اجتماعات سرية لكبار المسؤولين السودانيين لوضع خطة للانسحاب من الحرب على اليمن

كل عام وأنتم تشاهدون اندلاع نيران حروب وصراعات في البلدان العربية في حين يسير العالم نحو بناء أنظمة أكثر تناسقا وأشد تماسكا بعضها بالبعض ويسعى لإزالة الحدود الجغرافية في حين تقوم الأقطار العربية ببناء أسوار عقائدية سياسية بينها وبين أشقاءها العرب.

مضى أكثر من عامين على بدء "عاصفة الحزم" التي لم تزل تعصف باليمن وقد أدت إلى تفاقم الظروف الانسانية في هذا البلد الأمر الذي جعل بعض دول التحالف العربي تشكك في كون هذا التحالف قرارا حازما وأخذت تراجع حساباتها من أجل صنع القرار بشأن استمرار حضورها في التحالف أو الانسحاب منه.

وكانت قطر أول دولة انفصلت عن التحالف عقب ارتفاع الخلافات بينها وبين المملكة السعودية بشأن عدة قضايا ولم يقبل الطرفان التنازل عن مطالبهما مما أدى إلى مقاطعة قطر من ناحية عدة دول عربية.

لاشك أن السعودية من إحدى الدول العربية الأكثر تأثيرا في صنع القرارات السياسية في المنطقة وبعبارة أخرى تتبعها أو تتأثر بها معظم البلدان العربية في ما يتعلق باتخاذ القرارات وتخطيط السياسات الخليجية المستقبلية وغيرها من شؤون إقليمية عربية.

ولكن بعض الأحداث والتطورات التي جرت في الآونة الأخيرة انعكست سلبا على سمعة المملكة وحطت أحيانا من شأنها ومكانتها بين الدول العربية وأثبتت لبعض القادة العرب أن المملكة التي تعاني من مشاكل وخلافات داخل سلطتها لم تعد قادرة على الاحتفاظ بدور الزعامة العربية وحان الوقت لهم أن يلعبوا دور الوسيط وربما الزعيم الكبير الذي يحكم بين الدول العربية المتصارعة.

اما وتيرة الأحداث السياسية الجارية في المنطقة تشير إلى أن السودان هي الدولة الثانية التي سوف تخرج من "التحالف العربي" ويبحث مسؤولوه حاليا عن السبل المتاحة لهم لإعلان الحياد في القضايا المتعلقة بالحرب اليمنية وأزمة العلاقات الخليجية.

ففي حين يؤكد مسؤولون سودانيون "على ضرورة العمل ضمن التحالف العربي ودعمهم للحكومة اليمنية واستعادة الشرعية لها" على حد قولهم، فهناك تقارير عن اجتماعات سرية يعقدها كبار المسؤولين السودانيين ناوين بها الوصول إلى خطة حاسمة للخروج عن التحالف العربي وتجنب أية استقطابات سياسية تفرض مطالبها على البلد.

كما أكد ذلك مسؤول في وزارة الدفاع السودانية مشيرا إلى قرارات أولية تم الاتفاق عليها وسوف تعلن عنها بعد المراجعات النهائية من قبل اجتماع كبار المسؤولين المعنيين بقضية خروج السودان من التحالف العربي ومن ثم يعلن عدم انحيازه للأطراف المتصارعة في اليمن.

هذا وقد سبق أن طالب نواب سودانيون بسحب قوات بلادهم التي تقاتل في اليمن ضمن قوات التحالف العربي مؤكدين ظهور سلبيات كثيرة نتيجة المشاركة في الحرب التي تقودها السعودية وصرح قيادي بحركة “الإصلاح الآن” أنه يجب أن تخرج القوات المسلحة من اليمن فهناك سلبيات كثيرة بدأت تظهر بسبب المشاركة في هذه الحرب من دون تصريح لطبيعة السلبيات التي أشار إليها.

وعليه يبدو أن الزيارة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير إلى الخليج كانت تحمل في طياتها أقوى دلالات على تغير الموقف السوداني تجاه السياسات السعودية في الخليج اذ أنه زار الكويت ليقول لقادتها أن المملكة ربما أضاعت صوابها فعلينا أن نقوم بواجبنا في إرشادها وإصلاح ذات البين ثم التقى بأمير قطر ليثبت له ويؤكد للدول الأخرى أن قطر ليست هي التي ترغب في إثارة الخلاف واصطناع العدو بل أصبحت جارة لدول عربية في زمن خطأ وفي مكان خطأ.

وأخيرا وصل الرئيس السوداني إلى المملكة ولكن لم يكن عنده شىء يقوله للقادة السعوديين وفي الحقيقة قال البشير كل شىء للسعودية عندما بدأ زيارته إلى الكويت ومن ثم إلى قطر ليفهم الجميع أن السودان لم يعد يتبع السياسات التي ترسمها الدول العربية الكبرى.

ومن المتوقع أن تظهر هناك المزيد من الإرهاصات بضعف التحالف العربي ومن ثم انهياره في حال إعلان السودان حياده في الحرب باليمن ولاشك أن خروجه عن التحالف سوف يؤثر سلبا على الدول الأخرى مما يجعلها تفكر في اتخاذها موقفا محايدا شأن قطر والسودان.