مجلة "جلوباليست" تكشف سبب زيارة جنرال أمريكي للحدود السعودية اليمنية

استغلت القيادة السعودية الحرب الأهلية في اليمن بشكل سافر للسيطرة على البلاد لتوسيع هيمنتها على شبه الجزيرة العربية.

 

وقد أدى تدخل المملكة العربية السعودية المسلح إلى حملة جوية مطولة اتسمت بالوحشية والدموية، لا تميز بين الأهداف المدنية والعسكرية. واطلقت على تلك العملية "إعادة الأمل"، في الواقع تستحق تلك التسمية ان تنال "نجمة ذهبية"!

 

وعلاوة على ذلك، فرض التحالف بقيادة السعودية حصارا بحريا تشارك فيه السفن الأمريكية. وقد تم تمديد الحصار، وشمل الآن تعطيل عمليات النقل الجوي الطارئة من قبل الأمم المتحدة، لمنع دخول الأغذية والدواء والمساعدات الانسانية إلى السكان الذين دمرتهم الحرب.

 

وتشمل العواقب المروعة تفشي الكوليرا، الذي اصاب اكثر من نصف مليون، وقتل اكثر من 2000 شخص. وقد قتل الكوليرا يمنيين أكثر من السوريين الذين - يزعم - أنهم قتلوا نتيجة استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. وأيا كان مرتكبوها، فالجميع يعرف العواقب المروعة.

 

التمكين والمساعدة الامريكية

الحملة التي تقودها السعودية لا يمكن أن تتم بدون مساعدة أمريكية. ويقدم جيشها التزود بالوقود للطائرات السعودية والمعلومات الاستخبارية الحاسمة.

 

عذر واشنطن السري هو أنه لابد من استرضاء السعوديين من خلال الاتفاق النووي مع إيران، الذين كانوا يضغطون على الأمريكيين للذهاب إلى الحرب.

 

العذر العلني هو أن إيران "تتدخل" من خلال دعمها القوات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

 

ولا يقبل أي شخص مطلع، الرأي القائل بأن الحوثيين هم وكلاء لإيران. السياسة الأمريكية تفاقم الانقسام السني الشيعي في المنطقة، وتشجع على المنافسة الاستراتيجية بين السعودية وإيران، واختارت الاصطفاف الى الجانب السني في هذا التنافس التاريخي.

 

إن الأوروبيين، بموافقتهم الضمنية و/ أو بصمتهم، متورطون في خطأ استراتيجي وإنساني تاريخي آخر.

 

الدعم البريطاني

في الواقع، عمل ضباط بريطانيون جنبا إلى جنب مع الأمريكيين في تقديم المشورة للسعوديين حول الجوانب الفنية لتحديد الأهداف وتصميم خطط الهجوم الأكثر كفاءة.

 

وكانت لندن الحليف الأكثر صراحة في شراء الاستراتيجية السعودية - الأمريكية. وقد صرح السفير البريطاني السابق لدى اليمن ادموند فيتون براون بصراحة امام تجمع عام العام الماضي ان الحوثيين "متطرفون" ويجب ان يسحقوا. هذا الموقف مستمد من التزام المملكة المتحدة غير المشروط بالبقاء في النعم الطيبة للأسرة المالكة السعودية، التي يقودها الآن المتهور والعدواني محمد بن سلمان.

 

كما ان العسكريين البريطانيين نشطوا في سوريا. وقد ساعد المئات من البريطانيين الولايات المتحدة في تدريب مجموعة من وحدات المعارضة في المخيمات التي أقيمت في الأردن وتركيا وجنوب شرق سوريا. هذه الوحدات انشقت من المعارضة وانضمت إلى داعش بمجرد نقلها جوا إلى القطاع الشمالي قبل بضع سنوات. وانضم آخرون إلى القوات الأمريكية في الاستيلاء على بلدة الطنف الحدودية بهدف منع الجيش السوري من الالتحام مع القوات العراقية.

 

وكانت الحملة جزءاً من خطة أوسع لإنشاء محمية للتحالف في وادي الفرات، دون إذن من الحكومة السورية أو العراقية.

 

الهجوم القاتل

وكان الجنرال جوزيف فوتيل رئيس القيادة المركزية قد تجرأ بالذهاب الى الحدود السعودية اليمنية، حيث تستعر المواجهات هناك، الشهر الماضي في نفس اليوم الذي قتل فيه الطيران السعودي 40 مدنيا يمنيا عندما قصف فندقا في شمال صنعاء.

 

وكان هدف فوتيل من زيارته: الحصول على "نظرة مباشرة" للتدمير القاتل. وهناك سبب واحد يمكن تصوره للزيارة: هو تقديم الدعم الأخلاقي الأمريكي للسعوديين في حملتهم الوحشية لإلحاق العقاب باليمنيين. وفي تعليق غير مقصود على الحرب، ظل جزء من فريقه تائها في الصحراء.

 

والحقيقة المؤلمة هي أن كل الضربات السعودية التي قتلت عشرات الآلاف، ودمرت الكثير من البنى التحتية في البلاد، وخلقت المجاعة والأمراض الوبائية لليمنيين، تمت بمساعدة أمريكية حاسمة.

 

فوتيل ليس الرجل العسكري الأمريكي الوحيد المتواجد في السعودية. فهناك مئات الضباط الامريكيون يجلسون في مكاتب مكيفة، هناك حيث يقدمون الدعم الاستخباراتي والفني على مدى العامين الماضيين.

 

إن تواطؤ الحلفاء في مأساة اليمن يهدد بشكل واضح المصالح الأوروبية الاساسية، من بينها على سبيل المثال، خلق فرصة لم يسبق لها مثيل لتنظيمي القاعدة وداعش، لتوطيد وترسيخ موطئ قدم لهما هناك، وتدفق اللاجئين.

 

مجلة "جلوباليست" الامريكية
*البروفيسور مايكل برينر: أستاذ الشؤون الدولية في جامعة بيتسبرغ، في تكساس