هل تكون "أم الحروب" مغامرة النهاية للنظام الإيراني؟

يعلو صوت طبول الحرب الكلامية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وبين فصول النزاع تمضي واشنطن في تحركاتها الفعلية لخنق النظام الإيراني وكسر شوكته، بينما تشير طهران إلى أوراق ضغط لا تملكها.

ويأتي التصاعد الكلامي بين البلدين، في الوقت الذي تتواصل فيه التحركات الأميركية بين عواصم العالم من أجل فرض عقوبات جديدة على طهران، تعد حتى الآن الخيار الأبرز بالنسبة للأميركيين، لبلوغ هدفهم.

وبدأ التهديد والوعيد بين الطرفين، الأحد، بعدما حذرت إيران الرئيس الأميركي، دونال ترامب، من عواقب ما وصفته بـ"اللعب بذيل الأسد"، لكن يبدو أن هذه العواقب لم ترعب الأميركيين.

"من أم المعارك إلى أم الحروب"

وأبرزت صحف عربية الحرب الكلامية التي اندلعت بين الرئيس الإيراني حسن روحاني والأمريكي دونالد ترامب.

تقول جريدة "القدس العربي" اللندنية في افتتاحيتها إن إدارة ترامب "ماضية بقوة نحو تحجيم إيران، ولا يتعلق الأمر بإخراجها من سوريا واليمن، ولا بإضعاف نفوذها الهائل على العراق ولبنان، بل إن كرة الثلج تتدحرج نحو استهداف النظام الإيراني في عقر داره".

وتضيف أن طهران "رغم سيطرتها على آلة النفوذ الهائلة في أربعة بلدان عربية، ورغم تهديداتها العالية السقف، فإنها على الأغلب ستتحسب من استخدام أوراقها في سوريا أو لبنان، لأنها بذلك تعطي حجة لضربة أمريكية ـ إسرائيلية كبيرة يمكن أن تتوسع بعد ذلك".

وتتابع "على الأسد الإيراني، بهذا المعنى، أن يخفي ذيله، وعلى آلته الدعائية أن تتوقف عن تكرار استخدام تعبير 'أم الحروب'، وأن يعيد تجميع حساباته وتقليص اتساع جبهاته، فربما يصل إلى نتيجة أن الحفاظ على رأس الأسد أهم من الحفاظ على الذيل".

وتحت عنوان "من أم المعارك إلى أم الحروب"، يقول فاروق يوسف في موقع "ميدل إيست أونلاين" إن التهديد بـ"أم الحروب" على لسان روحاني "يذكِّر بـ'أم المعارك' التي لوح بها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حين تحدى القرارات الدولية التي نصت على وجوب انهائه لاحتلال الكويت".

ويضيف "مثلما كانت أم المعارك بمثابة الضربة القاضية التي وجهت إلى النظام العراقي، فإن أم الحروب ستكتب السطر الأخير في حياة النظام الإيراني".

ويرى غسان شربل رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أن تصاعد منسوب التوتر في طهران ظهر جلياً في تصريحات روحاني التي لجأ فيها إلى "تعابير من قاموس صدام حسين".

ويقول شربل "واضح أن الشرق الأوسط يتجه نحو شهور صعبة، وأن التوتر ينتقل من الملف السوري إلى الملف الإيراني. وواضح أيضاً أن الخيارات الإيرانية صعبة؛ إما تجرع سم العقوبات مجدداً وانتظار رحيل ترامب، وإما القبول بمفاوضات حول البرنامج النووي والدور الإقليمي معاً".

ويضيف "الخياران صعبان للمرشد وجنرالات الحرس. أما الذهاب إلى 'أم المعارك' فتجربة صدام حسين لا تشجع على ارتكاب رحلة مدمرة من هذا النوع".

ثلاث خطوات "مدمِّرة"

يتساءل خالد السليمان في "عكاظ" السعودية "هل تستطيع إيران منع تصدير صادرات النفط الخليجية، كما هدد روحاني وخامنئي في حال توقف تصدير النفط الإيراني؟".

ويجيب بأن طهران "تستطيع عرقلة حركة ناقلات النفط في مياه الخليج العربي ومضيق هرمز، لكنها لكي تفعل ذلك عليها القيام بأعمال حربية عسكرية، فهل النظام الإيراني قادر على دفع فاتورة مثل هذه الأعمال والهجمات؟".

ويضيف "بكل الحسابات السياسية والعسكرية، هو غير قادر، وأي مغامرة يقوم بها لاختبار تهديداته ستنتهي بمواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة وحلفائها تهدد بانهيار النظام الإيراني الهش، تماما كما انهار النظام العراقي في عهده البعثي السابق".

وفي السياق ذاته، يقول عبد الباري عطوان رئيس تحرير "رأي اليوم" الإلكترونية اللندنية إن "تجدد التهديدات بإغلاق مضيق هرمز على ألسنة المسؤولين الإيرانيين... يعكس قلقاً متصاعداً، وليس رغبة في الحرب، ودعوة للإدارة الأمريكية غير مباشرة للجلوس إلى مائدة الحوار بحثا عن الحلول".

ويرى عطوان أن المسؤولين الإيرانيين "يخشون من إقدام الرئيس ترامب على ثلاث خطوات يمكن أن تلحق الضرر بهم".

الأولى "فرض حصار اقتصادي خانق على أمل تأليب الشعب الإيراني ضد حكومته"، والثانية "تحريك الأقليات غير الفارسية وغير الشيعية على غرار النموذجين السوري والعراقي"، والثالثة هي "إطلاق كميات كبيرة من المخزون النفطي الاحتياطي مما يؤدي إلى تخفيض الأسعار إلى معدلات مدمرة للاقتصاد الإيراني".

"حرب نفسية"

ويبدو أن الحرب الكلامية لن تهدأ، فصعدت إيران من لهجتها، وقال القائد الكبير بالحرس الثوري الإيراني، غلام برور، الاثنين، إن التهديدات التي وجهها ترامب لطهران تصل إلى حد "الحرب النفسية"، وإن إيران ستستمر في مقاومة أعدائها.

وأضاف: "لن نتخلى أبدا عن معتقداتنا الثورية.. سنقاوم ضغوط الأعداء.. أميركا لا ترغب في ما هو أقل من تدمير إيران.. (لكن) ترامب لا يمكنه أن يمس إيران بشيء".