العلماء يدرسون فكرة العيش في أنابيب الحُمَم القَمرِيّة

حين يسافر رواد الفضاء إلى القمر سيحتاجون إلى مأوى مناسب يساعدهم على النجاة من بيئته القاسية، ولهذا تقترح وكالة «جاكسا» -الوكالة اليابانية لاستكشاف الفضاء- اللجوء إلى «أنابيب الحمم البركانية» وتراها خيارًا مناسبًا.
 
أفضل المَآوي هي المَآوي الباطِنيّة
 
معلومٌ أنّ القمر ليس له غلاف جويّ، وأن بيئته قاسية لما يَشهده من تَغيُّر متطرف في درجة الحرارة وما فيه من إشعاع وآثار نيزكية، ولذا سيحتاج رواد الفضاء إلى العثور على مأوى مناسب قبل أن يَشرعوا في تنفيذ أي شيء من مخططاتهم؛ فالمستعمرات البشرية ما زالت بعيدة المنال -هذا إن كان مكتوبًا لها الوجود أصلًا-، ولإنشائها سيُحتاج إلى استخدام المواد الطبيعية الموجودة على سطح القمر ذاته، ولذا ترى «جاكسا» -الوكالة اليابانية لاستكشاف الفضاء- أن أَأْمن مأوى هو أنابيب الحُمم الباطنية.
 
ربما تبدو «أنابيب الحمم البركانية» أسوأ مكان يأوي إليه الإنسان، لكنْ تَجدُر الإشارة إلى أن تلك الأنابيب تستقر بمجرد توقُّف الحمم البركانية عن التدفق وجفاف الأنبوب الذي كَوَّنته؛ وجدير بالذكر أيضًا أن تلك الأنابيب موجودة في كوكب الأرض، لكنْ لا يُقارَن حجمها بحجم أنابيب القمر التي تَبلُغ من ضخامتها أنها تَسَع مدينةً أمريكية بأكملها.
 
قال جونيتشي هارُوياما، باحث أوّل في وكالة «جاكسا»: إذا أردنا إنشاء قاعدة قمرية فمن المهم أن نَعرف مدى اتساع «أنابيب الحمم» وامتدادِها؛ بالإضافة إلى أن الإلمام بتلك المعلومات مُهم للعلوم الأساسية، فلربما نَكتشف أنواع صخور جديدة أو نعرف بيانات تَدفُّق الحرارة وبيانات رَصْد الزلازل القمرية.
 
استغلال أنابيب الحمم
 
اعتمدت «جاكسا» في دراسة أنابيب الحُمم القمرية على البيانات الراداريّة التي جمعتها مركبة «سِيلِين» الفضائية التي تدور حول القمر حاليًّا.
 
وعلاوة على ذلك تشاوروا مع علماء وكالة ناسا الذين أشرفوا على بعثة «تغطية الحقل المغناطيسيّ والاختبار الداخليّ» (جِرِيل) التي أجْرتها ناسا في العام 2011 عبر دوران مركبتَيْن فضائيتَيْن حول القمر لجمع بيانات عن مجال جاذبيته؛ فاستغنى فريق «جاكسا» بمعلومات تلك البعثة عن جهد كبير كان سيَلزمهم بَذْله لجَمْعها، ووجدوا في النهاية ما يدل على وجود «أنابيب حُمم» بالقرب من «ماريوس هيلز»
(مجموعة من القِباب البركانية القمرية).
 
وقال جاي ميلوش، باحث مشارِك في بعثة «جريل» وأستاذ متميّز متخصص في «علوم الأرض والغلاف الجويّ والكواكب» في جامعة بوردو «كانوا يعرفون فتحة «ماريوس هيلز،» لكن لم يكونوا يعرفون مدى امتداد تجويفها في باطن القمر؛ فاستخدم فريقنا في جامعة بوردو بيانات الجاذبية الخاصة بتلك المنطقة واستَنتج أن تلك الفتحة جزء من نظام أكبر، وباستخدام الرادار استطاع معرفة عمق التجويف وامتداده.»
يُعتبَر اكتشاف «أنابيب الحمم» عاملًا أساسيًّا في خطط إرسال البشر إلى القمر واستعماره -المُحتمَل- في نهاية المطاف، وهو هدف قال عنه مايك بِنس -نائب الرئيس الأمريكيّ- في وقت سابق من هذا الشهر إنه «استراتيجيّ وحيويّ» وسيساعدنا على السفر إلى أماكن لم نَبلُغها من قبلُ قط؛ وفي هذا تلميح واضح إلى المريخ الذي يَطمَح إلى بُلوغه العالَمُ كله، ولا سيما إيلون ماسك الذي يُخطِّط إنشاء مستوطنة عليه بحفّارات شركة «بُورِنج.»
 
إذا ثبتت صلاحية «أنابيب الحمم» للإيواء فستُصبح تلك خطوةً تُقرِّب البشر من تعلُّم كيفية النجاة من البيئات القاسية التي يمتلئ بها النظام الشمسيّ، وسيُصبح البناء على القمر أو المريخ مسألة وقت.
 
المصادر: مرصد المستقبل، ScienceDaily, Geophysical Research Letters