استثمار الغباء ماركة إخوانية مُسجَّلة.. "انقلاب" عاقل الحارة.. و"سلام الله على عفاش"!

في إحدى لقاءاته الرسمية، تحدث الرئيس عبد ربه منصور هادي، العام الماضي عن واقعة فساد بمبلغ مليار ونصف المليار ريال، بطلها وزير المالية (المعزول) صخر الوجيه، وكلمة الرئيس مسجلة وموجودة على اليوتيوب وليس هذا سراً يُذاع الليلة.

ما قاله الرئيس هادي، حينها، أنه اطلع على مخطط لمشروع قدمه له وزير المالية وتم اعتماد التكاليف وصرفت، ليتأكد بعدها أن المشروع ليس له وجود ولا توجد حتى حجر الأساس.

كلمة الرئيس، حينها، وما تضمنته من انتقاد علني للوزير الوجيه، كانت تجمل دلالة واضحة عن فساد الوزير، وعجز الرئيس عن تغيير، إن لم يكن تصرُّف رئاسي، لتجنب الدخول في مواجهة مع آل الأحمر شيوخ حاشد الأقوياء، حينها، المطرودين حالياً؛ كون وزير المالية كان ممثلاً لهم أو عنهم في الحكومة إلى جانب رئيس الحكومة ووزيري الكهرباء والإعلام ممثلين للواء الأحمر.

قوة الإصلاح وشيوخ حاشد واللواء الأحمر، كانت ـ حينهاـ تخيف الرئيس هادي وهم يهددونه بثورة الشباب وبالشارع واستمرار الثورة كل يوم وفي كل مناسبة.

بعد الثورة الحوثية في شمال الشمال، وفتوحات أبو علي الحاكم في معاقل الإصلاح، وشيوخ حاشد وإضعاف هذه الأطراف المتحالفة الثلاثة، وبعد أن سلم الحوثيون عمران للرئيس هادي، بعد أن انتزعوها من شبكة تحالف الإخوان بأجنحتها الثلاثة، كان على الرئيس أن يقتنص الفرصة ويقوم بتأمين بيت المال وإمداد الطاقة وبوابة مكتبه، وكان لابد من ثمن ودوشة وضحايا وقرابين.

كان الرئيس هادي يعلم بأزمة المشتقات النفطية، وهو ليس بعيداً أو غريباً عن الدار والوضع، فهو الرجل الأول في البلاد، وكان وزير مالية بيت الأحمر نداً عنيداً وقوياً للرئيس هادي في رفضه دفع فواتير إمداد الطاقة، ومعروف أن الطاقة والمال عصب الحكم، وعليه قرر هادي استثمار الوضع لتأمين مخاوفه وإزاحة العقبات الثلاث التي تعترض راحلته.

اشتدت أزمة المشتقات النفطية، وتوسعت رقعة الظلام في البلاد بفعل التخريب، وجميع المسئولين عن هذه الملفات هم: علي محسن الأحمر والإصلاح وآل الأحمر الشيوخ المطرودين؛ كونهم من اختاروا وزراء الداخلية والكهرباء والمالية، والطرف الآخر المسئول هو وزير الدفاع المحسوب على الرئيس هادي، غير أن الأطراف كل كان يتربص بالآخر.

الإصلاح وحلفاؤه، كانوا يسعون لتمرير جرعة سعرية برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وهم الذين عارضوا هذا التوجه إبان فترة الإصلاحات الاقتصادية أيام حكومات المؤتمر الشعبي العام، رغم إلحاح المانحين والرعاة الدوليين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي حينها.

كان الإصلاح وشلته يسعى إلى استثمار ردة فعل الشارع ضد الرئيس، من خلال رفع الدعم وتمرير جرعة وتحميل الرئيس تبعات تلك العملية. وما تنشره مؤسساتهم الإعلامية وقادتهم السياسيون خير دليل على ذلك.

وكان الرئيس بحاجة إلى حُجَّة وذريعة للتخلص من خصومه الثلاثة: الوجيه وسميع ومدير مكتبه نصر طه مصطفى.

صراع الطرفين، كان لابد له من مسوغ ومخرج، فترك الرئيس الأزمة تشتد ولم يوجه المالية بالتحرك مع النفط لحل الأزمة، وظل صامتاً ينتظر شرارة الغضب.

