رفض دولي للتحذيرات في اليمن: "على السعودية أن تتراجع عن رسالتها علنا"
التحذيرات المسبقة لا تعفي السعودية من التزاماتها والتحالف لا يمكنه التهرب من مسئولياته، كما تؤكد هيومن رايتس ووتش، وهو ما أكد عليه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته إلى الممثل السعودي في المنظمة الدولية مذكرا الرياض بالتزاماتها.
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن "تحذيرات السعودية لمنظمات الإغاثة لإخلاء مناطق معارك مُحتملة في اليمن لا تكفي.
مؤكدة ان "التحذيرات لا تعفي التحالف الذي تقوده السعودية من الالتزام القانوني بحماية العاملين في المجال الإنساني ومرافقهم من الهجمات."
وشددت المنظمة علاوة على الأمم المتحدة على حماية المنظمات الإنسانية وعمال الإغاثة وطواقم الإنقاذ ومساعدة المدنيين المتضررين، وبالأحرى حماية المدنيين أينما كانوا.
رسالة أوبراين للمندوب السعودي
كتب رئيس مكتب المساعدات الإنسانية الأممي- وكيل الأمين العام ستيفن أوبراين، رسالة إلى مندوب السعودية في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي في 7 فبراير/شباط، ليُذكره بالالتزامات السعودية بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، بموجب القانوني الإنساني الدولي. ذكَّرت الرسالة السعودية بـ "واجبها برعاية جميع المدنيين في ظل العمليات العسكرية بمن فيهم العاملين في المجال الإنساني".
قلق دولي على طاولة مجلس الأمن
وفي كلمته لأعضاء مجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء 16 الجاري، أكد ستيفن أوبراين وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية أن الصراع في اليمن يستمر في قتل وتشويه المدنيين، مما تسبب في معاناة لا حد لها. مشيراً إلى أن القصف العشوائي يدمر سُبل كسب العيش، والمنازل، والمجتمعات، والبنى التحتية المدنية الأساسية.
وهو ما شدد عليه في إحاطته إلى المجلس اليوم التالي، الأربعاء 17 فبراير/ شباط، اسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي الخاص المعني باليمن.
على صلة وفي ظل استمرار ورود التقارير عن تكثيف القصف الجوي والقتال البري في اليمن، بما في ذلك في العاصمة صنعاء، أعرب مسؤولان رفيعا المستوى في الأمم المتحدة عن القلق بشأن الخسائر البشرية الجسيمة التي يتكبدها المدنيون بسبب الصراع.
مستشار الأمين العام المعني بمنع الإبادة الجماعية أداما ديانغ، والمستشارة الخاصة بمسؤولية الحماية جنيفر ويلش ذكرا أن العالم يشهد بعد عام من تصعيد الصراع في اليمن تدهورا لاحترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان بشكل يومي. وشدد المسئولان الدوليان على المساءلة.
وأشار المستشاران إلى تعرض المدنيين والبنية التحتية المدنية للاستهداف. ودعا المسؤولان المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، إلى العمل لإنهاء هذا الوضع غير المقبول.
وشدد المسئولان الدوليان على حماية المدنيين كأولوية، وتوثيق الانتهاكات التي ترقى بعضها إلى جرائم حرب.
التحذير لا يبرر الاستهداف
وكانت السعودية دعت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إلى نقل موظفيها وإخلاء العمال في مناطق يمنية، وهو ما اعتبرته السعودية بمثابة "إخلاء مسئولية" بعد انتقادات واتهامات أممية ومن منظمات عالمية باستهداف الطائرات للمنظمات وعمال الإغاثة ومرافق ومستشفيات تتبع منظمة أطباء بلا حدود وغيرها. إلا أن الأمم المتحدة ذكرت السعودية بمسئولياتها والتزاماتها القانونية، ورفضت المنظمات التحذيرات بإخلاء الموظفين وعمال الإغاثة.
