نص رؤية حزب التجمع اليمني للإصلاح للنظام الانتخابي

نشر حزب التجمع اليمني للاصلاح رؤيته بشأن النظام الانتخابي في البلاد، أعلن من خلالها تنصله عن مشاركته في جميع العمليات الانتخابية التي جرت في البلاد منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وهو ما دأب على إتباعه في الآونة الأخيرة متناسيا بان كل الاحداث الذي شهدتها البلاد منذ قيام الوحدة كان الإصلاح شريكا أساسيا فيها.. إلى نص الرؤية: تحتل العملية الانتخابية موقعاً مهما في سياق عملية التجديد في الحياة السياسية في البلاد باعتبارها أداة بناء المؤسسات السياسية بشكل سليم وآمن، ومن الضروري أن تفرز العملية الانتخابية خارطة سياسية حقيقية للقوى والأحزاب السياسية في المجتمع اليمني، ويكتسب النظام الانتخابي أهميته بين مكونات المنظومة الانتخابية، كونه المعني بترجمة ما يحصل عليه أي طرف من أصوات إلى مقاعد في المجالس والهيئات المنتخبة. وإذا تتبعنا جل الانتخابات التي جرت في بلادنا منذ 1993 وحتى 2006 وقمنا بتحليلها وتفكيك رموزها سنجد أنها كانت عبارة عن انتخابات أفرزت هيمنة حزب واحد على مجمل الحياة السياسية طيلة عشرين عاما من عمر هذا الشعب نتج عنها إفساد لمجمل شئون البلاد بما في ذلك الحياة السياسية برمتها. إن النظام الانتخابي المعمول به من السابق وحتى اليوم (نظام الفائز الأول) قد ركز القرار في مجلس النواب بيد كتلة سياسية واحدة تحكمت في شئون الوطن والمواطن، وحصر اهتمام أعضاء مجلس النواب حول المسائل المحلية الشكلية والضيقة الخاصة بدوائرهم على حساب وظيفتهم الرئيسية كممثلين للشعب تقع على عواتقهم مسئوليات التشريع والرقابة والتي يتضرر من التقصير فيها كل أبناء اليمن داخل الوطن وخارجه، هذا فضلا عن جملة من العيوب والسلبيات التي اتسم بها وأفرزها هذا النظام والتي من أهمها: 1. عدم العدالة في توزيع المقاعد المتنافس عليها بين المتنافسين حسب ما حصل عليه كلٌ منهم من أصوات، ففي حين يحصل الطرف (س) على 20% من المقاعد مقابل 40% من الأصوات، يحصل الطرف (ص) على 60% من المقاعد مقابل 30% من الأصوات، الأمر الذي يترتب عليه إلغاء وإهدار مئات الآلاف من أصوات المتنافسين، فمن يحصل على (5000) صوت يظفر بالمقعد ومن يحصل على (4999) صوت تذهب أصواته أدراج الرياح. 2. ساعد على نشر ثقافة الرشوة الانتخابية وشراء الأصوات وممارسة الضغوط على الناخبين عبر الترهيب والترغيب وغيرها من الأمور التي حرفت المسار الديمقراطي في البلاد و أوصلته إلى حالة من الموت السريري. 3. شجع وحفز (ملاك الدوائر الانتخابية) على التحكم بتقسيمها وحدودها ومواقع مراكزها وإعداد الناخبين فيها ومن يحق له أن يترشح ومن يحرم عليه ذلك، وغيرها من الممارسات المغتصبة لحقوق المواطنين والمصادرة لإراداتهم. 4. حرم الأحزاب الصغيرة والناشئة من أي فرصة للوصول إلى مجلس النواب وهيئات الحكم المحلي وحولها إلى مجموعة مكونات تابعة لا تمتلك أي فرصة أو أمل لأن تكون أكثر من ذلك. 5. حرم المرأة من تحقيق أي حضور معتبر في المجالس والهيئات المنتخبة، وحول حقها هذا إلى موضوع للمزايدة والمكايدة الحزبية، ومادة للتسول والارتزاق من هنا وهناك. لقد عبرت الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي شهدها الوطن منذ مطلع 2011 وحتى اليوم، عن حاجة اليمن إلى بناء دولة مدنية حديثة تقوم على مؤسسات ديمقراطية معبرة عن إرادة الشعب وجادة في تلبية تطلعاته، يترسخ وجودها في الواقع الاجتماعي والسياسي عبر القانون والدستور، ونعتقد أن الطريق إلى ذلك يمر عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وعادلة. ولما كانت المنظومة الانتخابية القائمة اليوم قد أعدت لغير هذا الهدف بل لهدف آخر مغاير تماما يعرفه الجميع، فانه يتوجب علينا إعادة بناء هذه المنظومة (الانتخابية) على أسس صحيحة وبتوافق جميع الأطراف والمكونات، واذا كانت عملية إنشاء سجل انتخابي جديد كأحد استحقاقات مبادرة نقل