قطر تسعى لعرقلة الحضور السعودي في العراق

تسعى قطر إلى مزاحمة الانفتاح السعودي على العراق، مستغلة أحزابا شيعية موالية لإيران من أجل بناء نفوذ عكسي متأخر، في البلد الذي لا تملك قطر فيه تراكما تاريخيا أو تأثيرا يذكر.
 
وفي سبيل تعطيل المقاربة السعودية في العراق، تعول الدوحة كثيرا على ميليشيات شيعية مرتبطة بإيران، تعتقد أن علاقات عراقية سعودية متوازنة ستؤثر على نفوذ طهران المتجذر.
 
وتكاد قطر تسير على خطى السعودية وتقلد إجراءاتها دون تغيير، معتمدة المدخل ذاته لبناء علاقات مع المجتمع العراقي، عبر كرة القدم.
 
وتداول مسؤولون عراقيون أنباء عن استعداد قطر لنقل بطولة الخليج المقبلة لكرة القدم من الدوحة إلى البصرة، عاصمة الجنوب العراقي.
 
وأرسلت قطر منتخبها الأول لكرة القدم ليلعب مع العراق على أرض البصرة، وهي الخطوة التي سبق للسعودية أن قامت بها وحازت اهتماما شعبيا ورسميا كبيرين.
 
وتوسع مدونون تابعون لأحزاب شيعية موالية لإيران في تغطية مباراة المنتخب القطري مع نظيره العراقي على أرض البصرة، في محاولة لمجاراة الاهتمام الواسع الذي حظيت به مباراة السعودية والعراق.
 
وهيمنت تغطيات الحضور الرياضي السعودي في بغداد، الذي توج تطورا كبيرا في علاقات البلدين، منذ تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، على مشهد الإعلام العراقي، وحسابات العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
 
ويفسر مراقبون قلة اهتمام العراقيين بالحضور القطري في بلادهم بأنها تأتي من بوابة التنسيق مع أحزاب شيعية متطرفة، يشوب علاقتها بحكومة العبادي التوتر، وتخضع كليا لإيران.
 
وتشهد الأوساط الشعبية، في جنوب العراق ذي الغالبية الشيعية، طرح أسئلة بشأن جدوى الاستسلام للنفوذ الإيراني المهيمن، فيما ترسل دول خليجية إشارات بشأن استعدادها للعمل في العراق، من بوابة الاقتصاد والاستثمار ومشاريع إعادة الإعمار، بدلا من السلاح والطائفية اللذين شكلا محور الحضور الإيراني في البلد.
 
وتقول مصادر محلية في مدينتي الناصرية والسماوة الفقيرتين إن الأحزاب الشيعية العراقية، الموالية لإيران، لا تتردد في التلويح بالسلاح عند كل اعتراض شعبي على نفوذ طهران.
 
وينشر مدونون بأسماء مستعارة صورا من مدن في جنوب العراق، لجدران خطت عليها عبارات مناهضة للنفوذ الإيراني السلبي.
 
ويندد هؤلاء بسعي حلفاء إيران إلى تطبيق نموذج ولاية الفقيه في العراق.
 
ويقول مراقبون إن هذه الطبقة العراقية الشابة في الجنوب، التي تحتاج إلى فرص عمل ووسائل ترفيه، تربط بين الحضور القطري الجديد في مناطقها، والنفوذ الإيراني المتجذر عبر أحزاب شيعية تقليدية.
 
ولا يتردد هؤلاء المدونون في الترحيب بالانفتاح السعودي على العراق، الذي يجري حديث عن أنه سينتج مشاريع استثمارية في جنوب البلاد، تحسن الاقتصاد المحلي، وتوفر الآلاف من فرص العمل.
 
ويقول مراقبون إن طهران تراقب هذا الحضور السعودي، وتخشى أن يمثل خطرا حاسما على مستقبل علاقتها بالعراق، التي تتسم بالتبعية، وليس بالندية أو الشراكة.
 
ويقول هؤلاء إن التوجه القطري نحو العراق، الذي يأتي في وقت احتدام الصراع الانتخابي، لا يعدو أن يكون ذراعا إيرانية جديدة في البلاد، إذ ينظر مسؤولون إيرانيون إلى إمكانية استغلال القدرات المالية القطرية لسد ثغرات اقتصادية لا تملك إيران القدرة على لعب دور حاسم لمعالجتها.
 
وسيمثل جنوب العراق منطقة حيوية لترجيح أحد المشاريع السياسية المتنافسة، التي تستعد لخوض الاقتراع العام في مايو القادم، بسبب كثافته السكانية الكبيرة، حيث يقيم فيه أكثر من نصف سكان العراق.