صحيفة أمريكية: ماذا ستحصد واشنطن من الحرب المشينة ضد اليمن؟

ذبح اليمنيين، والقصف العشوائي، والمجاعة، والكوليرا في اليمن - هل هي مكافأة للسعوديين مقابل صفقة إيران؟

 

في العام الأخير من ولايته، ظهرت سياسة الرئيس أوباما الخارجية في قصف سبع دول إسلامية من قبل الجيش الأمريكي. وعلى الرغم من المخاوف (والآمال) بأن الرئيس ترامب سوف يسحب أمريكا من الساحة العالمية، ويحصن سياسة امريكا الخارجية، ويصحح سياسة اوباما الخارجية الكارثية. إلا ان التصحيح الأكثر أهمية الذي قام به ترامب هو إعطاء المزيد من السلطة التقديرية وحرية التصرف لجنرالاته.

 

وزاد معدل القصف في جميع الدول السبع. هذه السياسة الكارثية والجبانة لن تجدها في أي مكان أكثر مما تجدها في اليمن، حيث دعمت الولايات المتحدة حملة السعودية الصليبية لإعادة تثبيت عبد ربه منصور هادي الذي لا يحظى بأي شعبية.

 

وتشهد اليمن حربا مثل سوريا، وتسعى فيها الولايات المتحدة إلى الإطاحة بالحوثيين وحلفائهم، دون ملء فراغ السلطة الذي قد يستفيد منه تنظيم القاعدة وفروعه الأخرى، كما أن السعوديين لا يجيدون تقدير مثل هذه الأشياء.

 

وقدمت الولايات المتحدة منذ أكثر من عامين دعما لوجيستيا واستخباراتيا حاسما للسعوديين. وفي نهاية ولاية الرئيس السابق، باراك أوباما، أرسل عددا صغيرا من جنود العمليات الخاصة إلى اليمن، أما ترامب، فزاد من وتيرة القصف الجوي في مارس الماضي، ليتخطى عدد الضربات التي شنها أوباما في عام واحد.

 

وشهدت الحملة السعودية قصفا عشوائيا ممنهجا - قصفت فيها المنازل والمدارس والمستشفيات ومصانع إنتاج الأغذية - إلى جانب استخدام القنابل العنقودية التي توفرها لهم الولايات المتحدة، على المناطق المأهولة. ورغم ذلك، يسيطر الحوثيون وحلفاؤهم الآن على المدن الاكثر كثافة للسكان، ووصلت المعركة إلى طريق مسدود.

 

فالحكومة اليمنية التي يقودها الحوثيون وحلفاؤهم لا تشكل تهديدا او خطرا على الولايات المتحدة، لكن التهديد الوحيد لواشنطن يكمن في فراغ السلطة باليمن، والذي سيقود إلى إنشاء معسكرات جديدة لتدريب القاعدة، إذ في الماضي كانت الحكومة الأمريكية قادرة على استهداف هذه المواقع بمساعدة من الحكومة اليمنية، لكن مع فوضى الحرب الراهنة، تتكاثر أعداد هذه المعسكرات في اليمن.

 

انها حرب تسببت في خلق معاناة إنسانية كارثية، وتؤكد كذب الولايات المتحدة بأن تدخلها في الشرق الأوسط كان بدافع أخلاقي، فهناك ملايين المشردين في اليمن بسبب الحرب، كما أن الحصار السعودي للبلاد تسبب في أسوأ مجاعة بالعالم، وقاد إلى انتشار مرض الكوليرا، الذي يعد الأسوأ منذ عقود، حيث أصاب أكثر من 300 ألف شخص حتى الآن.

 

هذه الحرب أكدت كذب الخطاب الأخلاقي في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث يشجب الأمريكيون مساندة روسيا للرئيس السوري بشار الأسد، بينما تساعد بلادهم السعودية في قصف المستشفيات والمدارس اليمنية. لدى الحروب تكاليف أخلاقية حقيقية، لكن الموجودة في اليمن مرتفعة بشكل خاص، حيث البلد الأفقر على وجه الأرض.

 

كانت إدارة أوباما تسرب أحيانا للصحفيين عن "إحباطها" إزاء تصرفات المملكة العربية السعودية في اليمن. لكن هذا الإحباط لم يبطئ من وتيرة التعاون الأمريكي، ولم يشكل عائقا في العلاقات بين البلدين بل زاد من وتيرة الحرب. يبدو أن الحرب وسيلة للولايات المتحدة للاعتذار إلى السعوديين عن الاتفاق النووي الإيراني، لكن واشنطن لها نفوذ كبير على السعوديين، ويجب أن تستخدمه لإقناعهم بتخفيف قبضتهم على اليمن، وإنهاء هذه الحرب.

 

حظي ترامب بترحيب ملكي في السعودية، حيث تم تعليق صوره في كل مكان، لكن في الحقيقة، السعودية مصدر للصداع والمشاكل في كل مكان. كما أن ترويجها لعقيدتها الوهابية وتمويلها رجال الدين المتطرفين في أنحاء العالم، يقود العالم إلى الإرهاب والنكسة، من العراق، إلى اليمن إلى ليبيا، إلى الهند وأوروبا..


ماذا سنحصد من هذه الحرب الصغيرة المشينة؟

 

*صحيفة "ناشيونال ريفيو" الأمريكية