ما الذي يحدث في «عدن المحتلة»؟

على مدى أشهر من سيطرة قوات الغزو في عدن، عرف المواطنون كل أشكال الفوضى، وفي مقدمتها الاغتيالات شبه اليومية، وتوسع الجماعات الإرهابية. لكنّ الهجوم الإرهابي على دار "المسنين" هو الأكثر دموية وجرأة. ففي شهر يناير/ كانون الثاني، تحدثت إحصاءات تقديرية، أن نحو 33 شخصاً قضوا في عمليات اغتيال.

يزداد تفاقم الانفلات الأمني في عدن في ظلّ سيطرة ميدانية لعناصر التنظيمات المتشددة، على أجزاء واسعة من المدينة دون رادع حقيقي، سيما بعد فشل الخطط الأمنية التي أطلقتها قوات العدوان. وتواصلت لليوم الثاني توالياً ردود الأفعال المنددة بالجريمة التي وصفت بأنها "تكرار لحادثة الهجوم على مستشفى مجمع الدفاع (العرضي)" بصنعاء، نهاية 2013، والذي خلف المئات من القتلى والمصابين بين الأطباء والمرضى.

في السياق، تواصلت البيانات السياسية المنددة، فقد دان مصدر مسؤول بالمؤتمر الشعبي العام، الجريمة ووصفها بـأنها "إرهابية تتنافى وتعاليم الإسلام السمحاء وقيم وأخلاق الشعب اليمني الذي عرف بالتسامح والاحترام خاصة مع المسنين والعجزة، وضيوف الشعب اليمني من العاملين في السلك الصحي من الأشقاء والأصدقاء".

مشدداً على أنها تعكس حقيقة تحذيرات المؤتمر المتكررة من مخاطر الإرهاب والتطرف والغلو والعنف والفوضى سيما في ظل ما يتعرض له اليمن من عدوان غاشم، محملاً في السياق ذاته "قوات الاحتلال المتواجدة في عدن وأتباع الخائن هادي ومن خلفهم العدوان السعودي وحلفاؤه المسؤولية الكاملة عن هذه المذبحة البشعة، وعن كل الجرائم والعمليات الإرهابية والاغتيالات والفوضى التي تشهدها المدينة"- حسب الموقع الرسمي للحزب.

- البابا فرنسيس يشعر بالصدمة والحزن بعد الهجوم "الشيطاني" على دار للمسنين في عدن

حركة أنصار الله، من جانبها اعتبرت أن الفوضى التي يعيشها الجنوب، هي "نتيجة سبعة أشهر لوقوعه تحت سيطرة القوى الأجنبية المحتلة، حيث رقعة التطرف القاعدي والداعشي إلى اتساع مطرد، فيما من تسمي نفسها الحكومة تبدو عاجزة عن حماية نفسها، وهي كذلك عن توفير الأمن للمواطنين أعجز".

المتحدث الرسمي للحركة محمد عبدالسلام، في بيان على صفحته في فيسبوك، أعرب عن أسفه "أن ذلك جر على المواطنين الأبرياء من أبناء الجنوب الكثير من الويلات حيث كراماتهم ممتهنة، وحياتهم مهددة في الليل والنهار دون أن يحرك ذلك شيئاً في ضمير حكومة لم تستطع إدارة شؤون المواطنين في نطاق محدود، فكيف يعول عليها أن تقدم شيئاً لبلد بأكمله..؟".

وقال، إن "ما حدث يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك مسؤولية العدوان ومرتزقته عن كل ما يجري في الجنوب من جرائم بشعة باتت روتيناً يومياً.. وأمام ما يعانيه من احتلال وفوضى، وما يتعرض له الوطن عموماً من عدوان وحصار".

وجدد عبدالسلام التأكيد - إلى جانب ما يقدمه الجيش واللجان من تضحيات في سبيل سيادة وكرامة اليمن - على حاجة البلد لحوار سياسي يمني - يمني يأخذ على عاتقه بصدق وإخلاص وضع خارطة طريق تصل بالبلاد إلى شاطئ الأمان وفق رؤى وطنية محددة وواضحة.

وأردف: "وشعبنا اليمني وهو يصبو إلى دولة تصون كرامته وسيادته ليس في وارد التسليم للأجنبي ليتحكم في شؤون بلده، كي يغرق البلد بأكمله في نموذج معاناة أبناء الجنوب وسيستمر في نضاله وكفاحه مهما بلغت التضحيات".

- تداعيات هجوم عدن.. الهند تدعو رعاياها في "مناطق الخطر" العودة إلى ديارهم

وفي عدن، نفذ العشرات من الناشطين، وقفة احتجاجية أمام المبنى الذي تعرض للهجوم، معبرين عن تضامنهم المطلق مع النزلاء، ومطالبتهم حكومة هادي/ بحاح بالكشف عن هوية المنفذين وضبطهم. ورفعوا لافتات تطالب بضرورة التحقيق في الجريمة وتقديم المتسببين فيها إلى القضاء.

على صلة، نفى تنظيم أنصار الشريعة (وهو الاسم الذي يتخذه القاعدة بجنوب اليمن صفة له) في بيان له، صلته بالهجوم على دار "المسنين"، وكذا مقتل الشيخ عبدالرحمن العدني، الأحد الماضي.

في هذا الوقت، وفي ظل الفوضى السائدة وتصاعد حوادث الاغتيالات التي تكتسي طابع التصفيات المتبادلة بين المجاميع الموالية للعدوان، اغتال مسلحون مجهولون، العقيد سالم الملقاط، مدير مركز شرطة التواهي، وفق إفادة مصدر أمني. مضيفاً، أن ضابطاً آخر قتل بالإضافة إلى اثنين من المرافقين.

وقال المصدر، الذي تحدث لوكالة "خبر" شريطة عدم ذكر اسمه، إن مسلحين هاجموا دورية كان يستقلها العميد الملقاط، وسيارة أخرى يستقلها مرافقون في جولة "كالكتس" بالمنصورة، وفتحوا نيران أسلحتهم، ما أدى إلى مقتله على الفور واثنين من مرافقيه، بالإضافة إلى ضابط آخر يدعى محمد النخعي.

وأضاف، أن هناك مصابين لا يعرف عددهم، نقلوا إلى مستشفيي البريهي وصافر، قرب جولة "كالتكس"، قبيل نقلهم إلى مكان آخر. ولم تتحدد الجهة المنفذة للهجوم على الفور.