اكتشاف قبور لـ 7 آلاف من المرضى العقليين أسفل مصحة نفسية قديمة

77 آلاف جثة اكتشفت تحت الأرض في حرم المركز الطبي لجامعة ميسيسيبي الأميركية.

 

وأثار اكتشاف هذه القبور المجهولة التي تضم رفات مرضى مصحة عقلية تعود للقرن الـ19 كانت موجودة في هذا المكان اهتمام العلماء والباحثين وجدلاً حول مصير الأعداد الهائلة من الجثث الموجودة داخل هذه القبور، وفق صحيفة الدايلي ميل البريطانية.

 

وذكرت الصحيفة أن هذه المقابر المجهولة اكتُشِفَت لأول مرة أثناء تجديد مباني الجامعة عام 2013؛ إذ أعلن المسؤولون بالمركز الطبي حينذاك الكشف عن عشرات المقابر المجهولة خلال عملية التجديد.

 

وفي هذا العام، عُثر على 66 نعشاً خلال عملية شق طريقٍ جديد داخل حرم الجامعة مترامي الأطراف، والممتد على مساحةٍ تبلغ 164 فداناً، وفقاً لما جاء بصحيفة ديلي ميل البريطانية.

 

ليس هذا فحسب، ولكن اكتشف العمال 3 آلاف نعشٍ غيرها أثناء العمل ببناء مرآب لانتظار السيارات شرقيّ كلية الأسنان التابعة للجامعة عام 2014 باستخدام الرادار المخصص للتنقيب تحت الأرض.

 

ووصلت الأعداد التقديرية للجثث حتى الآن إلى 7 آلاف جثة، ويتوقع الخبراء انتشارها على مساحة 20 فداناً داخل الحرم الجامعي حسبما ورد بصحيفة "كلاريون ليدجر" الأميركية السبت 7 مايو/أيار.

 

 

كيف بدأت قصتهم؟

 

تقول الديلي ميل إن تاريخ هذه الشبكة العملاقة من القبور المنسية تحت حرم المركز الطبي التابع لجامعة ميسيسيبي يعود إلى عام 1855، حين تأسست أول مصحة عقلية بالولاية في الموقع ذاته الذي تشغله مباني الجامعة الآن.

 

وشُيِّدَت مصحة ولاية ميسيسيبي العقلية لتوفير حياةٍ أفضل للمرضى النفسيين؛ الذين كانوا قبل ذلك يُقيَّدون بالسلاسل داخل السجون والعلالي لإبعادهم عن الآخرين.

 

ورُغم أنَّ تشييد تلك المصحة كان بمثابة خطوةٍ على الطريق الصحيح، فإنَّ الحياة بداخلها كانت تجربة وحشية للغاية؛ لدرجة أنَّ أكثر من واحدٍ من كل خمسة مرضى من بين المرضى الـ1376 الذين أُدخِلُوا إلى المصحة في الفترة ما بين عامي 1855 و1877 قد لقوا حتفهم، حسب الصحيفة.

 

ونُقلت المصحة إلى موقعها الحالي بمستشفى ولاية ميسيسيبي في مدينة ويتفيلد عام 1935، وجرى تشييد الحرم الجامعي للمركز الطبي التابع لجامعة ميسيسيبي بعدها بعقدين من الزمن فوق المقابر.

 

 

ماذا سيحدث لهم؟

 

ويأمل الخبراء بعد هذا الاكتشاف الذي جرى خلال العطلة الأسبوعية الحالية في إقامة مختبر ومركز للزيارات مُخصَّصين لدراسة رفات هذه الجثث بهدف جمع المعلومات التاريخية المهمة منها، حتى ولو من نعوش الجثث وملابسها ذاتها. إلى جانب ذلك، سيقام نصبٌ تذكاري لتخليد ذكرى أولئك المرضى.

 

ولكنَّ، إلى جانب هذه الوعود بتحقيق نتائج علمية بارزة، تواجه المسؤولين عوائق مالية؛ إذ أنَّ عملية استخراج كل جثة من هذه الجثث على حدة وإعادة دفنها بعد ذلك سوف تُكلِّف 3 آلاف دولار أميركي، أي أنَّ تكاليف هذا المشروع ستصل إلى 21 مليون دولار أميركي. 


 لذلك، يدرس المركز تولِّي عملية استخراج الجثث بنفسه لتقليل التكاليف، وبالتالي ستصبح تكلفة المشروع 400 ألف دولار أميركي سنوياً لمدة ثماني سنواتٍ على الأقل، لكن يرى العديد من الباحثين الذين اختصوا بدراسة هذه المصحة وما كانت عليه في أواخر القرن الـ19 وبداية القرن الـ20 أنَّ هذا المشروع يستحق هذه التكاليف الباهظة.

 

وقالت مولي زكرمان، الأستاذة المساعدة بقسم العلوم الإنسانية وثقافات الشرق الأوسط في جامعة ولاية ميسيسيبي، في تصريحٍ أدلت به لصحيفة "كلاريون ليدجر" الأميركية: "سيُشكِّل هذا المختبر مورداً فريداً من نوعه لولاية ميسيسيبي؛ إذ أنَّه سوف يحول الولاية إلى مركزٍ قومي للسجلات التاريخية المرتبطة بمجال الصحة خلال فترة ما قبل الحداثة، خاصةً سجلات مرضى المصحات العقلية".

 

وليست مولي زكرمان الوحيدة التي تعتقد أنَّ إنشاء مختبر لدراسة الرفات قد يحقق اكتشافاتٍ رائدة، إذ يشاركها رالف ديدلايك، الذي يتولى الإشراف على مركز أخلاقيات علم الأحياء والعلوم الإنسانية الطبية بالمركز الطبي التابع لجامعة ميسيسيبي، بدوره هذا الاعتقاد؛ فبحسب قوله: "لقد ورثنا أجساد هؤلاء المرضى، لذا فإنَّنا نود أن نوليهم أقصى درجات العناية والاحترام".