السودان: المجلس العسكري "مستعد" للتفاوض ومجلس الأمن يفشل في إصدار بيان وقف إطلاق نار

ارتفعت حصيلة قتلى فض الاعتصامات في السودان إلى 60 شخصا وفقا لتصريحات لجنة الأطباء السودانية. ازدادت الأمور تعقيدا بفشل محاولة مجلس الأمن الدولي إصدار بيان لوقف فوري لإطلاق النار. المجلس العسكري من جهته ينفي تهمة قتل المتظاهرين كما أعرب الأربعاء عن استعداده للتفاوض لمصلحة بلاده، لكن قوى الحرية والتغيير رفضت استكمال المفاوضات مع المجلس العسكري.
 
قالت لجنة أطباء السودان المركزية في وقت مبكر اليوم الأربعاء إن عدد الأشخاص الذين قتلوا منذ اقتحمت قوات الأمن مخيما للاحتجاج خارج مقر وزارة الدفاع في وسط الخرطوم يوم الاثنين ارتفع إلى 60. وكانت آخر إحصائية للقتلى تشير إلى أن العدد 35.
 
واتّهم أعضاء من اللجنة، خلال مؤتمر صحافي في لندن، القوّات الأمنيّة بمهاجمة مستشفيات في كلّ أنحاء البلاد طيلة الفترة الماضية. وتحدّثوا عن عمليّات اغتصاب في الخرطوم، من دون تحديد مصدر المعلومات.
 
طريق مسدود
 
ووصلت المحادثات بين المجلس العسكري والمعارضة إلى طريق مسدود في ظل خلافات عميقة بشأن من ينبغي أن يقود المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية ومدتها ثلاث سنوات. وعاد رئيس المجلس العسكري السوداني عن قراره بإيقاف المحادثات مع الحركات الاحتجاجية صباح الأربعاء عبر تصريح جاء فيه "نفتح أيدينا لتفاوض لا قيد فيه إلا لمصلحة الوطن".
 
مجلس الأمن يفشل بإصدار بيان بشأن السودان
 
فشل مجلس الأمن الدولي الثلاثاء بإدانة قتل مدنيّين في السّودان وبإصدار نداء دولي ملحّ لوقف فوري للعنف في هذا البلد، وذلك بسبب اعتراض الصين مدعومةً من روسيا، بحسب ما أعلن دبلوماسيّون.
 
ووزّعت بريطانيا وألمانيا خلال اجتماع مُغلق لمجلس الأمن بيانًا يدعو الحكّام العسكريّين والمتظاهرين في السّودان إلى "مواصلة العمل معًا نحو حلّ توافقي للأزمة الحاليّة"، وفقًا لمسوّدة البيان الذي اطّلعت عليه وكالة الأنباء الفرنسية.
 
غير أنّ الصّين اعترضت بشدّة على النصّ المقترح، فيما شدّدت روسيا على ضرورة أن ينتظر المجلس ردًّا من الاتّحاد الإفريقي، بحسب ما قال دبلوماسيّون.
 
واعتبر نائب السّفير الروسي ديمتري بوليانسكي أنّ النصّ المقترح "غير متوازن"، مشدّدًا على ضرورة "توخّي حذر شديد" حيال الوضع. وقال "لا نريد الترويج لبيانٍ غير متوازن. فذلك قد يُفسد الوضع".
 
المحتجون عازمون على مواصلة حراكهم
 
ودعا قادة الحركة الاحتجاجيّة في السودان من جهتهم الثلاثاء، أنصارهم إلى تنظيم تظاهرات جديدة، رافضين دعوة وجّهها المجلس العسكري إلى إجراء انتخابات عامّة في فترة لا تتجاوز تسعة أشهر.
 
وأطاح المجلس العسكريّ في نيسان/أبريل الرئيس عمر البشير بعد أشهر من الاحتجاجات. وكان المجلس وافق على فترة انتقاليّة مدّتها ثلاث سنوات لتسليم السُلطة إلى المدنيّين.
 
لكنّ رئيس المجلس الفريق أوّل ركن عبد الفتّاح البرهان أعلن فجر الثلاثاء التخلّي عن هذه الخطّة، لصالح إجراء انتخابات بإشراف إقليمي ودولي.
 
وقال البرهان "قرّر المجلس العسكري وقف التفاوض مع تحالف قوى إعلان الحرّية والتغيير، وإلغاء ما تمّ الاتّفاق عليه، والدّعوة إلى إجراء انتخابات عامّة في فترة لا تتجاوز تسعة أشهر (بدءًا) من الآن".
 
ورفض تجمّع المهنيّين السودانيّين، أبرز مكوّنات تحالف الحرّية والتغيير الذي يقود الحركة الاحتجاجيّة، الإعلان الذي أصدره المجلس العسكري.
 
ودعت الحركة الاحتجاجيّة أنصارها إلى المشاركة في "عصيان مدني" في أرجاء البلاد لإطاحة المجلس العسكري الحاكم، وذلك بعد العمليّة الدامية لفضّ اعتصامٍ استمرّ أسابيع خارج مقرّ القيادة العامّة للجيش في الخرطوم.
 
وأفاد بيان للتجمّع "لا المجلس الانقلابيّ ولا مليشياته وقياداتها هي مَن يُقرّر مصير الشعب، ولا كيفيّة انتقاله لسلطةٍ مدنيّة".
 
قوى غربية تدين إعلان المجلس العسكري الأحادي بوقف المفاوضات
 
وبعد فشل مجلس الأمن في الاتّفاق، قالت ثماني دول أوروبّية في بيان مشترك إنّها "تدين الهجمات العنيفة في السّودان من جانب أجهزة الأمن السودانية ضدّ المدنيّين".
 
وقالت كُلّ من بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وهولندا والسّويد إنّ "الإعلان الأحادي" الصّادر عن المجلس العسكري "بوَقف المفاوضات وتشكيل حكومة والدّعوة إلى إجراء انتخابات في غضون فترة زمنيّة قصيرة جدًا، هو أمر يُثير قلقًا كبيرًا".
 
ومساء الثلاثاء، ندّدت الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج بتوجّه المجلس العسكري إلى تنظيم انتخابات في أعقاب إنهاء الاعتصام، ودعت بدلاً من ذلك إلى "انتقال منظّم" للسلطة نحو حكم مدني.
 
ومن جهتها قالت وزارة الخارجيّة الأميركيّة إنّ المسؤول الثالث في الوزارة ديفيد هيل بحث الثلاثاء في الأوضاع السّودانية مع الأمير خالد بن سلمان، نجل العاهل السعودي ونائب وزير الدفاع. وأوضحت المتحدّثة باسم الوزارة مورغان أورتاغوس في بيان أنّ هيل "ذكّر بأهمّية الانتقال إلى حكومة مدنيّة وفقًا لإرادة الشعب السوداني".
 
"مجزرة دموية" .. والمجلس العسكري "آسف"
 
ووصف تحالف "قوى إعلان الحرّية والتّغيير" ما تعرّض له "الثوّار المعتصمون" الإثنين بأنّه "مجزرة دمويّة".
 
وكان المجلس العسكري الانتقالي أعرب في بيان على تويتر عن "أسفه" لتطوّر الأوضاع عقب فضّ الاعتصام، وقال "قامت قوّة مشتركة من القوّات المسلّحة والدّعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات وقوّات الشرطة بإشراف وكلاء النيابة، بتنفيذ عمليّة مشتركة لنظافة بعض المواقع المتاخمة لشارع النيل والقبض على المتفلّتين ومعتادي الإجرام".