اليمن: شعب ممنوع من السفر، وضمير عالمي ممنوع من التضامن!

يفقد العالم وضميره فاعلية التأثر والتعاطف عندما يتعلق الأمر باليمن ومعاناة اليمنيين الإنسانية، بسبب الحرب والحصار والحظر والقصف والتنكيل. وصولاً إلى شعب بأسره ممنوع من السفر، وضمير عالمي ودولي ممنوع من التعاطف.

مأساة ومعاناة المدنيين اليمنيين الممنوعين من حق السفر والعودة، هي فصل في مجلد ضخم ينكتب نزيفاً برعاية أممية ودولية.

أشخاص يضطرون إلى التوجه من اليمن عبر البحر، والمخاطرة بالوصول إلى جيبوتي، ومن هناك البحث عن تأشيرة أو رحلة جوية للسفر إلى مقاصد وجهات مختلفة.

آخرون يتوجهون براً إلى منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية، والدخول إلى أراضي المملكة، والسفر عبر مطاراتها.. وهؤلاء، على قلتهم، هم من المغتربين في الولايات المتحدة وحاملي تأشيرات عابرة وتواتيهم الإمكانات.

وصنف ثالث قد يضطر إلى تجريب خيار محفوف بالمحاذير الجمّة، التوجه إلى عدن أو سيئون بحضرموت بحثاً عن فرصة ورحلة عبر مطاريهما. لكن الغالبية يخشون الأوضاع الأمنية، وفلتان النزعات، والأعمال الانتقامية الطائشة.

خسائر غير مرئية

مندوبان في وكالات سفر وحجوزات قالا لوكالة خبر، إن حركة إلغاء الحجوزات والرحلات المسجلة مسبقاً ضربت الجميع، وكبدتهم خسائر باهظة، خلال الأسابيع الأخيرة، ومنذ استئناف الضربات الجوية والحظر الجوي على المطار الرئيس بالعاصمة صنعاء.

ومع إلغاء الرحلات والحجوزات تذهب مبالغ على المسافرين والمرضى والطلاب ممن يفقدون استحقاق الانتقال عبر اليمنية إلى عمان أو القاهرة ومنها إلى جهات مختلفة على متن ناقل جوي آخر، كما هو مرتب، حيث ترفض الشركات والناقلات إعادة القيمة أو استبدال الرحلة بتوقيت آخر لاحقاً.

هذا جزء بسيط في واقع مثقل بالمعاناة والخسائر التي يسببها يومياً، وبلا توقف، قرار ارتجالي "متغطرس" يمنع الناس وشعباً بأكمله حقاً طبيعياً وأساسياً كفلته كافة الأعراف والمواثيق الإنسانية والدولية.

معاناة شاملة

الخيارات محدودة للغاية أمام الغالبية من اليمنيين، ومعظمهم هم من المرضى والطلاب والتجار، وإجمالاً تطغى الحالات الإنسانية على قوائم طويلة من المنقطعين في الداخل والخارج ممن سُدت في وجوههم السبل ومُنعوا من السفر أو العودة إلى بلادهم.

بحسب أرقام متداولة هناك نحو 7600 من اليمنيين غير قادرين على العودة إلى ديارهم بعد إغلاق المطار الدولي الرئيس بصنعاء من قبل قوات التحالف بقيادة السعودية. وتشير المعطيات إلى أن هؤلاء يشكلون جزءاً من عدد إجمالي أكبر بكثير باحتساب الطلاب والتجار والعمال والمغتربين وسواهم.

ولا تتوقف المعاناة على وجه واحد يتعلق بالأفراد والحالات الإنسانية. الحظر الجوي عطل، بصورة مباشرة، حركة استيراد وجلب السلع والمواد الغذاية والعلاجية الأساسية، بحسب وكالات الإغاثة الدولية.

الحظر الجوي المشدد الذي تفرضه قوات التحالف بقيادة السعودية على الرحلات من وإلى المطار الرئيس في اليمن، في الجولة الأخيرة منه مع مطلع أغسطس/ آب واستئناف الغارات الجوية على صنعاء العاصمة ومطارها، أعاد من جديد تشكيل مأساة إنسانية متعددة الأوجه.

معاناة توزعت بثقلها آلاف اليمنيين- الموزعين على مطارات ومدن مختلفة، والذين تقطعت بهم السبل.

علاوة على الطلاب والتجار ومن في مستواهم ممن يدفعون خسائر كبيرة تتجاوز الجانب المادي إلى الأدبي والمهني والمعنوي وإلى التحصيل الدراسي.

وهناك بدرجة رئيسة المرضى والحالات الطارئة ممن منعوا السفر للعلاج أو الذين منعوا العودة ووجدوا أنفسهم فريسة لتكاليف ونفقات وصعوبات جمة تفترسهم وسواهم الآلاف من اليمنيين الذين لا يعبأ أو يلتفت لهم ولمعاناتهم أحد.

صمت مخزٍ

وتغض الأمم المتحدة النظر عن معاناة إنسانية متفاقمة ولا تفعل شيئاً أو تفعل مسئولياتها والتزاماتها الإنسانية في وجه تعنت وغطرسة القوة والمال.

الجميع في العالم يفقد حاسة التعاطف والإنسانية عندما يتعلق الأمر باليمن واليمنيين، بما أن معاناة هؤلاء سببها مملكة النفط والأموال القادرة على إرضاخ وإسكات الضمير وأصوات العدالة والتضامن.

وكما يرى الألماني ماتياس فون هاين في تعليقه: "في موضوع اليمن، تراجع صراخ المجتمع الدولي الذي عادة ما يدوي سريعاً في مثل هذه الأوضاع، بل ويبدو أن العالم يغض النظر عما يحدث هناك".

حتى هآرتس -العبرية- كتبت: "الحرب في اليمن - خلافاً لسوريا - بعيدة عن الاهتمام الدولي، ورغم تعرض مئات الآلاف من الأطفال لمحن قاسية، لا تزال الأمم المتحدة صامتة خوفاً من المقاطعة الاقتصادية السعودية". ولأن ما يحدث في اليمن وما تفعله السعودية "في ظل غياب الضغط الدولي وكاميرات التلفزيون التي تغطى المعركة".