ديبلوماسي يمني يتساءل عن الحاجة لدعوة المشترك إلى مؤتمر وطني جديد

تساءل دبلوماسي يمني عن حاجة اليمن لمؤتمر وطني جديد دعت لانعقاده أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة السابقة وشريكة الحكم منذ 2011م) للبحث في قضايا رأت حاجة ماسة لمناقشتها والبحث في تفاصيلها، واستغرب في الوقت ذاته من أغلب مطالب المشترك التي يقع صلب عمل ومسئولية الحكومة المشاركين فيها مناصفة مع المؤتمر الشعبي العام.

وقال سفير اليمن في مملكة اسبانيا، مصطفى أحمد النعمان، في مقال نشرته وسائل إعلامية: "كان الأجدر بأحزاب المشترك البدء بتقديم جردة حساب عما أنجزته خلال تلك الفترة. حين انتهت لقاءات الموفينبيك خرج المجتمعون بوثيقة قال الذين صوتوا على بنودها إنها حبل نجاة اليمن من كل مآسيه، لكن الواقع أثبت أن جشع بعض الأحزاب عرقل محاولات التحرك بها إلى الأمام، وزادت ضغوطها على الرئيس هادي لكبح جماح مساعيه في معالجة مواقع الخطأ ومكامن الفشل، وتعمدت وضع العراقيل أمامه لتخلق مناخاً قلقاً لا يسهم في التحرر من إصرارها على الاستيلاء على مزيد من المواقع في كل مؤسسات الدولة ومفاصل الحكومة".

وأضاف: لم تكن الحكومة، بتوليفتها الحالية، قادرة على أن تكون عوناً له لتحقيق ما خرج الناس من أجله إلى ساحات التغيير وكان مفهوماً ومتوقعاً أن تدعو الأحزاب ممثليها في مجلس الوزراء لتحمل مسؤولياتهم الدستورية والأخلاقية وأن يحترموا القسم العظيم الذي أداه البعض مرات عديدة وانضم إلى طابورهم نفر قليل وأن تطلب منهم الالتفات إلى المعاناة التي بلغت حداً فاق احتمال المواطنين البسطاء في كل مناحي الحياة وما عاد من المعقول ولا المقبول أن تتغاضى الأحزاب عن كل تقارير الفساد التي طالت أغلب الوزراء وانبرى كل حزب للدفاع عن ممثليه ورفعهم إلى مرتبة المنزهين عن الخطأ.

ولفت إلى أن المعضلات التي تواجهها البلاد ليست خافية على أحد وتفاصيلها معروفة للجميع، وعوامل التآكل المتسارع يدركها القاصي والداني، ولكن المعالجة لا يمكن أن تتم من خلال مؤتمر جديد لأنها مسائل تستدعي قبل ذلك أن تجيب الأحزاب التي دعت إليه عن سؤال بسيط: هل الحكومة الحالية التي لهم فيها رئيسها ونصف مقاعدها قادرة بتشكيلتها الحالية على إدارة شأن البلاد والعباد؟ هذا هو جوهر المشكلة الحقيقية ولا حاجة إلى التذرع بأهمية التوافق حول قضايا نعلم أن الحكومة عاجزة على مواجهتها خشية غضب الناس.

وأشار إلى أنه ليس المقصود هنا الخوف من إلغاء دعم المشتقات النفطية فقط، ولكن لأن الفشل يلاحقها في كل أدائها منذ يومها الأول وهو ما يجعلها مكشوفة أمام الرأي العام الذي يمكنه تقبل الإجراءات الضرورية لحماية البلاد اقتصادياً، ولكنه لن يتقبل تحملها منفرداً بينما هو يشاهد الوزراء يسيرون بسيارات مدرعة ومواكب من المسلحين بحجة أنهم معرضون للخطر، ولو كان الأمر كذلك فإن المنطق يستدعي استبعاد هؤلاء وقد اعترف أحدهم أنه يحيط منزله بأربعة وعشرين مسلحاً لحمايته وهو على رأس مؤسسة لا علاقة لها بحياة الناس اليومية.

