الإيرلنديون على موعد مع استفتاء تاريخي حول الإجهاض

يصوت الإيرلنديون الجمعة في استفتاء تاريخي حول الإجهاض بعد نحو 35 عاما على سن تشريع يعد من أكثر التشريعات تقييدا للحريات في أوروبا، حيث لا يعتبر الاغتصاب أو سفاح القربى أو تشوه الجنين من الأسباب الموجبة قانونيا للإجهاض.
 
يصوت الإيرلنديون الجمعة في استفتاء بشأن تشريع الإجهاض، وسط انقسام للمجتمع بين مؤيد ومعارض.
 
ويدعو الاستفتاء الإيرلنديين للتصويت لصالح أو ضد إلغاء التعديل الثامن للدستور الإيرلندي الذي يحظر الإجهاض والمعتمد في عام 1983 وظل ساريا حتى العام 2013 عندما أقر إصلاح آخر يسمح بالإجهاض في حالات استثنائية، كأن تكون حياة الأم في خطر.
 
ويعد تشريع 1983 من أكثر التشريعات تقييدا في أوروبا لأنه لا يعد الاغتصاب أو سفاح القربى أو تشوه الجنين من الأسباب الموجبة قانونيا للإجهاض. ولذلك تضطر آلاف الإيرلنديات كل سنة للسفر إلى الخارج، وبشكل رئيسي إلى المملكة المتحدة، لإجراء عمليات الإجهاض. فأي امرأة تجهض أو شخص يساعد على الإجهاض يخضع الآن للسجن لمدة 14 عاما.
 
وإلغاء التعديل الثامن، الذي تم تقديمه عن طريق الاستفتاء بناء على طلب الحكومة التي تعتبر القانون مقيدا أكثر من اللازم، سيتبعه تقنين الإجهاض غير المشروط حتى 24 أسبوعا لأسباب صحية.
 
وتكشف جميع الاستطلاعات التي أجريت في الفترة الأخيرة أن ما بين 56 إلى 58% من الإيرلنديين يؤيدون السماح بالإجهاض، لكن الأمر مرهون بما يقرره بين 14 إلى 17% من المترددين الذين قد يغيرون النتيجة. لذلك كتبت صحيفة "ذا آيريش تايمز" مؤخرا إن "نتيجة الاستفتاء غير محسومة سلفا".
 
معركة عبر مواقع التواصل
 
حشد مؤيدو الإجهاض في معركتهم الأصوات المؤيدة من خلال تبني قضية أماندا ميليت التي اضطُرت للذهاب إلى المملكة المتحدة لإجراء عملية إجهاض لجنينها المصاب بتشوهات خلقية قاتلة.
 
وعدَّت ميليت نفسها ضحية للقانون الإيرلندي، ورفعت قضيتها إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي وقفت في صفها. وفي النهاية حصلت من دبلن على تعويض قدره 30 ألف يورو.
 
حول ذلك قالت ميليت لوكالة الأنباء الفرنسية، "جرت محاولات لتغيير القانون (...) في ما يتعلق بالتشوهات القاتلة للأجنة، لكنها لم تنجح"، مؤكدة أن التعديل الدستوري وحده قادر على تغيير الوضع.
 
لكن معارضي الإجهاض "المؤيدون للحياة" ينتقدون في المقابل ما يمكن أن ينجم عن التغيير من إجراءات ومنها الإجهاض غير المشروط حتى 12 أسبوعا من الحمل وحتى 24 أسبوعا لأسباب صحية.
 
وتبدي كورا شيرلوك المتحدثة باسم "الحملة المؤيدة للحياة" تفاؤلا بشأن الفوز في الاستفتاء "لأن الناس لا يؤيدون السماح بالإجهاض حسب الطلب".
 
واشتدت في الآونة الأخيرة اللهجة بين المعسكرين، وندد رئيس الوزراء الإيرلندي باستخدام الحملة المناهضة للإجهاض صور أشخاص يعانون من متلازمة داون ورأى في ذلك "محاولة جديدة منهم للانحطاط بالنقاش وإشاعة حالة من الارتباك".
 
وتعرض أطباء وأخصائيون في المجال الطبي الذين عبروا عن موقف في النقاش لانتقادات، ودعا معارضون للإجهاض إلى "التمرد" ضد كبرى وسائل الإعلام وغالبية من النواب المتهمين بالانحياز إلى جانب مؤيدي الإجهاض.
 
ولعبت شبكات التواصل الاجتماعي أيضا دورا مركزيا في حملة الاستفتاء، ودعا المعسكر المؤيد للإجهاض الإيرلنديين في الخارج للعودة إلى البلاد والتصويت.
 
وللحد من مخاطر التلاعب بتوجهات الناخبين عبر الإنترنت، أعلنت غوغل وفيس بوك حجب الإعلانات الانتخابية التي تمولها جهات خارجية.
 
في هذه الأثناء، ظلت الكنيسة الكاثوليكية إلى حد كبير خارج النقاش وهو موقف عده الخبراء حكيما إذ أن الإدلاء بموقفها علنا كان يمكن أن يعطي نتيجة عكسية ويشجع مؤيدي الإجهاض.
 
وفي البلد الذي يبلغ عدد سكانه 3,7 ملايين نسمة، يعلن 78% منهم أنهم كاثوليك وفق إحصاء أجري في 2016. لكن عدد من يحضرون القداس الأسبوعي في تراجع.