نيويورك تايمز: الواقع اليومي لليمنيين.. مجاعة وأوبئة وغارات جوية قاتلة

مجاعة تلوح في الأفق وتفشي الامراض والاوبئة وغارات جوية قاتلة.

هذا هو الواقع اليومي لسكان اليمن الذين يعانون من أزمة إنسانية هائلة مدفوعة بحرب شرسة.

وحذر خبراء الأمم المتحدة من أن بعض الإجراءات التي تقوم بها الأطراف المتحاربة يمكن أن ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية بسبب إعدامهم المنتظم والواسع النطاق.

وتصاعدت الدعوات المطالبة برفع الحصار الذي فرضته السعودية على الموانئ البحرية والمنافذ البرية والجوية، في أعقاب إطلاق صاروخ على السعودية في الرابع من نوفمبر الماضي. ومنذ ذلك الحين، تم تخفيف الحصار، لكنه ما زال يقطع المدنيين عن المساعدات الإنسانية والأغذية التي تمس الحاجة إليها.

عندما يكون الغذاء سلاحاً!

العديد من اليمنيين يعانون من الجوع كنتيجة مباشرة للحرب، مما أدى إلى تضخم أسعار المواد الغذائية، وترك معظمهم غير قادرين على تحمل الإمدادات.

منذ بدء الحرب السعودية على اليمن في عام 2015، ونحو 17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بحسب وكالات الأمم المتحدة للإغاثة، وهي تعني أنهم لا يتمتعون بإمكانية الحصول على الغذاء بشكل منتظم، ويمكن أن يتعرضوا لخطر الجوع. وكانت اليمن حتى قبل الحصار السعودي الأخير على وشك المجاعة.

لقد أدى الحصار إلى تعرض اليمنيين لمجاعة، وحتى قبل فرض الحصار كانت اليمن تعاني من التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأيضاً فإن العديد منهم لم يعودوا قادرين على الحصول على الإمدادات الغذائية.

ولا تزال جميع الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين محاصرة، وغالبية الأغذية التي تدخل البلاد تأتي من خلال هذه الموانئ.

وحذرت شبكة الإنذار المبكر الخاصة بالمجاعة، وهي جماعة أسستها وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة، من ان معظم سكان اليمن سيعانون من المجاعة في غضون ثلاثة أشهر إلى أربعة.

كانت السعودية أعلنت، الأربعاء (22 نوفمبر) الجاري، إعادة افتتاح ميناء الحديدة الذي يعتبر شريان الحياة لسكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وأيضاً فتح مطار صنعاء، بعد ضغوط دولية كبيرة أجبرت السعودية على فتح الميناء والأجواء.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إن المجاعة يمكن أن ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية إذا ما استخدمت القيود الغذائية كسلاح في الحرب.

وقال هلال إلفر، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالغذاء، للصحفيين في أكتوبر، متحدثا بشكل عام عن الموضوع: إن إعاقة وصول إمدادات الغذاء عمداً، وتدمير إنتاجه، هي أعمال جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب. واضاف ان "هذه الاعمال تعتبر جرائم ضد الانسانية او جرائم حرب".

عندما يكون المرض ليس من قبيل الصدفة!

أيضاً، فقد أدت الحرب التي تخوضها السعودية في اليمن إلى تدمير البنية التحتية الصحية وتركت البلاد بلا مياه شرب نظيفة، وهو ما أدى إلى اتنتشار الكوليرا، ويعد هذا أكبر تفشي في العالم في سنة واحدة فقط.

واستهدفت العشرات من المستشفيات عمدا، وفقا لتقرير من منظمة إنقاذ الطفولة، من قبل الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية.

وقد أثر تفشي الكوليرا بشكل غير متناسب على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ويرجع ذلك جزئيا إلى تدمير المزيد من شبكات المياه العامة والمستشفيات والمناطق السكنية هناك، مما اضطر الناس إلى العيش في ظروف مزدحمة وغير صحية.

ورغم انحسار الكوليرا، لكن منظمة الصحة العالمية حذرت من انه اذا لم يتم رفع الحصار الحالي من قبل التحالف فان الوباء سيشتعل مرة اخرى كالهشيم. وقد تم منع دخول أقراص الكلور التي تمس الحاجة إليها والتي تعقم المياه، إلى البلاد، وكذلك مئات الأطنان من اللوازم الطبية الأخرى.

وذكرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان الحصار الجديد يعرض 2.5 مليون شخص لخطر تفشى الكوليرا والامراض الاخرى التي تنقلها المياه.

عندما يكون المدنيون هدفا!

حذرت لجنة مراقبي العقوبات التابعة للأمم المتحدة في عام 2016 من أن الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف بقيادة السعودية تستهدف المدنيين بطريقة "واسعة النطاق ومنهجية".

ويوم الاربعاء اصدرت لجنة الانقاذ الدولية بيانا قالت فيه ان اسبوعين فقط من الحصار كان له "اثر مباشر وخطير" على البلاد التي تواجه ازمة كبيرة بالفعل.
واضاف البيان "ما يحدث الان هو عار تام. ان مسؤولية عدم اتخاذ اجراء لمنع العقاب الجماعي تقع علينا جميعا".

وتنظر المحكمة الجنائية الدولية في "الأفعال اللاإنسانية" التي "تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو إصابة جسيمة في الجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية" بأنها جرائم ضد الإنسانية.