"الهوليغانز" الروس في المونديال.. لعبة القط والفأر مع السلطات

بعد مواجهات مارسيليا مع مشجعين إنجليز أثناء يورو 2016، بات للمشجعين الروس سمعة سيئة. واليوم يتساءل الكثيرون عما سيكون عليه الحال في مونديال روسيا. نظرة على تاريخ "الهوليغانز" الروسي وإجراءات السلطات لمواجهة الأسوأ.
 
بعد قرار منح تنظيم بطولة العالم لكرة القدم لروسيا، ازداد اهتمام السلطات الحكومية بالمشجعين الروس ومارست الضغوط عليهم. إذ أنه وخلال البطولة الأوروبية 2016 بفرنسا حدثت مواجهات بين مشجعين روس وانجليز. ومنذ ذلك الحين أوقفت السلطات الروسية الحوار مع مشجعي كرة القدم وأوكلت أمرهم للسلطات الأمنية فقط ودون غيرها، كما يقول مدير اتحاد المشجعين الروس، ألكسندر شبريغين.
 
وبعد شجار عنيف بين نحو 200 من مشجعي فريق سبارتاك موسكو وتسيسكا موسكو في نهاية كانون الثاني/ يناير 2016 بدأت السلطات باتخاذ إجراءات جنائية. وفي السابق كان المشاغبون في مثل تلك المشاحنات يعاقبون بغرامات مالية فقط.
 
من وسط المدن إلى ضواحيها
 
التعصب في أوساط مشجعي مشجعي كرة القدم بدأ في روسيا في السبعينات. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي ازداد التعصب حدةً، الأمر الذي نتج عنه في أواخر التسعينات مواجهات جماعية شارك فيها مئات المشجعين في وسط المدن على الغالب. "في بداية الألفية الجديدة وصلت حركة المشجعين في روسيا إلى ذروتها"، يتذكر شبريغين. وفي الفترة نفسها تقريباً شرعت مؤسسة مناهضة التطرف في ملاحقة مشجعي كرة القدم، يقول مدير اتحاد مشجعي كرة القدم الروس، ألكسندر شبريغين.
 
ويفيد آخرون بأن الكرملين بدأ أيضاً في انتهاج سياسة جديدة لتحقيق أغراض سياسية. "السلطات كانت تريد بناء علاقة جيدة مع بعض مجموعات مشجعي فرق كرة القدم لتوظيف ولائهم لأهداف خاصة بها". والصحفي الروسي ميخائيل زيغار يصف في هذا الإطار في كتابه "كل رجال الكرملين: داخل بلاط فلاديمير بوتين" كيف أن نائب مدير الإدارة الرئاسية، فلادسلو سوركوف، أسس حركة الشباب "ناشي" المتعاطفة مع الكرملين.
 
وفي النصف الثاني من عام 2000 تراجع مشجعو كرة القدم بالمعنى الحقيقي للكلمة من مراكز المدن إلى الضواحي. وعدد أقل من المشجعين شارك في صدامات، وفي الغالب لم يزيد عن العشرات. وفي ذلك العهد تم تأسيس اتحاد ضم جمعيات وأندية مشجعي كرة القدم. "وزير الرياضة كان على تواصل مستمر معنا واتحاد المشجعين الروس تم ضمه إلى اتحاد كرة القدم الروسي. وبوتين التقى مرتين معنا وكذلك فعل كل من رئيسي الفيفا واتحاد كرة القدم الأوروبي. وكنت أحد أعضاء اللجنة التنظيمية لبطولة العالم 2018 في موسكو"، يؤكد شبريغين. إلا أن كل شيء تغير.
 
الاستعداد لكأس العالم
 
وطبقا لإفادة شبريغين فإن أحداث مارسيليا في صيف 2016 كانت نقطة تحول. "اتحاد مشجعي كرة القدم الروس تم تحميله مسؤولية سلوك المشجعين في فرنسا، وإقصاؤه من اتحاد كرة القدم الروسي"، يقول شبريغين. وتوقفت منظمته عن العمل.
 
وفي حال حصول خرقات في الملاعب أو خارج المنشآت، يتم تنفيذ عمليات تفتيش وتحصل اعتقالات واستجوابات كما تحصل ملاحقة جنائية. "وهذه إلاجراءات الوقائية تم اعتمادها قبل انطلاق بطولة العالم"، يقول أحد المشجعين الذي يدعي أنه يتم إقحام عناصر في صفوف مشجعي كرة القدم الراديكاليين الذين يتعاونون مع السلطات الأمنية. وبضغط من السلطات غادر "الكثير من المشجعين الحركة وتراجعوا". كما أن الكثير من مجموعات المشجعين الإقليمية أوقفت مؤقتاً أنشطتها، وهي تنطلق من فرضية أن "يقظة السلطات ستتراجع بعد بطولة العالم".
 
السفر إلى الخارج كحجة
 
ويتفق محاورو DW على عدم توقع حصول مواجهات خطيرة خلال بطولة العالم. "في كل مكان تجتمع فيه كرة القدم والرياضة والمشاعر والجماهير يمكن أن تحصل بالطبع شجارات"، يقول شبريغين. لكن المواجهات الجماعية على غرار ما حصل في مارسيليا غير متوقعة الحدوث مع الإجراءات الأمنية الحالية. "الشرطة الروسية سترد بشكل مختلف عما وقع في مارسيليا حيث تفرجت الشرطة فقط. عندنا سيتم منع تكون مجموعات كبيرة من المشجعين"، يقول شبريغين.
 
وقد يقيم العديد من ممثلي حركة المشجعين الروس أثناء بطولة العالم 2018 في الخارج. "فالكثير من المشجعين الروس تمت توصيتهم بقضاء العطلة في الخارج أثناء بطولة العالم حتى يتمكنوا من إثبات التغيب عن مكان الحادث في حال حدوث مواجهات". إلا أن السمعة السلبية للمشجعين الروس التي نشأت في السنوات الماضية في أوروبا قد تتطابق مع التوجه في الذهاب "إلى أوروبا للتعارك هناك". ويفيد شبريغين أن الكثير من المشجعين يعتقدون أنه يمكن لهم التسلل وسط الجماهير البشرية والبقاء دون التعرف عليهم.