صحيفة: أمام تأكيدات بوتين.. حالة إنكار مصرية لا تخدم مصر
اكدت السلطات الروسية ان انفجار قنبلة على متن الطائرة الروسية، التي انطلقت من مطار شرم الشيخ المصري الى بطرسبرغ، ادى الى انقسامها وتحطمها في الجو، لكن وزير الطيران المصري حسام كمال قال في مؤتمر صحافي عقده اليوم، ان لجنة التحقيق لم تتوصل بعد الى اي نتيجة حول اسباب سقوط الطائرة.
حالة الانكار المصرية هذه تكشف عن عقلية لا تريد ان تعترف بأي مسؤولية عن هذه الكارثة، في وقت يقول الروس، وعلى مستوى الرئيس فلاديمير بوتين ان هناك ادلة جنائية واضحة، وان جهة ما تقف خلف عملية التفجير هذه، كما ان ولاية سيناء التابعة لـ”الدولة الاسلامية” اصدرت بيانين تؤكد فيهما مسؤوليتها عن زرع القنبلة منذ اليوم الاول، بل بعد ساعات من سقوط الطائرة.
لا نعتقد ان اسلوب “الانكار” هذا يفيد السلطات المصرية، ويعفيها من حرج القصور الامني في مطاراتها، بل يزيد من تشويه صورة مصر ومؤسساتها في اعين الغربيين والشرقيين، على حد سواء، وكان الانسب ان يعترف وزير الطيران المصري بالحقيقة، ويعمل فورا على محاسبة المسؤولين عن هذا الفشل الامني، او يبادر بتقديم استقالته، او حتى اقالته من منصبه، مثلما يحدث في الدول التي تحترم نفسها، وتتعاطى في القضايا التي تهم مواطنيها والعالم بكل الشفافية.
منذ اللحظة الاولى التي قررت فيها شركات طيران عالمية كبرى وقف تحليق طائراتها فوق سيناء، كان واضحا ان الطائرة الروسية جرى اسقاطها بعمل ارهابي، وتأكدت هذه الحقيقة عندما اصدر الرئيس بوتين، الذي اطلع على نتائج تحليل المعلومات في الصندوقين الاسودين، اوامره بوقف جميع رحلات الطيران الروسي، ليس الى شرم الشيخ فقط، وانما الى كل المطارات المصرية الاخرى.
“الدولة الاسلامية” التي اعلنت مسؤوليتها عن التفجير انتقلت الى استراتيجية “التوحش” وضرب اعدائها في خاصرتهم السياحية والاقتصادية، وبدأت اول العمليات في هذا الصدد في منتجع سوسة التونسي، من خلال احد مقاتليها الذي قتل ما يقرب من الاربعين سائحا، 35 منهم من البريطانيين، ثم عملية اسقاط الطائرة الروسية، واخيرا تفجيرات باريس.
الرئيس بوتين رصد مكافأة مقدارها خمسين مليون دولار لاي شخص يكشف عن هوية المنفذين للتفجير، وتعهد بالانتقام، ويبدو ان انتقامه سيتخذ منحى مطابقا لذلك الذي اتخذه الرئيس الامريكي جورج بوش الابن بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، عندما غزا كل من افغانستان والعراق، وهو رد انتقامي كان، وما زال، مكلفا للغاية، سواء بالنسبة الى امريكا او منطقة الشرق الاوسط برمتها، وربما كان المرشح الجمهوري اندرسون موفقا عندما قال ان غزو العراق واحتلاله هو السبب الرئيسي الذي يكمن وراء ظهور “الدولة الاسلامية”.
انفعالات الرئيس بوتين مشروعة، وغضبه ايضا مشروع، لكن الخوف كل الخوف ان يؤدي هذا الغضب الى اندفاعات عسكرية غير محسوبة وبعناية فائقة، لان النتائج قد تكون على درجة كبيرة من الخطورة.
“راي اليوم”