تحقيق أمريكي يكشف كيف يسرق الحوثيون فقراء اليمن

نشرت شبكة "سي إن إن" الناطقة بالانجليزية تحقيقاً استقصائياً من داخل اليمن، خلص إلى أن جزءاً من المعونات المقدمة لليمنيين، يتم الاستيلاء عليها من قبل جماعة الحوثيين.

وقال تقرير للأمم المتحدة العام الماضي، إن مساعداتها الغذائية والإنسانية يسرقها الحوثيون ولا تصل للعائلات المحتاجة. وحذرت من أن عمليات الاستيلاء على المساعدات من قبل الجماعة المسلحة في اتساع.

وأجرت "سي إن إن" مقابلات مع عائلات وأشخاص من مناطق تعاني من مجاعات في اليمن، حيث أكدوا أنهم لا يتسلموا المساعدات رغم وصولها لمناطقهم.

أحد هذه المناطق تدعى قرية "بني قيس" شمال غربي اليمن، والتي ظهر على سكانها علامات الجوع وسوء التغذية نتيجة عدم تسلمهم أي حبوب أو زيت طبخ على مدار شهور.

ويقول تقرير "سي إن إن"، إن سكان القرية هم ضحايا الخلاف بين برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من جهة، وضحايا وكالة إغاثية أخرى تابعة للحوثيين وهي الموكلة بتوزيع مساعدات برنامج الأغذية العالمي.

وأكدت "سي إن إن"، أن المساعدات التي يتم سرقتها من قبل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، على نطاق أكبر بكثير مما تم الإبلاغ عنه من قبل.

وعقد برنامج الأغذية اتفاقاً مع منظمة أخرى غير حكومية في قرية بني قيس، حيث تعيش إسهام بشير وأخيها، والذين لا يستطيع والدهما جني أكثر من 25 سنتاً في بعض الأيام من وراء بيع المياه، وتعيش الأسرة على الخبز والمياه فقط.

وأوضح تقرير "سي إن إن" أن برنامج الغذاء العالمي، احتج العام الماضي على سرقة 1200 طن من مساعدات الغذاء عن المكان الذي كان مقرراً أن تصل إليه في العاصمة صنعاء.

وبحسب التحقيق، فإن 60 بالمئة من المستفيدين من هذه المساعدات والموزعين على سبع مناطق في العاصمة لم يتسلموا أي مساعدة، فيما أكد برنامج الغذاء العالمي أن هناك تزويراً في السجلات قد حدث، إذ تم تسليم معونات لأشخاص غير مصرح لهم، فيما بيعت بعضها في أسواق صنعاء.

تزوير السجلات

وتحدثت الشبكة إلى موظفي المنظمات غير الحكومية اليمنية والدولية، والمسؤولين المحليين والمقيمين في أربع محافظات يسيطر عليها الحوثيون وحصلت على وثائق الأمم المتحدة التي توضح بالتفصيل نطاق المشكلة الذي كان خفياً في السابق.

وفي مارس الماضي، أجرت "سي إن إن" مقابلة مع 10 نساء من أمانة العاصمة في صنعاء، وهي الجهة الموكلة بتوزيع المساعدات، حيث أكدن أنهن لم يتسلمن نصيبهن، وأن الأمانة هي مركز التلاعب بالمساعدات.

من ضمن هؤلاء، المواطنة اليمنية أميرة صالح التي وجدت اسمها ضمن المدرجين على قائمة المستفيدين من المساعدات، إلا أنها أخبرت الشبكة الأمريكية بعدم استلامها هي وأسرتها المكونة من 10 أشخاص أي مساعدات على مدار الستة أشهر الماضية.

كما وجدت صالح في السجلات أنها تسلمت نحو 600 دولار من جمعية خيرية أخرى، لكنها نفت أن تكون تلقت أي شيء من هذا القبيل.

امرأة أخرى أكدت لـ"سي إن إن" أنها لم تتلق المساعدة لأنها لا تمتلك وثائق مثل فواتير الكهرباء أو شهادات مدرسية، والتي لا تستطيع الحصول عليها إلا من المدينة التي فرت منها جراء الحرب.

وكشف تقرير الشبكة الأمريكية، أن صنعاء ليست المدينة الوحيدة المتضررة من هذا الأمر، وإنما هناك 33 منطقة أخرى في مختلف أنحاء اليمن لم توزع فيها المعونات كما يجب.

وكان هناك نحو 20 من تلك المناطق، يقع تحت سيطرة الحوثيين، حيث يعيش نحو 70 بالمئة من اليمنيين.

يذكر أن برنامج الأغذية العالمي قد حذر من أن الملايين في اليمن يواجهون الآن أسوأ أزمة جوع في العالم، منذ أن انقلبت الأوضاع السياسية في البلاد في عام 2014.

ولا يعرف كيف يتحصل قرابة الـ 18 مليون يمني في جميع أنحاء البلاد على وجبتهم القادمة يومياً، ويعتبر أكثر من ثمانية ملايين منهم على حافة المجاعة.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) قد أعلنت سابقاً أن 400 ألف طفل في اليمن مصابون بأشد أنواع سوء التغذية.

السيطرة على الغذاء والمعلومات

في الحديدة، هدد مسؤول حوثي باحتجاز فريق "سي إن إن" إذا لم يجلس في اجتماع مع مسؤولي الأمم المتحدة. وفي العاصمة، تم استجواب عامل محلي من المنظمات غير الحكومية من قبل الأمن الحوثي بعد التحدث إلى شبكة سي إن إن دون حضور مسؤول حوثي.

وتقول الشبكة الأمريكية إن الحوثيين يحافظون على بعض العلاقات الجيدة مع الأمم المتحدة والوكالات الأخرى - وبدون مساعدة، سينهار تمردها تحت وطأة الرعب المطلق المتمثل في الملايين الذين يتضورون جوعاً.

وبحسب الشبكة، بينما يبذل المتمردون قصارى جهدهم لسحر الأجانب، إلا أنهم قاسيون لبعض اليمنيين في مناطقهم، ويريدون التحكم ليس فقط في الغذاء بل في المعلومات والناس.

وقال أحد الصحفيين المحليين للشبكة الامريكية، إنه تم اعتقاله وتهديده من قبل مسؤولي الأمن الحوثيين بسبب الإبلاغ عن إساءة استخدام المساعدات.

وتواصلت الشبكة مع مواطنين في صنعاء وشكو "بانهم يعيشيون في دولة بوليسية".