في حال أراد الحوثيون إنهاء الصراع جراء تزايد نكساتهم المتتالية هل ستسمح لهم إيران بالتفاوض بحسن نية؟

مجلة "انترناشيونال انترست" الأمريكية

الخميس الماضي، أبلغ وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنه يجب على البلدين "إعادة تنشيط الجهود العاجلة لإنهاء الحرب في اليمن. جاء تصريح ماتيس في أعقاب اجتماع بين محمد بن سلمان والرئيس ترامب. وخلال ذلك الاجتماع، اعتبر الطرفان أن "الحل السياسي للصراع" كان ضروريا. هناك سؤالان يظلان وسط هذا الدفع باتجاه السلام. أولاً، هل يسعى الحوثيون إلى تسوية سياسية دائمة؟ ثانياً، إذا كان الحوثيون يسعون فعلا إلى تسوية، فهل ستوافق إيران على ذلك؟

تبع اجتماعات ولي العهد السعودي مع ترامب وماتيس نشاط دبلوماسي كبير من جهة الحوثيين. في يناير، زار محمد عبد السلام، الناطق باسم الحوثيين، سلطنة عمان، وبعد ذلك بوقت قصير، سافر وزير الخارجية العماني إلى طهران. في فبراير، زار عبد السلام إيران.

لكن في الوقت الذي يرسل فيه الحوثيون وحلفاؤهم الإيرانيون إشارات متضاربة، عانى الحوثيون بشكل واضح، خلال الأشهر الثلاثة الماضية - منذ اغتيالهم الرئيس صالح، سلسلة من النكسات السياسية والاقتصادية والعسكرية الهائلة والتي بدورها أضعفت موقفهم.

على الصعيد السياسي، تسبب قرار الحوثيين المتهور والأحمق باغتيال حليفهم، الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في ديسمبر الماضي، في عزلهم وتركهم يواجهون مصيرهم دون أصدقاء.

زود حزب صالح، المؤتمر الشعبي العام، الحوثيين بغطاء سياسي، ومنحهم الشرعية. بعد اغتيال صالح، انشق الكثير من أعضاء المؤتمر الشعبي العام، وأولئك الذين بقوا في حضن الحوثيين يحملون القليل من الجاذبية السياسية. وبالتالي، بالنسبة للكثير من اليمنيين، يبدو الحوثيون وكأنهم كيان طائفي لا يمثل مصالح الشعب اليمني.

من الناحية الاقتصادية، يزعم الحوثيون أنهم يتعرضون للاختناق بسبب الحصار، لكنهم يواجهون صعوبة في التوفيق بين هذا الموقف وبين نظام ضرائبي قمعي متزايد. لقد وضع الحوثيون "ضريبة حرب" متزايدة باستمرار على السلع الأساسية والأدوية والواردات. فقد احتكروا الإيرادات من الاتصالات والكهرباء والخدمات الحكومية الأخرى، بالإضافة إلى الشركات التي تخضع لسيطرتها. تذهب العائدات من هذه الخدمات، بالإضافة إلى نشاط التهريب، إلى دعم جهود الحوثي الحربية بدلاً من الخدمات العامة الأساسية، التي تم إسناد العمل بها إلى وكالات إنسانية، مما غذى ووسع الاستياء العام ضدهم.

كما عانى الحوثيون، مؤخراً، من هزائم وانتكاسات كبيرة في معارك القتال الرئيسية. منذ اغتيالهم الرئيس صالح في ديسمبر الماضي، تم دحرهم من مناطق استراتيجية مهمة في محافظتي شبوة والخوخة وحيس وغيرها. وفي هذه الأثناء، يواصل الجيش اليمني تقدمه في الحديدة ونهم وتعز، لقطع خطوط إمدادات الحوثيين، تاركةً قواتهم في العاصمة صنعاء عرضة للخطر. كما فشل الحوثيون في استعادة ما خسروه في نهم والجوف ومارب وتعز وحيس وغيرها من المناطق المهمة.

وللتعويض عن معدل الخسارة التي يتعذر تحملها على نحو متزايد، سارع الحوثيون إلى تجنيد الأطفال وزجهم في خطوط القتال الامامية.

على الرغم من هذه النكسات التي تجرعها الحوثيون، فإن الإشارات على السلام لا تزال متضاربة. يستمر الحوثيون في تهديد المراكز السكانية المدنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بضربات صاروخية. وفي الشهر الماضي، أشار مبعوث الأمم المتحدة إلى رفض الحوثيين في وقت سابق لاتفاقية برعاية الأمم المتحدة.

لنفترض أن الحوثيين يريدون إنهاء الصراع، فهل ستسمح لهم إيران بالتفاوض بحسن نية؟

إن الدعم الإيراني، على شكل بنادق وصواريخ وقاذفات وطائرات مسيرة وإمدادات ومال وتدريب، أمر ضروري لجهود حرب الحوثيين. إن تكريس الصراع يكلف إيران القليل جداً، في حين يمنحها فناء وتوكيلا متماسكاً وأيديولوجياً يسيطر على عاصمة عربية أخرى. كما يعطي الحوثيون للإيرانيين الوسائل اللازمة لضرب الرياض وأبو ظبي بشكل مباشر، مع الحفاظ على الإنكار وإجبار منافسيهم على تحويل الأموال والرجال والموارد إلى حماية الفناء الخلفي الخاص بهم.

وصف صالح الصماد هجمة الأحد الصاروخية على المملكة، بأنها "رسالة سلام"، في تطور مثير للسخرية، من المحتمل (إن لم يكن مؤكدا) أن إيران أمرت بهذا الهجوم لتذكير الرياض بأن مصالحها يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أثناء أي مفاوضات قادمة.

ومع ذلك، في أواخر فبراير، قدم محمد الحوثي، وهو زعيم ميليشيا كبير، خطة سلام إلى الأمم المتحدة عقب زيارة عبد السلام إلى "السفينة الأم" الإيرانية. كانت خطة الحوثي مطابقة تقريبا لمقترح سابق قدمه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف.

من المسلم به أن خطتي الحوثي وظريف غامضتين وغير متوازنتين. يطالبون بإنهاء العملية العسكرية للتحالف، لكنهم لم يذكروا أي شيء عن تسريح ونزع سلاح الحوثيين أو إجبار إيران على إنهاء دعمها العسكري لمليشياتها.

بوجود المتشددين بقوة في قيادة طهران، يبدو أن إيران لا تملك حافزاً يذكر للتفاوض بجدية بشأن اليمن دون الحصول على مكاسب دبلوماسية كبيرة في أماكن أخرى، كما هو الحال في المشرق العربي، في العراق، أو الاتفاق النووي، أو تخفيف العقوبات. أو قد يسعون ببساطة لشراء الوقت لكي يعيد الحوثيون التسلح والتموضع.

ومع تزايد الحوثيين من نكساتهم المتتالية وفقدانهم الحاضنة الشعبية، ومع أن إيران التي تواجه ضغوطا اقتصادية وسياسية متصاعدة في الداخل، فإن خطط الحوثي وظريف التي كونها معيبة، يمكن أن تشير أيضا إلى استعداد حقيقي للتفاوض على إنهاء هذا الصراع المدمر. يجب على حكومة اليمن المعترف بها دوليا والتحالف الذي تقوده السعودية اختبار مدى إخلاص إيران من خلال الاستجابة بحذر لهذه المقترحات.

*مجلة "انترناشيونال انترست" الأمريكية واسعة الانتشار