لودر .. انتصرت في معركة الكرامة، فغابت عنها مظاهر التنمية

في وسط الشارع العام بمدينة لودر محافظة أبين (جنوب البلاد) يقف (الخضر العوذلي) شاباً دون الثلاثينات من عمره يتحسر على ما آل إليه وضع المدينة التي شهدت حرب (الكرامة) كما يطلق عليها أبناؤها ضد عناصر أنصار الشريعة التي تدّعي انتماءها لتنظيم القاعدة, وانتصرت فيها بعد مواجهات استمرت (40 يوماً), فالمدينة تشهد تكدس أكوام القمامة في ظل غياب تام لسلطات المديرية المحلية. ويتساءل (الخضر) خلال حديثه لمراسل وكالة "خبر" للأنباء: ما سر اختفاء كل المشاريع التنموية والخدمية التي جرى الإعلان عنها، مثل مشاريع تأهيل البنية التحتية والطرقات؟ فالسلطة المحلية لا أحد يعرف عنها أي شيء سواءً عند قيامها بزيارة مدرسة للتعليم الأساسي أو افتتاح دوري صغير في كرة القدم أو تدشين حملة تحصين للأطفال . وهذا الحديث مع الخضر كان نفس الحديث الذي يردده أهالي المدينة التي تقع (شرق أبين) والتي تتساءل عن الغياب التام للسلطة في المدينة في ظل وجود لجان شعبية تعمل على تأمين المدينة. غير أن الخضر يجيب على تساؤله بالقول، ممازحاً، "باعتقادي أن سر ذلك موجود في بطن سلطات المديرية والمحافظة والسلطات العليا في صنعاء". واسم مدينة لودر ارتبط تاريخياً بالسلطنة العوذلية التي كانت تحكم مدينتي لودر ومكيراس وكان مركزها جبل زارة الذي تقف على قمته حصون السلطان بن جعبل العوذلي, وحالياً ارتبط اسم لودر بقصة أقوى مقاومة شعبية, ضد عناصر مفترضة من تنظيم القاعدة بعد حرب استمرت لأكثر من شهر سقط خلالها أكثر من 100 شهيد ومئات الجرحى. ولابد للزائر إلى المدينة أن يلاحظ غياب السلطة الأمنية والمحلية، في حين أن اللجان الشعبية هي من تدير شئون المدينة ويتوزع عناصرها في النقاط الأمنية المنتشرة على مداخلها ومخارجها لمنع تسلل عناصر القاعدة إلى المدينة وصد أي هجوم آخر عليها . كما يلاحظ الزائر انتشاراً كثيفاً لأعلام دولة اليمن الديمقراطية الشعبية التي كانت قائمة قبل قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م، وقد يكون ذلك بسبب حرمان المدينة من المشاريع التنموية والخدمية كما يقول (الخضر العوذلي)، الذي أضاف أن الحراك الجنوبي لا يبسط سيطرته على المدينة كما يعتقد البعض, بل هو مكون سياسي لا يهتم بإدارة شئون لودر ويكتفي فقط بالمهرجانات والمسيرات التي تُقام كل يوم خميس . ويتابع: عقب الهجوم الذي شنته عناصر على القاعدة العام الماضي على المدينة اتضح للجميع من يقف خلفه وهي القوى السياسية والدينية والقبلية الحاكمة, ومن هذا المنطق يصر أبناء لودر كما هو الحال بإخوانهم في المدن الأخرى على أهمية استعادة دولة الجنوب السابقة في ظل مواصلة ما يعتبرونه تصدير الإرهاب إلى الجنوب من قبل عصابات صنعاء, وقتل وتشريد أبنائه وتدمير المدن فوق رؤوس ساكنيها. ويضيف: "لان لودر منطقة قبلية فالأعراف والأسلاف القبلية لقبيلة العواذل كانت عاملاً مساعداً للجان الشعبية في تأمين المدينة وإدارة شئونها رغم السلبيات التي ترافق عملها, مشيراً إلى أن " اللجان الشعبية تقوم بأدوار منقوصة"... والسبب كما يقول "لهث بعض قياداتها وراء المال والصراع فيما بينها على تلك الأموال التي تتلقاها من صنعاء". في ظل هذا التجاهل الحكومي لمديرية لودر أضحى مديرها العام محمد نصيب ومحافظ المحافظة جمال العاقل أهدافاً لنيران اتهامات الفساد ونهب أموال مشاريع بنيتها التحتية التي تقدر بمئات الملايين . يقول المواطن ناصر الجنيدي "إن الشارع الخلفي في المدينة تم سفلتته قبل أعوام , لكن قبل أشهر قامت السلطات بعملية قلع للاسفلت بدعوى تنفيذ مشروع الصرف الصحي".. متسائلاً: كيف يتم سفلتة شارع قبل أن يتم وضع اعتبار لما هو أهم منه وهو مشروع مياه الصرف الصحي".. وأشار إلى أن هذا الشارع تحول إلى مطبات وحفر بفعل تكدس الأتربة والقمامة والحجارة في ظل غياب صندوق النظافة في المدينة. وطالب " الجنيدي الحكومة الوفاء بالتزاماتها ووعودها التي قطعتها على نفسها تجاه المدينة". وكان الرئيس عبدربه منصور هادي وعد أهالي المدينة عقب الانتصار على عناصر تنظيم القاعدة بتوفير 15 ميجا وات للكهرباء التي تعرضت للتدمير بسلاح القاعدة . أكد ذلك لوكالة "خبر" للأنباء القيادي في اللجان الشعبية صالح الصوبي, الذي قال: "وعدنا الرئيس هادي بتوفير كهرباء للمدينة بدلاً عن الكهرباء التي تعرضت للتدمير في الأيام الأولى للحرب العام الماضي". وأشار الصوبي إلى أن الكهرباء العاملة في لودر تتبع شركة استثمارية تسمى (اجريكو) وهذا مما قد يضعنا في وضع حرج في حالة وأعلنت الشركة انسحابها أو توقف عملها. وطالب الصوبي السلطات بالوفاء بوعودها تجاه أبناء لودر التي قال إنها انتصرت للكرامة وأفشلت مشاريع كانت في طريقها إلى إسقاط جميع المدن اليمنية. وناشد أبناء لودر الرئيس هادي بسرعة إقالة المحافظ جمال العاقل وكذا مدير عام مديرية لودر محمد نصب وإحالتهما إلى المحاكمة جراء ما نهباه من أموال تتصل بمشاريع خدمية في المدينة وكذا الأموال التي وصلت لدعم اللجان الشعبية, مجددين مطالبتهم بسرعة حل مشكلة الاحتياط في اللجان الشعبية.