الجسيم الشبح من أعماق الفضاء هل يحل لغز الكون؟

يعتقد علماء الفلك أن جسيما غريبا وحيدا قادما من أعماق الفضاء قد يلقي بعض الضوء على الغموض الذي يكتنف الكون، ويساعد في فهمنا له.
 
وهذا الجسيم المتناهي في الصغر، وهو عبارة عن جسيم دون ذري شبيه بالشبح، اندفع من مجرة نشطة للغاية تبعد عنا نحو 4 مليارات سنة ضوئية.
 
وباعتقاد العلماء، فإن هذا الجسيم يمكنه أن يحل لغزا عمره أكثر من قرن من الزمان يتمثل في "من أين تأتي الإشعاعات الكونية؟" بالإضافة إلى توفير وسيلة جديدة للنظر إلى الكون من زاوية مختلفة كليا.
 
ووفقا لصحيفة الإنديندنت البريطانية، فإن الجسيم الغامض شق طريقه إلى العلماء من بيئات في غاية الاختلاف والتنوع، ما يمنحهم فرصة فريدة لدراسته وإلقاء نظرة غير معهودة على تلك المناطق من الكون.
 
وكما هو الحال مع اكتشاف موجات الجاذبية عام 2016، فإن الاكتشاف الأخير قد يمنح العلماء طريقة جديدة ومختلفة تماما لدراسة أعماق الفضاء السحيقة.
 
وهذا الجسيم الشبح، وهو من عائلة "النيوترينو"، هو الأول من نوعه الذي يتم اكتشافه ويعود أصله على الأرجح إلى نجم زائف متوهج "بلازار" يبعد عن الأرض قرابة 4 مليارات سنة ضوئية، لفظته مجرته التي يتوسطها ثقب أسود هائل الحجم، ثم اندفع عبر الكون على شكل مادة كونية.
 
يشار إلى أن العلماء لطالما أذهلهم غموض الإشعاعات الكونية، وذلك منذ أن اكتشفوها قبل نحو 100 عام، إذ على الرغم من عددها الهائل وطاقتها العالية، فإن مصدرها ظل مجهولا حتى الآن.
 
لكن بات يحدوهم الأمل بعد الاكتشاف الجديد أن يتمكنوا من تفسير مصدرها.
 
والجسيمات الكونية هذه أو النيوترينو هو الرسول الثالث الذي يحمل الطاقة من أنحاء مختلفة من الكون، بعد الرسولين الأولين "الموجات الضوئية" و"موجات الجاذبية".
 
وتكمن فائدة النيوترينو في أنه ليس له كتلة وينتقل عبر الكون بشكل مستقيم، الأمر الذي يجعل اكتشافه صعبا، لكن من السهل تعقبه، نظرا لأنه يقطع مسافة تزيد على مليارات السنوات الضوئية.
 
وهو نادرا ما يتفاعل مع المادة، بحسب عالم الفلك بول أوبريان، عضو فريق علماء الفلك الدولي في جامعة ليستر.
 
ويقول أوبريان إن "اكتشافها من بين كل الجسيمات الكونية الأخرى له أمر مدهش حقا.. لكن تحديد المصدر يشكل انتصار هائلا"، موضحا أن هذا الاكتشاف سيتيح دراسة أبعد مسافة في الكون ومصادر الطاقة الهائلة فيه بطريقة مختلفة كليا.
 
يذكر أن الجسيم الشبح كان قد اكتشف في الثاني والعشرين من سبتمبر 2017 بواسطة "مرصد آيس كيوب الفلكي" الموجود في القطب الجنوبي.
 
وتمكنت شبكة من أكثر من 5000 مسبار عملاق من التقاط ضوء تشيرينكوف الأزرق المنبعث من النيوترينو المتفاعل مع الجليد.
 
ونظرا لأنه ينتقل بخط مستقيم، فقد تم تعقب مصدره إلى ذلك النجم الزائف البعيد مسافة 4 مليارات سنة ضوئية إلى اليسار من كوكبة الجبار (أوريون).