انقسام في تونس حول قرار السماح للمسلمة الزواج بغير مسلم

تباينت ردود الفعل في المجتمع التونسي بخصوص منح المرأة المسلمة الحق باختيار الزوج بغض النظر عن دينه؛ ففي الوقت الذي اعتبر فيه البعض هذه الخطوة "انتصارا حقيقيا للنساء" في تونس، رأى فيها آخرون "مجرد قانون برجوازي" لا يهم كافة نساء تونس.

 

وطغت مصادقة البرلمان التونسي على قانون يعفي مسؤولين سابقين متورطين في قضايا فساد من الملاحقة على قرار وزارة العدل بحظر منشور كان يمنع زواج التونسيات المسلمات بغير المسلمين.

 

وكانت تونس قد ألغت يوم 14 أيلول/ سبتمبر هذا المنشور وذلك بعد نحو شهر من دعوة الرئيس الباجي قائد السبسي إلى إجراء مراجعات قانونية تمنح المرأة مزيدا من الحقوق. وقبل ذلك بيوم كان البرلمان قد وافق على قانون مثير للجدل لإعفاء مسؤولين من حقبة الرئيس السابق زين العابدين بن علي متورطين في قضايا فساد وسط استياء واسع.

 

أحلام بوسروال، الناشطة الحقوقية التونسية، رأت في إلغاء منشور 1973 "مكسبا كبيرا للنساء التونسيات لأن المنشور بالأساس غير دستوري، وغير قانوني، ومخالف أيضا لاتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بالزواج".

 

وقالت بوسروال لـ بي بي سي: "هذا أقل ما يمكن أن يقدم لنساء تونس.. احترام حقهن باختيار شريك الحياة،" مضيفة أن عدد المستفديات لا يقتصر على المقيمات بالخارج لأن تلك المجموعة تخضع لقانون الدول المقيمة فيها بشكل آلي، في حين أن الاختلاط في تونس بين الجنسيات هو أمر رائج وليس بالجديد.

 

كما توضح أنها شهدت عدة حالات لتونسيات اضططرن للسفر لتسجيل زواجهن في دول أوروبية ثم مرورهن برحلة طويلة لتسجيل الزواج في تونس بعد العودة.


لكن تونسية أخرى هي سوسن بن شيخ الناشطة في المجتمع المدني والمقيمة حاليا في لندن قالت إن هذه الخطوة - رغم أهميتها - "ليست أولوية" للمرأة التونسية.

 

وأوضحت أن هناك فجوة بين عامة التونسيين وبين نخبة المجتمع المدني، وفرق بين أولويات مناطق مهمشة تعاني من الفقر وشح الإمكانيات من جهة، وبين المناطق الساحلية و العاصمة تونس من جهة أخرى. ورغم ترحيبها بالقرار، ترى سوسن أنه "يستعمل المرأة كوسيلة لتحسين صورة النظام لدى الغرب.. ليظهر أن المرأة في تونس لا ترتدي الحجاب في حين أن الوجه غير الظاهر هو أسلوب الاستبداد".

 

كما تنتقد سوسن توقيت الإعلان عن هذا التغيير الذي تصفه بـ "اللعبة السياسية"، في إشارة إلى تزامنه مع إقرار قانون المصالحة الذي يعفي المتورطين بقضايا الفساد.

 

هذا ولم تصدر حركة النهضة الإسلامية أي بيان بعد بخصوص هذا التغيير، كما لم تتمكن بي بي سي من الحصول على تصريح من مسؤولي الحركة.

 

وكانت سعيدة قراش، الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية كتبت في تدوينة على فيسبوك: "تم الغاء كل النصوص المتعلقة بمنع زواج التونسية بأجنبي يعني بعبارة أوضح منشور 1973 و ما جاوره مبروك لنساء تونس في تكريس حق حرية اختيار القرين".

وثار جدل واسع في تونس إثر دعوة السبسي في خطاب تزامن مع العيد الوطني للمرأة التونسية في 13 آب/أغسطس للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة إلى جانب السماح للتونسيات المسلمات بالزواج بغير المسلمين.

 

وأثارت النقطة المتعلقة بالتساوي في الميراث تحديداً حفيظة مؤسسات دينية داخل وخارج تونس على رأسها الأزهر في مصر. واعتبر عباس شومان وكيل الأزهر هذه الدعوة "تتصادم مع أحكام الشريعة الإسلامية". في حين أيدت دار الإفتاء في تونس في وقت سابق توجه الرئيس السبسي.

 

وأوضح المحامي التونسي عماد بن حليمة لـ بي بي سي أن تونس عادت عام 2017 إلى مبدأ عام 1957: "إنه رجوع للأصل؛ حيث أن عقد الزواج في تونس هو عقد مدني لا يستوجب أية طقوس دينية". وأضاف أن منشور عام 1973 "كان مبنياً على خلفية دينية غير منطقية ولا يستند إلى قانون".

 

وقال إن الخوف من زواج المسلمة بغير المسلم كان "من استغلال الزوج غير المسلم من إلحاق الأبناء بدين المسيحية أو أي دين آخر"، لذا أضيف "شرط شكلي" تمثل بضرورة إعلان غير المسلم إسلامه في حال أراد الزواج من مسلمة.