وحين اشتد على الناس بأس الوقيعة.. الظلام واختفاء الوقود وعدم وجود ماء، وتعطل حياتهم، رابطوا في المحطات والمعاناة تستمر؛ ليقوم بعضهم بتحركات عفوية غاضبة تعبيراً عن الاحتجاج ومطالبة الجهات المختصة بتلبية احتياجاتهم.

الاحتجاجات كانت متواضعة من حيث الكم، وقطع الطرقات عمل سهل ممكن لخمسة أفراد أن يقوموا بقطع شارع وإشعال إطار وإثارة الدخان في الهواء، وثورة الشباب قد علمت جميع أساليب الاحتجاج وممارسات الغضب.

هادي.. حين شاهد سماء العاصمة ملبداً بدخان الإطارات، أدرك أن الفرصة حانت، فنزع الثلاثة الذين دوَّخوه، وعين بدلاً عنهم مقربين منه في النفط ومكتب الرئاسة والمالية، أيضاً، حتى ولو كان من قبيلة حاشد، لكنه وزير لا يملك ظهراً يستند عليه في رفض توجهات الرئيس، في حين كانت غير صائبة، كما كان صخر الوجيه يقول.

ووسط هذه الجلبة، احتاج هادي لإشعال إطار في مكان آخر؛ ليشاهد الناس الدخان وينشغلوا بما فعل ويبرر أيضاً أنه متشنج وقوي وقادر على فعل ما يريد رغم تخبطه الواضح، حيث غـيَّر 4 وزراء للنفط خلال فترة قياسية وغير مسبوقة في كل بلدان العالم.

اقتحام قناة "اليمن اليوم" والحديث عن مخطط انقلابي... و...و... وغيرها من التسريبات كانت كفيلة بتجنيب هادي مشقة سماع اعتراضات الاشتراكيين والناصريين على تمليك الإعلام للإصلاح، وحنق آل الأحمر على خلع الوجيه صخر والإصلاح على نقل المدلل نصر، الذي كان يتكئ على بوابة الرئاسة حاكماً ومعيناً ومرشحاً... و...و... إلى آخر قائمة الصلاحيات الممنوحة.

الإصلاح أراد أن يستثمر ما حصل بطريقة مختلفة، وتحميل المؤتمر والرئيس السابق المسئولية عن ما يحصل من فشل لحكومة يرأسها ممثلهم العجوز باسندوة، مستغلين أيضاً ثعلبة هادي في تعامله معهم رغم أنه كان أكثر دهاءً منهم، ووصل إلى ما يريد، في حين بقوا هم يكررون اسطوانتهم المملة بتحميل النظام السابق كل ما يجري.

وزارة الداخلية تعلن أسماء من يخربون أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والدفاع تناوشهم بين الحين والآخر بالرصاص المطاطي، والأمن القومي يفاوضهم على صفقات مذلة، ورئيس جهاز الأمن السياسي بكل قدرة تحول إلى وسيط وشيخ قبلي رغم مكانته المهنية وذلك لتهدئة القبائل وترميم فشل حكومة العجوز باسندوة.

عجائز الجيش الفارين إلى حضن الثورة بزعامة اللواء علي محسن الأحمر، الذي يعاني مرارة الهزائم القاسية في مناطق نفوذه وقوته السابقة عمران وصنعاء المحافظة، بعد انتصارات الحوثيين على أدعياء الجهاد وفتوات النصر المزعوم في أرحب والحيمتين، هؤلاء، أيضاً، كان لهم حضور طريف يحمل من السخف والاستخفاف الكثير حين تحدثوا عن انقلاب ومحاولة إطاحة بالرئيس... و...و... رغم علمهم، كضباط في جيش اليمن المغدور به، أنه يستحيل تنفيذ هذا السيناريو مهما كانت المؤشرات، لاعتبارات كثيرة يدركها العجوز الخرف وعصابته.

بيان الأحمر وشلته الانقلابية، حمَّل المؤتمر كل ما يحصل من تخريب وقطع للطرقات وتدمير للكهرباء. وفي ذات البيان دعا الحكومة لتحمل مسئوليتها ودعا المؤتمريين للوقوف ضد المخربين في موقف يكشف التخبط الواضح في تقدير المواقف وإصدار الأحكام.

