باحثون يخترقون عقول الفئران ويسيطرون عليها

حياة فأر التجارب لها حسناتها وسيئاتها، إذ يتمتع بمسكن ومأكل مجانيين، ويعالج من جميع الأمراض التي يعاني منها، حتى إن أصيب بالسرطان أو فقد بصره، وقد يدرك يومًا أنه لم يعد يشعر بالعطش! لكن علينا ألّا ننسى أن من يعالجون فئران التجارب من الأمراض القاتلة هم من يصيبونها بها في المقام الأول! ومؤخرًا تمكن الباحثون من السيطرة على عقول الفئران، واقتادوها إلى نهاية متاهة كأنها روبوتات!

في المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتقنية، اخترق باحثون أدمغة فئران اعتمادًا على تقنية علم البصريات الوراثي، وهي إحدى تقنيات علم الأعصاب التي تتيح التحكم بخلايا الدماغ الحية بإدخال الألياف البصرية إليها فتؤثر إشارات الألياف الضوئية على وظائف البروتينات الحساسة للضوء، ما يسمح بالتحكم بتلك البروتينات عبر تشغيل الألياف الضوئية وإيقافها، وبهذا شقت الفئران السايبورغية طريقها نحو نهاية المتاهة مطيعة الأوامر البشرية ومتجاهلة غرائزها وحاجتها إلى الغذاء.

أرسل الباحثون خلال التجربة إشارة حثت الفأر على اشتهاء كرة وضعت أمامه كي يلاحقها بسرعة، لكن سرعان ما فقد اهتمامه بالكرة حينما توقفت الإشارة. ثم أحكموا سيطرتهم على الفأر السايبورغي، فاقتادوه في متاهة مليئة بالملهيات كي يختبروا درجة التحكم، فوضعوا فأرة لاختبار قدرته على كبح غرائزه، وأضافوا كثيرًا من الطعام الشهي والعقبات، وعلى الرغم من هذا، استمر الفأر في السير باستقامة حتى النهاية.

لكن السؤال هنا ما الهدف من هذه التجربة؟ يرى الفريق أن هذه التقنية قد تساعد في التحكم بالحيوانات لإنجاز المهام التي تتطلب حاسة شم قوية، كمهمات البحث والإنقاذ، والكشف عن الألغام الأرضية، وشم المخدرات.

وحين نقارنّ الروبوتات بالحيوانات، تميل الكفة إلى الثانية، فالأولى ما زالت شيئًا يابسًا يتعثر كثيرًا، وتتفوق عليها الحيوانات بالرشاقة والقدرة على عبور التضاريس الصعبة. وقال ديسو كيم وهو مدير المشروع لمجلة «آي إي إي إي سبيكترم»

«تعيش الحيوانات في نظم بيئية معقدة وتتنقل خلالها بشكل طبيعي، علاوة على أنها لا تحتاج إلى البطاريات.»

أثبت العلماء قدرتهم على التحكم بالحيوانات عن بعد سابقًا، فطوروا في العام الماضي روبوتًا طفيليًا ثُبّت على ظهر سلحفاة، وتحكم بحركاتها عبر إنارة ثنائي ضوئي أمامي يرشدها مع تحفيزها بمكافآت من الطعام. وفي العام 2012 طور الباحثون صراصير سايبورغية يؤثر على أعضائها الحسية جهاز إرسال لاسلكي لصق بظهرها. والطريقة المختلفة في هذه الحالة أن التحكم بالصراصير أنجز بمحفزات خارجية خلافًا لتقنيات علم البصريات الوراثي التي حفزت الفئران من الداخل.

لكن هل يمكن استخدام هذه التقنية على البشر؟ نعم، فللتحفيز الدماغي العميق استخدامات طبية تشمل علاجات مرض باركنسون. لكن لا نظن أن هذه التقنية ستساعدنا في تجنب انجذابنا نحو الوجبات السريعة قريبًا.