هكذا يعاني أبناء المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي

فيض من غيظ ما يعانيه أبناء المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، من ممارسات وانتهاكات شبه يومية تطالهم، وفي نواح شتى، رصد الموقع الإخباري اليمني "نيوز يمن"، بعضا من تلك الانتهاكات التي ترتكب بحق ابناء العاصمة صنعاء.

وقال إن "صنعاء لا تحارب الحوثيين حاليا، ولكنها لم تسالمهم أيضًا، إنها مدينة تمتلك أدواتها الخاصة للتعبير عن غضبها واحتجاجها، أدواتها الناعمة تتصاعد وتجهز البيئة المناسبة لخوض لعبة النهاية مع كل من يفرض عليها قبضته وممارساته بالقوة".

وبحسب الموقع تجرأ عامل النظافة في منطقة الحصبة بصنعاء، وفي وقت الظهيرة، ورد بصوت مرتفع على أحد المسلحين، لكن الأخير رفع سلاحه الآلي وأسكته إلى الأبد، فقد تجرأ على "سيده" كما قال متباهيا بفعلته، لم يعرف أحد شخصية ذلك المسلح واسمه وعمله، لكن قناة المسيرة مساء ذلك اليوم قبل أسابيع، عرضت صورا لأسلحة قالت إنه تم العثور عليها مع أحد الإرهابيين بعد أن سقط صريعا برصاص رجال الأمن واللجان الشعبية.

واشار الى ان المفاجأة كانت أن ذلك الإرهابي لم يكن سوى ذلك اليمني الأسمر الذي رفع صوته في وجه المسلح المتعجرف، كما قال أحد سكان الشارع الرابط بين جولة الساعة وجولة عمران، مستنكرا وغاضبا مما حدث، قبل أن يضيف، "بيننا وبينهم يا احنا يا هم، والله ما تسبر لنا عيشة وهم يحكمونا، ولو الناس خائفين وصابرين وساكتين اليوم، لكن هذا الصمت لن يستمر، والله لو احنا دجاج يا ذاك".

وفي السياق حدثت قصة أخرى في منطقة أخرى، شرق العاصمة، اشترط الأستاذ (ص.م) عدم ذكرها ولا ذكر اسمه خوفا من الاستدلال عليه؛ ذكر أن مشرف الحوثيين جاء إلى المدرسة التي يعمل بها يطلب تنظيم وقفة ضد (العدوان) كعادته، ولأول مرة تفاجأ المعلم في حصته أن الطلاب يطلبون منه الاستمرار في الشرح حتى لا يكونوا مضطرين للخروج في الوقفة التي مثلت لهم فرصة للفرار من ثقل حصص مادته وأخواتها في وقت سابق.

ولفت الموقع الى أن المعلم لم يستطع الاستمرار في الشرح حسب طلبهم، حتى لا يكون متهمًا بعرقلة الوقفة وإفشالها، غادر الفصل وغادر بعده طلابه، إلا أنهم لم يقفوا في الساحة المعهودة، فقد كانت بوابة المدرسة هي وجهتهم هذه المرة.

لأن قناة المسيرة كانت حاضرة لتغطية الوقفة، وكاميرتها منصوبة في قلب الساحة، والمشرف إياه يريد إلقاء كلمة مجلجلة حتى يستمتع بصورته على شاشة القناة مساء، فقد قام بملاحقة الطلاب لإعادتهم بالقوة.

وأغلق بوابة المدرسة حتى يمنع من تبقى من الطلاب من الفرار هربا من وقفته وكلمته الممقوتة بعد أن كانت فرصة لكسر ملل الحصص الجامدة من قبل، كان من نجح بالفرار قد نجا برأيه ورغبته، ومن فشل اضطر للوقوف صامتا في مشهد شبه جنائزي لا يليق بالحماس الذي يريده الرجل، وهتافات الصرخة لم تنطلق إلا من أفواه القليلين ولم تعد مدوية كما حدث في أوقات مضت، لم يتهم الرجل معلمي المدرسة بالدعشنة بل بالعفشنة هذه المرة.

مدير المدرسة كان في موقف شديد الحرج والخوف، فهو يعلم عاقبة تصرف كهذا على مستقبله المهني، غطى على الفراغ بترديد الصرخة عبر مكبرات الصوت من منصة السلام الجمهوري الذي لم يعد محل اهتمام من أحد بعد تحول الصرخة إلى رمز للوطنية ذات المواصفات الخاصة بجماعتها وحدها.

من جهته قال عاقل الحي في مقيله العامر بالرواد، خاطب المتواجدين بضرورة الاعتراف بمعطيات الوضع الجديد، (عصر ما بعد صالح)، والتفاعل لدعم الجبهات بالمال والرجال، وتلبية دعوة (السيد عبدالملك) للجهاد ضد (العدوان).

أحد من حضروا المقيل همس للعاقل بعد مغادرة من ينتمون للحوثيين: "قد قتلوا الزعيم وهو حليفهم، أوبه لنفسك بس ولا تركن على خدمتك لهم، هكذا عاتخسر أصحابك ولن تكسب الجماعة، هم داريين بنا على واحد واحد، بس عادهم مش قادرين يواجهوا الناس كلهم مرة واحدة"، لكنه قال كان "العاقل بلا عقل" لأن محطة الغاز التي يملكها بالحارة تدر عليه دخلا محترما وقد تتعرض للحصار من قبل الموردين أو للغلق من قبل المشرفين، ما لم يبد تعاونا مع جماعة نظام الغلبة والتمكين و"نهابة البلاد" حسب وصفه.

وعن معاناة السكن ورفض المؤجرين تأجير من يتبعون مليشيا الحوثي كشف احد المواطنين عن ما حدث له وقال محسن انه انخرط في موجة التكيف الاجتماعي مع الوضع الجديد تحت قبضة الحوثيين، من أجل الأمان وعدم التعرض للملاحقة أو الاعتقال في حال إظهار العكس، فقد كان يبدي ككثيرين تعاطفه مع الحوثيين وتأييدهم لمواقفهم في النقاشات العامة أو عند الحديث مع الغرباء، لكنه ليس حوثيا في الحقيقة وذلك ما حرص لاحقا على توضيحه لمؤجر آخر، لأنه لم يستطع الحصول على شقة للإيجار بعد بحثه لأيام، كان يجد شققا خالية من السكان، وأصحابها يعرضونها فعلا للإيجار، لكنهم يعتذرون بعد نقاش بسيط عن تأجيره لأنها محجوزة أو يحتاجها صاحبها.

محسن اكتشف لاحقا أن منطقته (وهو من أبناء حجة) هي من تحرمه الحصول على سكن، فالمؤجرون وأصحاب العقارات عندما تبحث عن منزل أو محل للإيجار أصبحوا يتعاملون بحذر كبير مع أبناء المناطق التي تصنف كمناطق تنحدر منها قيادات الجماعة، قال صاحب عمارة بمنطقة هبرة: "هم يمنيين مثلنا وما يصح نعاملهم هكذا واحنا مش متأكدين أنهم حوثيين، ولو موتونا جوع، لكن قدك تخاف تأجر واحد بيتك ويرجع يستولي عليه، أو ما يدفع إيجار ويجلس على راسك ولو ضايقته سار يدي لك المشرف، ما تعمل بحقك بعدا، هذا لو سلمت منهم وما تحولت داعشي".