السلطة (المبادرة الخليجية) باعتباره أحد المكونات الرئيسية في المنظومة الانتخابية قد بدأت تسير في الاتجاه الصحيح، فانه يتوجب علينا العمل الجاد والعاجل لاستكمال إصلاح مكون الإدارة الانتخابية المتمثلة في الجهاز التنفيذي للجنة العليا وفروعها، ومكون النظام الانتخابي باختيار النظام الانتخابي الأنسب لليمن في ضوء تجربتنا السابقة وتجارب الآخرين، ومن واقع حاجاتنا وأهدافنا المستقبلية. لقد كان موضوع النظام الانتخابي محل بحث مبكر داخل اطر اللقاء المشترك، ففي رؤيته لضمانات إجراء انتخابات حرة ونزيهة والتي أعلنها في 7 محرم 1427هـ الموافق 7 مارس 2006م أكد على الأخذ بنظام التمثيل النسبي (القائمة النسبية) كنظام انتخابي بديل، كما أكد مشروع رؤية الإنقاذ الوطني الصادر عن اللجنة التحضيرية للحوار الوطني في سبتمبر 2009م على هذا الخيار. ونعتقد أن هذا الخيار ما يزال هو الخيار الأنسب الذي نرى الأخذ به وذلك للاعتبارات التالية: 1. يضمن توسيع المشاركة السياسية في الحكم، وبالتالي إيجاد استقرار سياسي وتحقيق التنمية الشاملة، وهذا ما نحتاجه في مرحلة بناء اليمن الجديد. 2. يضمن توسيع المشاركة السياسية وترسيخ التعددية السياسية، وتحقيق العدالة في ترجمة أصوات الناخبين، وصولاً إلى هيئات تشريعية ورقابية فاعلة تعزز الممارسة الديمقراطية، والثقة بالانتخابات كآلية ديمقراطية للتداول السلمي للسلطة. 3. يساعد على قيام هيئات منتخبه أكثر تمثيلاً للناخبين، ويتجنب النتائج غير العادلة الناجمة عن نظام (الفائز الأول). 4. يضمن تمثيل الجماعات السياسية والاجتماعية في البرلمان، بما في ذلك الأحزاب الصغيرة، والفئات المهشمة، ويحد في ذات الوقت من هيمنة حزب واحد على البرلمان، الأمر الذي يؤدي إلى تفعيل دور البرلمان و تفعيل آليات الرقابة، وتعزيز الديمقراطية والاستقرار السياسي في البلاد. 5. يضمن إمكانية حقيقية لتمثيل المرأة، وتمكينها من ممارسة حقوقها السياسية في الهيئات المنتخبة. 6. يحد من النزاعات والعصبيات القبلية والمناطقية لصالح التنافس البرامجي الوطني، ويتيح إمكانية الاختيار النوعي لأعضاء الهيئات المنتخبة. 7. يقلل من النفقات المالية والإدارية إلى أدنى حد. 8. يعد من أكثر النظم الانتخابية يسرا وسهولة للناخبين، ويحد من محفزات وفرص التزوير في الانتخابات نظرا لعدم ارتباطه بمصالح شخصية مباشرة. وفيما يتعلق ببقية التفاصيل الخاصة بهذا النظام نرى: • حجم الدائرة: أن تكون الجمهورية دائرة انتخابية واحدة، لضمان زيادة فرص المكونات السياسية الناشئة والصغيرة، وخروجا من دائرة الاختلاف حول حجم التمثيل للمكونات الإدارية الأدنى التي يمكن أن تكون خيارا بديلا لهذا الخيار. • نوع القائمة: أن تكون القائمة مغلقة كونها أسهل فهما للناخب، وأصغر حجما وأقل تعقيدا عند الاقتراع و احتساب النتائج. • العتبة أو نسبة الحسم: أن تكون هناك نسبة حسم يتفق عليها في مؤتمر الحوار لضمان أن يصل للهيئات المنخبة من يمتلك قدرا مقبولا من دعم المواطنين. وختاما: نعتقد انه من المفيد التأكيد على بعض العوامل التي ستسهم في ترسيخ نزاهة وسلامة وموثوقية الانتخابات من أهمها: 1. التعجيل بإعادة بناء الجهاز التنفيذي للجنة العليا وفروعها وفقا لاحتياجها من الكفاءات والاختصاصات المتنوعة، وعلى أسس مهنية وقانونية وبشفافية كاملة. 2. التزام الجيش والأمن الحياد في العملية السياسية والمنافسة الانتخابية وبحيث يكون دوره حماية إرادة الشعب وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه، ولكي نحفظ له مكانة معتبرة في نفوس كل أبناء الوطن . 3. ان تكون هناك موازنة رسمية معتمده وكافية للأحزاب لتغطية نفقات الانتخابات من خزينة الدولة حتى لا يملى عليها أي أجندة وضغوط قبل أو بعد الانتخابات وهو ما يحقق السيادة على الانتخابات بشكلها الكامل والشامل، وعلى أن توزع وفقا لمعايير شفافة وعادلة. هذا وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.