وأوضح أن اليمن منذ 2009 يمر بحالة شلل اقتصادي مروع وارتباك في المشهد السياسي وغموض في مستقبل أبنائه وكل هذه لا يجوز أن يتم تصوير تناوله ومعالجته بالدعوة إلى عقد مؤتمر وطني بعد أشهر قليلة من انفراط عقد لقاءات الموفينبيك والضجيج الذي صاحبها والنفقات التي استنزفت على المشاركين فيها.

ونوه إلى أن الدستور الحالي كافٍ ويمنح الرئيس كل الصلاحيات لإجراء التغييرات التي يحتاجها المواطن بأسرع ما يمكن، ولا يجوز أن يبقى الوطن أسيرًا لمفردات الوفاق الوطني الذي استفادت منه الأحزاب فقط بتوزيع المناصب والمواقع على مناصريها مستبعدة كل من لا ينتمي إليها بحجة أنها كانت محرومة من المشاركة في الماضي.

وذكر أن اليمن ينتظره مستقبل غامض يقع عبئه على الرئيس هادي الذي يملك من الشرعية ما يكفيه للخروج من الحصار المفروض عليه، ولكنه لن يستطيع احتمال أثقاله بأدوات وصفها بـ"الصدئة ومتزلقة ومنافقة"، بسبب ما يجري على الأرض من صعدة حيث يرسخ الحوثيون أقدامهم غير عابئين بما يفكر فيه المركز المقدس، إلى أطراف المهرة التي يتنازع التحكم بمستقبلها حكام قدامى وطامحون جدد.

وعبّر عن استيائه من دفاع الأحزاب اليمنية عن وزرائها بينما ترسل محكمة في إسرائيل رئيس وزراء سابقا إلى السجن بتهمة سوء استخدام السلطة والفساد ولم يتجرأ حزبه ولا حتى أنصاره على الدفاع عنه، وكذا ما حدث في الوقت الذي توقفت فيه كل المشاريع الحكومية والخاصة بسبب استفزاز المسئولين خصوصاً أولئك الذين كانوا يكثرون من الحديث عن الفساد لمشاعر المواطنين من خلال حركة البناء التي كانت تتم داخل أسوار بيوتهم الضخمة، كما صار القادمون أكثر استفزازاً بمواكبهم في الوقت الذي يقف فيه المواطنون لساعات طويلة أمام محطات البترول ويشاهدون حركة بناء نشطة للوزراء في مساكنهم والبلاد معطلة عن الإنتاج.

ورأى أن الأداء المحبط للحكومة الحالية مخيب لطموح الشباب الذين قادوا حراك التغيير حين كانت الأحزاب منغمسة في التفاوض مع الرئيس السابق للتوصل إلى مخرج للأزمة التي بدأت في عام 2009.

وجدد الدبلوماسي النعمان تساؤله حول كيفية أن يثق الشعب برغبتهم وقدرتهم على الفعل الإيجابي في ظل المعضلة التي يواجهها وحيداً ويتحمل مسئوليتها الرئيس هادي، حيث وأن الكثير من مستشاريه القدامى والجدد ينغمس أغلبهم في ترتيبات أوضاع خاصة أو حزبية أو مناطقية.

واعتبر فقرة استحضرها من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بأنها جوهر الوضع المحبط والمحيط بالرئيس هادي، وهي فقرة شيراك مخاطباً فيها الرئيس السابق فاليري جيسكار ديستان: «الكثير يحرصون على أن يرضوك أكثر من أن يخدموا مشروعك، وهذا مما يضعف مضمون قرارك»...، واختتم مقاله بقوله: "ولا أشك في أنه يدرك أن عدداً من الذين كانون يزينون كل قبيح في عهد الرئيس السابق مستمرون في أدوارهم لأنهم يعتبرونها مصدر رزق ووسيلة للتكسب ولو على حساب الوطن والمواطنين".