جوجل: نتتبع مواقع المستخدمين الجغرافية عبر هواتفهم الذكية دون علمهم

يظن بعضنا من مستخدمي هواتف أندرويد أنّه بمجرد إيقاف خاصية ما من إعدادات الهاتف فإنّها تتوقف كليًا بالفعل. قد يكون هذا صحيح في بعض الحالات مثل: إيقاف الاتصال اللاسلكي واي فاي، أو بلوتوث مثلًا، في حالة ما إن لم يكن هاتفك مخترقًا ممن يمكنه التحكم في كل خصائصه دون علمك، ولكن في بعض الحالات لا يكفي إيقاف الخاصية بالضغط على زر في الإعدادات، بل لا يكفي حتى إزالة بطاقة الاتصال SIM، فكل هذا لا يمنع جوجل من متابعة تحركاتك عبر خدمات إحداثيات الموقع Location Services.
 
فطبقًا لتقرير نشره موقع Quartz، تقوم جوجل بجمع البيانات ومراقبة تحركات المستخدمين عبر خدمات تحديد وإحداثيات الموقع Location services، حتى وإن قام المستخدم بغلقها عبر إعدادات الهاتف، وحتى إن قام بإزالة بطاقة الاتصال SIM، فيكفي أن يكون الهاتف مفتوحًا لتتمكن جوجل من متابعة ومراقبة التحركات … لماذا وكيف، هذا هو ما ستكشف عنه السطور القادمة.
 
في البداية دعونا نتعرف أكثر عن مصطلح Location Services، ولماذا تحتاجها الهواتف الذكية.
 
يعبر هذا المصطلح عن خدمات تحديد وتتبع المواقع، وهي خدمة تقدمها جوجل اعتمادًا – في ظن أغلب المستخدمين – على نظام تحديد المواقع العالمية GPS، وتعمل هذه الخدمة على إمداد بعض التطبيقات المعتمدة على موقع المستخدم الجغرافي بالبيانات اللازمة لإتمام عمل هذه التطبيقات، مثل تطبيق خرائط جوجل Google Maps الذي يحتاج إلى تحديد موقعك لتحديد أفضل المسارات التي يمكنك اتباعها للوصول إلى نقطة جغرافية أخرى، أو تطبيق أوبر الذي يستخدم هذه الخدمة لتحديد موقعك الفعلي، وإظهاره إلى السائق المتجه لإيصالك أينما تريد.
 
وكما نعتقد تعتمد جوجل على نظام تحديد المواقع العالمي GPS، مما يعني أنّ إيقاف هذه الخدمة من إعدادات الهاتف كفيل بتعطيلها وإيقاف كافة الخدمات المتعلقة بها، وهو أمر غير صحيح طبقًا لتقرير موقع Quartz، فلقد كشف الموقع أنّ جوجل تعتمد وسيلةً أخرى لاكتشاف المواقع، وهي الاعتماد على أقرب أبراج تزويد الهواتف بخدمات الاتصال، حيث تقوم جوجل بتحديد أقرب ثلاثة أبراج من هاتفك، وبمعرفة مواقع هذه الأبراج يتم تحديد موقع هاتفك.
 
ويقول التقرير أنّه منذ يناير الماضي تعمل كافة الهواتف والأجهزة اللوحية العاملة بنظام تشغيل أندرويد، على جمع البيانات المتعلقة بأماكن ومواقع أبراج الاتصال القريبة، ثم إرسالها مشفرةً إلى مركز بيانات جوجل بمجرد الاتصال بالإنترنت، وهي عملية لا يمكن للمستخدم التحكم فيها بالتفعيل أو الإيقاف، كما لا تتوقف عن نوع واسم الشركة صاحبة أبراج الاتصال، وأيضًا لا تتعلق بوجود بطاقة اتصال في الهاتف من عدمه.
 
وقد اعترفت جوجل ضمنيًا بهذا الكشف عقب نشر تقرير موقع Quartz المشار إليه سابقًا، ففي تصريح للمتحدث الرسمي للشركة لموقع ذا فيرج، قال إنّ كافة الهواتف الحديثة العاملة بنظام تشغيل أندرويد تستخدم نظام جديد للتزامن مع الشبكة لمساعدة جوجل على سرعة ودقة إرسال واستقبال البيانات من وإلى الهواتف، ويحتاج هذا النظام إلى معرفة الرمز الكودي للدولة ومزود الخدمة الموجود فيها الهاتف، ومن هنا تحصل جوجل على ما أسمته Cell ID، وهي البيانات الكاملة المتعلقة بأبراج الاتصال القريبة من الهاتف، وختم المتحدث الرسمي تصريحه قائلًا أنّ جوجل قد قررت التخلي عن هذه الخطة بالكامل، وعدم الاعتماد عليها في المستقبل.
 
وفي هذا التصريح إشارة واضحة إلى اعتماد جوجل على هذه الوسيلة منذ ما يقرب من عام كامل، مما يعني أنّها كانت – دون علم المستخدم – تستخدم الهواتف في جمع البيانات التي من المفترض أن تبقى سريةً، حيث أنّ البيانات المتعلقة بأبراج الاتصال والتي من خلالها تقوم جوجل بتحديد المواقع، من المفترض أنّها بيانات سرية خاصة بالشركات مزودة الخدمة، ولا تقوم هذه الشركات بمشاركة هذه البيانات إلّا باتباع قواعد وإجراءات صارمة، ومن هنا يتضح اختراق جوجل لخصوصية الأفراد الذين يرغبون في الاحتفاظ بسرية مواقعهم.
 
وكرد فعل واقعي على هذا الكشف، أعلنت جوجل أنّها بصدد إطلاق تحديث للهواتف الذكية نهاية هذا الشهر يعمل على تعطيل هذه الخاصية، وهي خطوة نهائية في إطار تخليها الكلي عن هذه الخطة التي بدأتها يناير الماضي، ولكن حتى هذه اللحظة لا يزال بإمكان جوجل الاطلاع على هذه البيانات، وهو ما تُعلن عنه صراحةً شروط الخدمة المنشورة على الموقع الرسمي لجوجل، وهي الشروط التي قلنا نقوم بقراءتها واكتشاف بنودها.
 
بعد كل هذه الاكتشافات التي تؤكد على أنّنا مراقبون حتى ممن يقدمون لنا الحماية … هل تعتقد صديقي أنّ بياناتنا تتمتع بالحماية والسرية التي كنا نظنها؟ نترك لك الإجابة.
 
*اراجيك