لوبي "على أعلى مستوى" في كواليس الأمم المتحدة لذبح اليمن مجدداً

كشفت مصادر أممية مطلعة عن ضغوطات مارستها المملكة العربية السعودية ودول خليجية وعربية، باتجاه المنظمة الدولية وعبر عواصم غربية مؤثرة في كواليس القرارات الأممية، عقب التقرير الاممي السري الذي يتهم التحالف السعودي بانتهاكات جسيمة ويوصي بإدراج التحالف السعودي في القائمة السوداء جراء قتل وتشويه الأطفال في اليمن.
 
وقال مصدر أممي مطلع لوكالة "خبر" إن السعودية تمارس ضغوطات كبيرة على الامم المتحدة عن طريق الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مع الإشارة إلى اشتراك أعضاء في مجلس الأمن الدولي في التحركات "على أعلى مستوى"، لعدم ادراجها في قائمة العار. وأضاف أن الامين العام للأمم المتحدة في موقف محرج.
 
ووجد تقرير الأمم المتحدة الذي تم تسريبه أن المملكة العربية السعودية قتلت الآلاف من الأطفال في اليمن منذ بدء حملتها الجوية في البلاد الفقيرة. والآن السعوديون يستخدمون ثرواتهم ونفوذهم الهائل لقمع نتائج التقرير من أجل البقاء بعيدا عن قائمة الأمم المتحدة السوداء التي تحدد الدول التي تنتهك حقوق الطفل، بحسب مصادر اممية مطلعة.
 
وأمس (الجمعة) التقى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريس بفرجينيا غامبا كبير واضعي التقرير السري الذي يتهم تحالف العدوان بقتل مئات الاطفال في اليمن، لمناقشة وضع التحالف في قائمة العار.
 
وأبلغت كبير واضعي التقرير السري فرجينيا غامبا، كبار مسؤولي الأمم المتحدة أنها تعتزم التوصية بإضافة تحالف العدوان الذي تقوده السعودية إلى قائمة البلدان والكيانات التي تقتل وتشوه الأطفال، وفقا لمصدر موثوق. وسيتعين على غوتيريس اتخاذ القرار النهائي.
 
ورجح المصدر، "انخراط" مكتب المبعوث الخاص المعني باليمن في التحركات والمراجعات لدى الأمانة العامة بشأن وضع التحالف في القائمة السوداء، بعد ضغوطات سعودية وخليجية.
 
ونشرت صحيفة فورين بوليسي الاربعاء تقريرا قاسيا استنادا الى امتلاكها لمسودة وثيقة الامم المتحدة المسربة المكونة من 41 صفحة والتي اكدت ان السعودية وحلفاءها في اليمن (من بينها الولايات المتحدة) ارتكبوا جرائم حرب مروعة، بما في ذلك قصف عشرات المدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية. واوضح التقرير ان ما يقرب من ثلاثة ارباع الهجمات على المدارس والمستشفيات 38 من 52 - نفذها التحالف ايضا.
 
وقال التقرير السري الصادر في 41 صفحة والذي حصلت مجلة "فورين بوليسي" على نسخة منه: ان "قتل الاطفال وتشويههم ما زال اكثر الانتهاكات انتشارا لحقوق الاطفال في اليمن.. خلال الفترة المشمولة بالتقرير، كانت الهجمات التي نفذت من الجو سبب أكثر من نصف مجموع الإصابات بين الأطفال، حيث قتل 349 طفلا على الأقل وأصيب 333 طفلا".
 
وتأكيدا لمصادر وكالة "خبر"، قال الكاتب تايلر ديردن في مقال له في موقع "زيرو هيدج"، إن الرياض تمارس ضغوطا هائلة على الأمم المتحدة واللجنة المسؤولة عن التقرير، كما تعمل الولايات المتحدة وراء الكواليس للتخفيف من الحرج العام والتداعيات التي من المؤكد أنها ستأتي إذا تلقت السعودية توجيه اللوم رسميا في تقرير الأمم المتحدة السنوي القادم عن الأطفال والصراع المسلح.
 
وفي السنوات الأخيرة تمكنت المملكة العربية السعودية من استخدام الأمم المتحدة لحماية وتعزيز صورتها عندما يتعلق الأمر بمسائل حقوق الإنسان والإصلاح. ومن العبث، أن الدولة الاستبدادية الوهابية تملك الان مقعدا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
 
والعام الماضي، أضيفت المملكة العربية السعودية لفترة وجيزة إلى القائمة السوداء للأمم المتحدة للكيانات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالقتل الجماعي للأطفال.
 
ورداً على ذلك، هددت المملكة العربية السعودية ودولة عربية بالخروج من الأمم المتحدة وتقليص مئات الملايين من المساعدات إلى برامج المنظمة الدولية لمكافحة الفقر ما لم يتم إزالة التحالف من قائمة الأمم المتحدة. ثم وافق الامين العام للامم المتحدة بان كي مون على مضض على ازالتها مؤقتا.
 
