض الأحزاب وبعض المتنفذين في السلطة ينظرون اإلى أن محطة "اليمن اليوم" و"جامع الصالح" هما السبب وراء ازدياد شعبية صالح.
ولذا فإن الكثير ممن ذكرنا فكروا بأن الرئيس صالح لن يتحلى بالصبر بعد إغلاق هادي له التلفزيون ومسجده. ولكن صالح قد أظهر مزيداً من الصبر من أي وقت مضى.
بل إن صالح منع مؤيديه المسلحين من القيام بأي شيء في الانتقام قائلاً: "يتعين علينا أن نستخدم نفس الحكمة التي استخدمناها خلال الأزمة عام 2011."
وقد شهدت العاصمة صنعاء أعمال شغب قوية من جانب المتظاهرين الغاضبين الذين كانوا يسدون الشوارع وأشعلوا إطارات مطالبين بالوقود والكهرباء وقد كانت قناة "اليمن اليوم" تغطي كل التظاهرات والاحتجاجات دقيقة بدقيقة.
وانتشرت شائعات بأن انقلاباً يجري ضد هادي وراء مثل هذه المشاهد. بل وطارت الشائعات من الإخوان المسلمين ووسائلهم الإعلامية واتهموا أنصار الحوثيين وصالح بالوقوف وراء محاولة الانقلاب المزعومة.
ومع ذلك بعث الرئيس هادي قوات ضخمة من الحرس الرئاسي وأكثر من 15 عربة مدرعة وقامت باقتحام محطة التلفزيون التي كانت تغطي احتجاجات المتظاهرين الغاضبين، وبعضهم كانوا يحملون صور الرئيس السابق صالح ومشيدين بأن فترة حكمه كانت أفضل من الآن بكثير على الأقل من حيث الوقود وغيرها من الخدمات العامة والأمن.
إن حوالى 100 جندي اقتحموا استوديوهات قناة "اليمن اليوم" وبعنف انتهى البث وإجلاء جميع الموظفين. دمروا الاستوديو ونهبوا المعدات الثمينة، بل وحتى تلفونات الموظفين الشخصية ونسوا أن كاميرات المراقبة صورت كل أعمالهم غير المشروعة واللاأخلاقية.
إن الأفعال الهمجية التي قام بها هادي وقواته، دانتها بشدة منظمات صحفية عربية ودولية وكذا أنصار ومحبو قناة "اليمن اليوم"، بل حتى دانها جميع المناضلين من أجل الحرية داخل اليمن وخارجها.
بعد الادانات من جميع أنحاء العالم، قال هادي في بيان، إنه أغلق قناة "اليمن اليوم" بصفته الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام. وقال إنه فعل ذلك لمصلحة الحزب برئاسة سلفه الرئيس السابق صالح.
في بيانه الخاص، سأل الرئيس صالح لماذا استخدمت القوة، ولماذا دمرت ونهبت المواد إذا كانت المسألة حزبية. لقد استأنفت القناة البث، وبينت أن حراس هادي اقتحموا مكاتب القناة والاستوديوهات ونهب وتدمير كافة المعدات.
وفي اليوم التالي، أرسل هادي قوات أكبر لتطويق مسجد الصالح. وقد تصدت حراسة الجامع ورفضت المغادرة أو تسليم المسجد. ولذا أغلقت قوات الرئاسية جميع أبواب الجامع وجميع الطرق المؤدية إلى الجامع بالدبابات والرشاشات الثقيلة.
وقامت وسائل الإخوان بنشر شائعة بأن هناك الكثير من الأسلحة تم تخزينها في الطابق السفلي من المسجد الذي يقع على مقربة من مقر الرئاسة.
مرة أخرى الرئيس صالح يهدئ أنصاره الغاضبين قائلاً لهم إذا فعلنا أي شيء خاطئ أو اشتبكنا معهم، فإن هذا سيرضي خصومنا وخاصة الإخوان الذين يريدون من هادي أن يتصادم مع صالح.
وقد قال محمد عبدالملك المتوكل، الأمين العام لاتحاد القوى الشعبية، بأنه إذا تصادمت قوات هادي وأنصار صالح، فسوف ينظر إلى صالح باعتباره المفسد في نظر المجتمع الدولي وخبراء مجلس الأمن الدولي، مما يؤدي إلى فرض عقوبات.
هذا أولاً. أما الثاني، فإن هادي سيفقد حزبه وبالتالي سيضطر باللجوء إلى جماعة الإخوان لدعمه.
لقد بذل الإخوان قصارى جهدهم لإقناع هادي بأن صالح وراء مؤامرة الانقلاب المزعومة من قبل الإخوان وبعض المتنفذين في السلطة التي لهم مصالح شخصية حيث قاموا، أيضاً، بإقناعه بأن القناة والمسجد هما السبب الرئيس في تلك المؤامرة.
* ترجمة عن "الأهرام ويكلي"