«البقاء في المنزل»... الدواء المرّ لمواجهة الجائحة

يبدو أن العالم يتأهب لاحتمالات عودة قيود الإغلاق مجدداً، بسبب زيادة حالات الإصابة والوفاة بفيروس «كورونا المستجد» المسبب لمرض «كوفيد – 19»، وهو ما يجعل من تقييم الأثر الصحي والاقتصادي لقرارات الإغلاق أمراً مهماً عند إعادة اتخاذ القرار مجدداً.

وخلال دراسة نُشرت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري في دورية «الجمعية الطبية الأميركية»، خلص الباحثون من جامعة ألاباما، إلى أنه في حال الخروج من المنازل، كان من الممكن أن تشهد الولايات المتحدة معدلات إصابة أعلى بنسبة 220% ومعدل وفيات أعلى بنسبة 22%.

وحللت الدراسة معدلات الحالات الإيجابية اليومية على مستوى الولاية مقابل وجود أو عدم وجود أوامر البقاء في المنزل على مستوى الولاية، ونظر الفريق في الفترة الزمنية من 1 مارس (آذار) إلى 4 مايو (أيار) 2020.

ويقول كبير مؤلفي الدراسة الدكتور بيساخا سين، في تقرير نشره أول من أمس، الموقع الإلكتروني لـ«ألاباما»: «خلال شهري مارس وأبريل (نيسان)، فرضت معظم الولايات في أميركا عمليات إغلاق وأقرت البقاء في المنازل في محاولة للسيطرة على المرض، ومع ذلك، فإن الرسائل المختلطة من السلطات السياسية حول فائدة الإقامة في المنزل والضغط الشعبي والمخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية أدت ببعض الدول إلى رفع القيود».

واستخدم الفريق البحثي البيانات التي تم جمعها من مشروع تتبع «كوفيد – 19»، الذي أطلقته مجلة «ذا أتلانتيك»، وتضمن بيانات من الوكالات الصحية الحكومية.

تقول الدكتورة سانجيثا بادالابا لانارايانان، من إدارة الخدمات الصحية بوزارة الصحة الأميركية، والمشاركة بالدراسة: «تشير نتائجنا إلى أن سيناريو عدم إصدار قرارات البقاء في المنزل خلال هذه الفترة الزمنية كان سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الحالات التراكمية بنسبة 220% وزيادة معدلات الوفيات التراكمية بنسبة 22%».

ولأغراض الدراسة، تم اعتبار سياسة البقاء في المنزل سارية المفعول عندما أصدر حاكم الولاية أمراً لسكان الولاية بأكملها بمغادرة المنزل فقط للأنشطة الأساسية، وعندما تم إغلاق المدارس والشركات غير الضرورية، ولم تفرض سبع ولايات هذه السياسة أبداً، ورفعت 12 ولاية هذه الإجراءات قبل 4 مايو.

وفي حين أن التكلفة الاقتصادية المرتفعة تجعل من البقاء في المنزل دواءً مراً لعلاج المشكلة، فإن النتائج التي توصلت إليها الدراسة يمكن أن تساعد صانعي السياسات الفيدراليين والمحليين في موازنة التكاليف والفوائد بين إعادة استخدام هذا الدواء المرّ، أو التخلي عنه خوفاً من التداعيات الاقتصادية.

وبينما أعلنت بعض الدول أنها لا تبدو مستعدة لتجرع هذا الدواء مجدداً، فإن هذه الدراسة تشير إلى أن تكلفة ذلك ستكون إزهاق المزيد من الأرواح، وهي تكلفة عالية جداً. يرى الدكتور أحمد سالمان، مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات في معهد «إدوارد جينر» بجامعة أكسفورد، أنها قد تدفع هذه الدول لتغيير وجهة نظرها.

يقول سالمان، العالم يحتاج إلى عامين حتى يعود إلى حياة ما قبل «كوفيد – 19»، وهي الفترة اللازمة لاعتماد لقاحات وإنتاجها وتوزيعها على كل دول العالم، حيث أصبح العالم قرية صغيرة ومن دون تلقيح ما يقرب من 60% من سكان العالم لا يمكن أن تتشكل مناعة القطيع التي تسمح بعودة الحياة الطبيعية في العالم.