للدولة وزيرا داخلية ودفاع وجيش وأمن وجهازا مخابرات.. فأين هم مما يجري من تخريب، وكيف لم يحركوا ساكناً عن هذه الأعمال التي أتعبت المواطن المتعب بفعل سلوكيات وفشل حكومة العجوز باسندوة؟!

ولماذا اعتبر احتجاج بعض الغاضبين من سكان العاصمة محاولة انقلاب بينما تظاهرات الحوثيين والإصلاح سلمية وبريئة ووطنية؟!

الإصلاح وقادته منذ فترة، بدأوا الترويج لفكرة المخطط الانقلابي بعد أن توسعت معاول الحوثيين في هدم عروشهم بشكل متسارع وهم بحاجة إلى قلب الطاولة وإعادة الرئيس هادي إلى صفهم وجره إلى مواجهة مع الحوثيين وحماية الإصلاح من تمدد أنصار الله.

بينما الرئيس هادي يعرف جيداً أنه لا يوجد مخطط انقلاب ولا نية لذلك ولديه معلومات بكل ما يجري، وإنما هو يستثمر الأوضاع لصالحه، ومن يتابع يدرك أن كل تغييرات الرئيس تكون مصاحبة لحالات ملتبسة: تفجيرات.. تظاهرات.. عمليات إرهابية... و...و... والقادم يحمل الكثير من هذه النوعية من القرارات.

إذا كانت هناك محاولة انقلابية، فلماذا لم يتم اقتحام قاعدة ريمة حميد الاستخباراتية العسكرية العابرة للقارات بدلاً من مهاجمة قناة تلفزيونية بداخلها مجموعة من الصحفيين والتقنيين؟!

وإذا كانت هناك محاولة انقلاب، فهل الانقلابات تحصل بإحراق إطارات، وهل عقال الحارات من ينفذون الانقلاب، كما روج لذلك الخرفان، وإذا كان هناك مخطط انقلاب، هل يقرأ البيان الانقلابي من قناة خاصة من تلفزيون البلد الرسمي، وإذا كان هناك انقلاب مزعوم، فأين من ألقيتم القبض عليهم كما حصل مع صالح إبان انقلاب الناصريين الفاشل؟؟!

علي محسن الأحمر هو من أحبط انقلاب الناصريين في السبعينات وهو من سحل وقتل خلايا الانقلاب حينها، وهو مهندس انقلاب 2011 الفاشل، وهو أعلم بتفاصيل الانقلابات.. فهل صادف انقلاباً ينفذه عقال حارات وسائقو سيارات يبحثون عن دبة بترول ليترزقزا الله بسياراتهم؟؟!

صالح.. سلَّم السلطة، وصاغ بيده مبادرة الخليج، واقترح مكان التوقيع.. ونجله أحمد علي، سلَّم قوات النخبة في الجيش اليمني، والتي يصل قوامها إلى 100 ألف فرد بتسليحهم الجيد والنوعي.. وعمار صالح، ليس بحاجة إلى كهف أو حفرة تحت الأرض ليخطط لانقلاب، فهو كان موظفاً حكومياً يعمل لصالح بلده واقتضت الظروف نقله إلى عمل آخر..

قبل أيام كان الإصلاح وعجائزه وشيوخه المحورون، يزعقون من خطورة الحوثيين وقربهم من إسقاط صنعاء، وبين ليلة وضحاها تحول الحديث إلى صالح ليقوم بانقلاب...

اطلبوا من رئيس جهاز الأمن القومي أن يكشف لكم تفاصيل مخطط الانقلاب ويعلن للشعب الحقيقة كرجل دولة ومسئول أمني، وقتها لكل حدث حديث.. أما أحاديث المقايل والتنجيم والكذب والتزوير للحقائق، فلم يعد أحد يصدقكم..

أخيراً.. يجب أن نضرب ألف حساب لقناة "اليمن اليوم"؛ كونها كانت تخطط لانقلاب.. انقلاب تخططه قناة خاصة وعقال حارات.. اللهم لا شماته، والعقل زينة ـ كما يُقال ـ وقد تكون هزائم الإخوان في مصر وليبيا وفشلهم في سوريا وسقوطهم في اليمن سببت لهم فيروس أعطب خلايا أدمغتهم الخرفة... وسلام الله على عفاش.