- نص إحاطة المبعوث الأممي لليمن أمام مجلس الأمن (فيديو)
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش، في بيان بتاريخ 17 فبراير / شباط 2016، أن السفارة السعودية في لندن نصحت، في رسالة بتاريخ 5 فبراير/شباط 2016، الأمم المُتحدة ومنظمات إغاثة أخرى بنقل مكاتبها والعاملين بها من "مناطق نشاط ميليشيات الحوثي والموالين لهم، ومن المناطق التي تشهد عمليات عسكرية" من أجل "حماية المنظمات الدولية وموظفيها" بحسب البيان.
وقالت المنظمة ان الغارات الجوية التي شنّها التحالف أصابت، على نحو غير قانوني، مستشفيات ومرافق أخرى تديرها منظمات إغاثية منذ بدء عملياته العسكرية في 26 مارس/آذار 2015.
جيمس روس، مدير قسم الشؤون القانونية والسياسات بهيومن رايتس قال ان "التحذير لا يبرر أي غارات جوية غير قانونية. لا يمكن التحالف التملص من مسؤولياته بإلقاء اللوم على وكالات الإغاثة التي تناضل لمُعالجة أزمة مُتفاقمة".
- الأدلة على هجمات الذخائر المحرمة "CBU105" على "حصن عفاش" ومنزل صالح ومدن يمنية (صور وشهادات)
وتقود الأمم المُتحدة وأغلب منظمات الإغاثة المُستقلة، وفقا للبيان، عمليات ميدانية في مناطق تخضع لسيطرة المُسلحين الحوثيين وحلفائهم، منها العاصمة صنعاء. واصلت هذه الهيئات تقديم مُساعدات أنقذت أرواح ملايين المدنيين على مدار 10 أشهر من النزاع المُسلح. يحتاج نحو 21.2 مليون شخص في اليمن، من أصل عدد السكان البالغ 26 مليون نسمة، إلى أحد أشكال الإغاثة على الأقل لتلبية احتياجاتهم الأساسية، بحسب الأمم المتحدة.
على السعودية أن تتراجع علنا
وحيث قالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنشاء لجنة تحقيق دولية مُستقلة للتحقيق في الانتهاكات المزعومة لقوانين الحرب من قِبل كافة أطراف الصراع في اليمن.
فإن المنظمة جددت التذكير والقول بأنه "يتمتع المدنيون الذين لم يقوموا بالإخلاء بحق الحماية التامة من الهجمات بموجب قوانين الحرب. لا يجوز للأطراف التي تُحذر استخدام التحذيرات بهدف التهجير القسري، بتهديد المدنيين بإيذاء عمدي إن لم يغادروا المنطقة. لا يتمكن بعض المدنيين من الاستجابة لتحذير بالإخلاء لأسباب صحية، أو خوفا، أو لعدم وجود مكان آخر يذهبون إليه. حتى بعد إصدار التحذير، يظل على القوات المُهاجمة اتخاذ كافة الاحتياطات المُمكنة لتحاشي الخسائر البشرية في الأرواح والمُمتلكات؛ منها إلغاء هجوم حين يبدو أن الهدف مدني، أو أن الخسائر البشرية قد تكون غير مُتناسبة مع المكسب العسكري المُتوقع."
ويتمتع موظفو الإغاثة والأغراض الإنسانية مثل المستشفيات، والعيادات وسيارات الإسعاف بحماية خاصة من الهجوم بموجب قوانين الحرب، إلا إذا استُخدمت لأغراض عسكرية. إضافة إلى ذلك، على الأطراف في أي نزاع الالتزام بتسهيل مرور المساعدات الإنسانية للمدنيين المُحتاجين إليها، بسرعة ودون إعاقةـ بنص البيان.
وشددت رايتس ووتش: "على الحكومة السعودية أن تتراجع علنا عن رسالة السفارة السعودية بتاريخ 5 فبراير/شباط، وتذكر أن التحالف سوف يتخذ كافة الخطوات المُمكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين وتيسير الوصول إلى المساعدات الإنسانية، وفقا لالتزاماته بالقانون الإنساني الدولي. "
قال جيمس روس: "إذا استعرت الحرب البرية في اليمن، سيكون التمسك بقوانين الحرب أكثر تعقيدا وإلحاحا. على السعوديين أن يعلنوا بوضوح أنهم سيبذلون جهدا أكبر بكثير للوفاء بالتزاماتهم القانونية، وإلا استمرت مُعاناة المدنيين بلا داعٍ".