كيف ساعدت أمريكا والسعودية القاعدة على "الازدهار" في اليمن؟
نشر موقع "كونسورتيوم" الأمريكي مقالاً للكاتب والمؤلف جوناثان مارشال، أشار فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية ساعدت القاعدة على الازدهار والتوسع في الأراضي اليمنية.
وقال جوناثان مارشال: إنه لمدة عام، تقريباً، غضت إدارة أوباما الطرف عن الكارثة الإنسانية في اليمن منذ غزو المملكة العربية السعودية في مارس 2015 لسحق الحوثيين واستعادة الرئيس السابق للسلطة. لكن واشنطن لا يمكنها، بسهولة، تجاهل التجدد السريع والمزدهر لفرع تنظيم القاعدة الخطير بسبب الفوضى التي خلقتها السعودية منذ غزوها اليمن للسيطرة على أجزاء كبيرة من جنوب اليمن.
وكلفت الحرب بين الحوثيين والموالين للسعودية أكثر من 6000 شخص، وتسببت فى إصابة أكثر من 35،000 شخص.
وأشار إلى تقرير للأمم المتحدة الذي وصف الهجمات التي يقودها التحالف السعودي بـ"واسعة النطاق والمنهجية" ضد المدنيين، واستخدام القنابل العنقودية المحظورة بموجب معاهدة دولية، التي تمثل الجزء الأكبر من القتلى المدنيين وتدمير المدن القديمة والمراكز الثقافية بالجملة.
بالإضافة إلى ذلك، الحصار السعودي المفروض على اليمن، بدعم من واشنطن، وسمحت بدخول عدد قليل من إمدادات الإغاثة للوصول إلى البلاد، ووضع الملايين من الأشخاص معرضين لخطر الموت جوعاً.
وينوه المؤلف والكاتب الأمريكي، أنه في خضم هذا الكابوس المفزع، يبذل مسلحو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عودتهم السريعة بعد أن كان قد شُل في عام 2012 عندما كان في أوج ذروته بسبب أزمة 2011.
وقال المؤلف جوناثان، إن القاعدة استولى، مؤخراً، على العديد من المدن، بما في ذلك اثنتان من عواصم المحافظات، والآن أكثر من 3 محافظات. كما يشير تقرير جديد أن ميليشيا القاعدة في جزيرة العرب يقاتلون إلى جانب القوات الموالية للسعودية في معركة وحشية من أجل السيطرة على مدينة تعز الكبيرة، شمال غرب ميناء عدن.
وأورد جوناثان، ما ذكرته صحيفة "انتليجنس ويكلي" الاستخباراتية في تقرير عملائها في الآونة الأخيرة، أن تنظيم القاعدة استغل الفراغ الأمني المستمر وغياب مؤسسات الدولة الفعالة، ونصب نفسه بأنه الفاعل والمسيطر في معظم مناطق جنوب اليمن. مشيراً، أن المساحة التي يسيطر عليها القاعدة حالياً هو أكبر بكثير من المساحة التي كان يسيطر عليها عام 2011.
ولفت جوناثان، في تقريره، أن القاعدة استفاد من الفوضى الناجمة عن غزو المملكة العربية السعودية لليمن، مما حشد أنصاره بسرعة بالسيطرة على البلدات الساحلية في المكلا، وسمح للجهاديين نهب أكثر من 120 مليوناً من فرع البنك المركزي واغتنم محطة النفط ومستودع الأسلحة الرئيسة، وأخلى السجناء من سجن المدينة.
وتابع: في ديسمبر الماضي، سيطر القاعدة في جزيرة العرب على عاصمة محافظة أبين بالقرب من المدينة الساحلية الرئيسة عدن. ومؤخراً شن المسلحون من تنظيم القاعدة حرباً خاطفة استولوا على 5 بلدات في أسبوعين فقط. في عملية مكن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ربط قواته في معظم مناطق جنوب اليمن من لحج بالقرب من البحر الأحمر شرقاً إلى المكلا. كما شنت مجموعة من تنظيم داعش هجمات ضد القوات الحكومية في عدن، حيث قتلوا ـ مؤخراًـ الجنرال الذي كان يتولى قيادة العمليات الإقليمية ومحافظ عدن.
وعلق كاثرين زيمرمان من مشروع التهديدات الحرجة في معهد "أميركان إنتربرايز"، أن "القاعدة في جزيرة العرب أصبح يمثل أكثر تهديداً من أي وقت مضى وأكثر خطورة للأمن القومي الأميركي، ومع ذلك أمريكا لا تفعل الكثير لصده".
كما أن بعض المحافظين البارزين أقروا بحقيقة أن التنظيم استغل بنجاح الاضطرابات والحرب الأهلية وحقق مكاسب كبيرة على الأرض.
وأشار، أن الضربات الجوية الأمريكية ضد القاعدة أنجزت القليل أو لا شيء. كما أفادت مجلة "الحرب الطويلة" المختصة بتتبع المنظمات الإرهابية في الآونة الأخيرة، على الرغم من أن القاعدة في جزيرة العرب فقد العديد من القادة الرئيسيين في هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية منذ أوائل عام 2015، لكن ذلك لم يقوض حرب عصابات تنظيم القاعدة وتمدده والسيطرة على محافظات ومدن يمنية كبيرة واستراتيجية.
وأضاف المؤلف والكاتب، أن الأحداث في اليمن تعيد تأكيد الدرس الذي كان ينبغي تعلمه في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا: الحرب الأهلية تولد القتلة القساة الذين يستغلون الصراع والقفز من ساحة معركة إلى أخرى بمساعدة التكنولوجيا الحديثة والمؤيدين المتحمسين.
ومن خلال مساهمة دولتنا في إفشال اليمن كدولة، تدخلاتنا في تلك الحروب الأهلية دائماً ما تعود بالضرر علينا.
واختتم مقاله بقوله: إن واشنطن خلقت أرضية خصبة لنمو وتجدد الإرهاب المناهض للولايات المتحدة هناك. البيت الأبيض قد لا يهتم كثيراً للخراب الشامل الذي سببه الحرب في اليمن - كما يتضح من الدعم الواسع لجرائم الحرب في المملكة العربية السعودية - محذراً من أن أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس لن يفيقوا إلا عند هجوم إرهابي من القاعدة في جزيرة العرب يقتل الأميركيين في الداخل أو في الخارج.