ناجون من هيروشيما يتحدثون عن رعب القنبلة بعد مرور 75 عامًا

تجري الباحثة إيليزابيث تشابيل في الجامعة البريطانية المفتوحة دراسة جديدة حول الآثار الخفية المترتبة على حياة الناجين من القنبلة الذرية الأمريكية التي ضربت هيروشيما اليابانية عام 1945، استنادًا إلى شهادات ناجين عاشوا محنة القنبلة التاريخية. نشرت “تشابيل” مقالتها في مجلة “نيوز ويك” الأمريكية في 2 يناير/كانون الثاني 2019، وكشفت فيها ملامح دراستها وبعض الحقائق التي يرويها الناجون.
 
شوسو كواموتو هو أحد القلائل الناجين من القنبلة الذرية التي دمرت هيروشيما اليابانية، ولا يزال يتحدث حول قصته المؤلمة، كغيره من الناجين. أسقطت الولايات المتحدة قنبلتها على المدينة في 6 آب/أغسطس 1945، وخلفت حوالي 2000 يتيم نجوا بعد أن جرى إجلاؤهم إلى الريف. عندما عادوا إلى المدينة فور استسلام اليابان في 15 آب/أغسطس، وجد الأطفال آباءهم متوفين في مدينة مدمرة بشكل كامل. أكثر من 90% من سكان وسط هيروشيما لقوا حتفهم، بل إن غالبية الأسر الهاربة قد لاقت حتفها كذلك. جرى إجلاء أطفال من عمر 6 إلى 11 سنة، لكنهم ماتوا على الفور برغم جهود النساء المحليات في إطعامهم.
 
يقول الناجي كواموتو، الذي جرى إجلاؤه نحو “ميوشي” المجاورة قبل إسقاط القنبلة إلى جانب أطفال آخرين: “رأيت في 6 أغسطس/آب 1945 سحابة بيضاء ترتفع فوق سماء هيروشيما، ولم يستطع أحد إخبارنا بما حدث للمدينة. في اليوم التالي، ذهبنا للبحث عن مكان أسرنا، فلم نجد شيئًا”.
 
لم يجد كواموتو أي عائلات في المدينة، جميعهم ميتون، باستثناء بعض النساء اللاتي تبحث عن الأيتام الناجين. لم يكن هنالك طعام على الإطلاق، ولم يأكل الأطفال سوى ما وجدوه من بواقي الطعام في المقالي. وعلى عكس الشائع، لم يمت جميع الأطفال بسبب القنبلة، بل كان هنالك ناجون، لكنهم توفوا بسبب الجوع الشديد، بحسب ما يؤكده ناجون آخرون.
 
يقول كواموتو: “توفي كذلك الكثير من الناجين عام 1946، بعد إسقاط القنبلة بعام واحد، بأمراض لم يستطع أحد تشخيصها”. ولم تقتصر تأثيرات القنبلة على موت السكان؛ فقد برزت آثار اجتماعية سلبية بحق الناجين كذلك، إذ يؤكد كواموتو أن الأطفال الذين كبروا وأرادوا الزواج، واجهوا معارضة من أهالي الفتيات، اعتقادًا منهم بأن الناجين يحملون إشعاعات من قنبلة هيروشيما.
 
وبرغم أن كواموتو أخبرنا الكثير حول المآسي المروعة في المدينة، إلا أن هنالك الكثير من الصمت حول أطفال عاشوا لأكثر من شهر في الشوارع. وبعيدًا عن الأرقام والإحصاءات الفظيعة، يقول لنا الناجون إنهم يشعرون بـ”العار” و”الخجل” إزاء قصص الأيتام الذين لم يجدوا أثرًا لعائلاتهم.
 
في الحقيقة، سعت اليابان والولايات المتحدة إلى فرض رقابة على المعلومات حول العواقب الإنسانية المروعة للقنبلة الذرية، وهذا ما أحدث تداعيات ضد السكان الذين أخبروا قصصهم في أوقات سابقة. وقد سبق أن عملت واشنطن على حظر تقرير لمراسل أسترالي يدعى “ويلفريد بورشيت” أجرى مقابلات ميدانية في هيروشيما لصالح صحيفة ديلي إكسبرس البريطانية.
 
يؤكد الناجون أن الولايات المتحدة، التي احتلت جزرًا يابانية في أيلول/سبتمبر 1945، عملت على فرض رقابة شديدة جدًا على أحاديث اليابانيين الذين أبدوا غضبًا شديدًا إزاء القنبلة. ووفقًا لهم، جرى مصادرة صور فوتوغرافية مروعة في ذلك الوقت.
 
واليوم، جرى فعل الكثير من أجل نشر شهادات الناجين من هيروشيما، إذ ازدهرت فئة سينمائية تدعى “ثقافة القنبلة الذرية” تضمنت إنتاج أفلام تروي ما وراء كواليس الحرب. وبدوري، أركز في دراستي الجديدة على الطفولة في هيروشيما أثناء الحرب، استنادًا إلى قصص رواها لنا كواموتو وغيره من الناجين، ستكشف المزيد من التفاصيل المحزنة حقًا.