الا ان بان كي مون اصر على ان يتم اعادة التحالف الى القائمة ما لم يحسن التحالف من سلوكه ويوقف الهجمات على الاطفال. لكن السعوديين لم يعادوا أبدا إلى القائمة، ولم تتوقف الهجمات أبدا.
 
وقتل نحو 600 طفل وجرح 1،150 في اليمن بين مارس 2016 ومارس 2017، وفقا لليونيسيف.
 
وبحسب مراقبين دوليين، نجحت المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالنفط في الهروب من تدقيق وسائل الإعلام والهيئات الدولية لحقوق الإنسان على أساس جيوبها العميقة وعلاقتها الأمنية مع الغرب.
 
وكانت الولايات المتحدة نفسها جزءًا لا يتجزأ من التحالف بقيادة السعودية (بما في ذلك البحرين والكويت والإمارات ومصر والسودان ومع المملكة المتحدة كمورد ضخم للأسلحة).
 
ويقول الكاتب تايلر ديردن في مقال له في موقع "زيرو هيدج"، إن الغارات الجوية السعودية على اليمن، التي اسفرت عن مقتل الالاف من المدنيين وتشريد عشرات الالاف، كانت بمساعدة المخابرات الامريكية واستخدام المعدات العسكرية الامريكية. وتفشى وباء الكوليرا مؤخرا في ظل ظروف الحرب المروعة، كما تعرضت البنية التحتية المدنية مثل المستشفيات للقصف من قبل السعوديين.
 
وأضاف الكاتب: لم تنل الحرب في اليمن اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية، والتي تميل إلى التركيز بشكل شبه حصري على حقوق الإنسان في أماكن مثل روسيا أو سوريا.
 
وفي أوائل الحرب، نشرت مجلة كولومبيا المرموقة للصحافة دراسة قصيرة حاولت أن تشرح، وفقا لعنوانها، لماذا لا أحد تقريبا يغطي الحرب في اليمن. وانتقد المحللون الآخرون منذ ذلك الحين ميل وسائل الإعلام والمؤسسات السياسية إلى المبالغة في وجود إيران في اليمن، وتجاهل جرائم الحرب الواضحة التي يرتكبها حلفاء الأمريكيين في الخليج أو التقليل من شأنها.
 
وبحسب تايلر، بينما تتساقط القنابل السعودية على السكان المدنيين في اليمن، اتهم "المجتمع الدولي" إيران بإعاقة السلام. ولكن تزداد الآن التناقضات الواضحة والمتنامية بين ما تدعي الأمم المتحدة أنها تمثله، وانتهاكات حقوق الإنسان لبعض من أكثر الدول الأعضاء نفوذا وأشدها ثراء، تتزايد بشكل عام ويستحيل إنكارها. وتشكل الأمم المتحدة الآن انتهاكا لقراراتها البيضاء الواضحة بشأن توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في علاقتها مع المملكة العربية السعودية، ولا يزال المؤيدون الغربيون للمملكة يتكشفون من خلال وثائق لا يمكن إنكارها.
 
وبعد يومين من تسريب تقرير الامم المتحدة الذي اتهم التحالف بقتل المئات الاطفال في اليمن، سربت المنظمة الدولية عن طريق المجلة الامريكية الشهيرة "فورين بوليسي" تسريب تقرير جديد يؤكد فشل التحالف السعودي في اليمن.
 
وفقا لتقرير سري صادر عن الأمم المتحدة حصلت مجلة "فورين بوليسي" على نسخة منه، فإن التفوق العسكري الهائل للتحالف الذي تقوده السعودية لم يحقق لهم أي انتصار في اليمن. وبدلا من ذلك، فقد عززت من عملية التفكك السياسي في اليمن، وعمقت أزمة إنسانية زجت البلاد إلى حافة المجاعة، وغذت استياء الرأي العام على نطاق واسع ردا على الخسائر البشرية الكبيرة، وعززت من التنظيمات الارهابية والتي اصبحت - بحسب التقرير - قادرة على شن هجمات ضد أهداف في الغرب.
 
السعودية قد تنجح وحلفاؤها في ازالة اسمها من القائمة السوداء كما فعلت في عهد بان كي مون، ولكن الضرر الذي لحق وسيلحق بها مزدوج، فقد بات العالم بأسره، يعرف جيدا انها ارتكبت جرائم في حق اطفال اليمن وبلدهم اولا، وألحقت هذه الضجة الاعلامية التي ما زالت في بدايتها ضررا اكبر لها، وصورتها بصورة الدولة التي تمارس الترهيب والابتزاز ضد منظمة دولية وامينها العام ثانيا.