صحيفة "الحزب الاشتراكي البريطاني": المملكة المتحدة تدعم حلفاءنا الأوغاد في قتل اليمنيين

بعد تسلم هادي الحكم من خلفه الرئيس علي عبدالله صالح، أدى هادي، اليمين بدعم دولي - لكنه لم يتمكن أبدا من إنشاء سلطة بشكل متكامل. وانحدر اليمن إلى حرب أهلية في سبتمبر 2014 عندما استولى الحوثيون على السلطة. وفي مارس من عام 2015، قام تحالف تقوده السعودية وبدعم بريطاني وامريكي كبير، بحملة قصف مدمرة لاستعادة "حكومة" هادي المنفية.

وأسفرت عمليات القصف التي قادتها السعودية عن خسائر فادحة في الأرواح، وألحقت أضرارا هائلة بالبنية التحتية للبلاد، وأجبرت الملايين على النزوح من ديارهم. ولقي 10 آلاف شخص مصرعهم وأصيب الاف آخرون. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكثيرين هم ضحايا غير مباشرين للحرب، بمن فيهم أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة، وهم غير قادرين الحصول على العلاج. وتعمل أقل من نصف المرافق الصحية في اليمن مع نضال وكالات المعونة للوصول إلى المناطق التي مزقتها الحرب بالأدوية المنقذة للحياة، ويموت حوالي 1000 طفل كل أسبوع من الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي.

ويستخدم السعوديون وشركاؤهم الإقليميون "فزاعة" إيران لتبرير حملة قصف واسعة النطاق على اليمن. وعلى الرغم من مدى المعاناة، فإن الحرب في اليمن تلقى اهتماما في وسائل الإعلام أقل من ما تتلقاه تلك الأخرى في سوريا والعراق وأفغانستان. ولا يزال كثير من الناس في المملكة المتحدة غير مدركين لمدى الحرب الدموية وحملة القصف السعودية الوحشية هناك، بسبب التعتيم الكبير.

مبيعات الأسلحة

في أوائل عام 2016، تم الكشف أن أفراد الجيش البريطاني كانوا جزءا لا يتجزأ من مركز القيادة والتحكم في مقر القيادة المشتركة للتحالف في الرياض، لمساعدة النظام السعودي، في قصف المدنيين والمستشفيات، وإسقاط القنابل العنقودية المحظورة دوليا (بريطانية الصنع).

لكن عندما يرتكب حلفاؤنا "جرائم حرب"، فإن الحكومة تغض الطرف وتمارس الصمت بشكل مطبق. وقالت لجنة التنمية الدولية في البرلمان: "إن الأدلة على أن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ينتهك القانون الإنساني الدولي "هائلة" جدا. نحن مصدومون من استمرار الحكومة البريطانية، بالادعاء بأنه لم يكن هناك أي انتهاكات للقانون الإنساني من قبل التحالف، باستخدام الأسلحة التي قدمتها المملكة المتحدة، وتواصل مبيعات الأسلحة إلى السعودية. ونحن مقتنعون بأن هناك أكثر من خطر واضح بأن الأسلحة التي تباع إلى السعودية يمكن أن تستخدم في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي".

وهناك تردد، من قبل المملكة المتحدة أو وسائل الإعلام لإدانة التدخل العسكري للدكتاتورية الوهابية الاستبدادية في اليمن. ولكم أن تتخيلوا قاربا مليئا باللاجئين الأبرياء، رجالا ونساء وأطفالا، تعرضوا لإطلاق النار من قبل طائرة هليكوبتر حربية، مما أسفر عن مقتل العشرات وجرح المزيد. أليس من شأن تلك المجزرة ان تتصدر العناوين في وسائل الإعلام والصحف الكبرى، بحيث تؤدي إلى إدانة صريحة جدا من قبل الحكومة؟ لكن سبب تجاهل ذلك هو أن مرتكبي الجريمة من أكبر عملاء الأسلحة في بريطانيا.

وفي الوقت نفسه، تستمر تيريزا ماي بسياسة الانحناء والتملق حتى للسعوديين الفاسدين من أجل بيع الأسلحة. ويقول جورج جوفي، وهو زميل باحث وأستاذ في السياسة والدراسات الدولية في جامعة كامبريدج: "الرياض شريك تجاري رئيسي، والجواب الرئيسي عن سبب دعم المملكة المتحدة للتحالف في اليمن، بسيط بقدر ما هو مخجل: عقود الصفقات".

ومنذ بدء القصف على اليمن في مارس 2015، أذنت بريطانيا ببيع أسلحة بمليارات الدولارات إلى النظام السعودي الذي قصف المستشفيات والمدارس والأسواق ومخازن الأغذية والموانئ ومخيمات اللاجئين لتحويل اليمن إلى كابوس مخيف.

وبريطانيا لا تبيع فقط الأسلحة لتلك الديكتاتوريات، بل تبيع صمتها الدبلوماسي أيضا. وقد تم تجاهل الدعوات إلى وقف بيع الأسلحة إلى السعودية بشأن جرائم الحرب. وقد منحت المملكة المتحدة، النظام السعودي غطاء سياسيا ودبلوماسيا من خلال منع اصدار مختلف القرارات وفتح التحقيقات في الجرائم التي يرتكبها السعوديون.

وبموجب قانون تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة، من غير القانوني بيع الأسلحة أو الذخائر إلى دولة ترتكب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.

وحتى الآن، وثقت الأمم المتحدة هجمات التحالف التي انتهكت القانون الدولي، وكثير منها قصفت المنشآت المدنية مثل المستشفيات والمدارس والمساجد والأسواق. بيد أن الحكومة البريطانية تعارض بشدة فرض حظر على الأسلحة ضد حليفتها، مدعية أنه لا يوجد دليل قاطع على انتهاكات حقوق الإنسان. كما أفشلت بريطانيا اقتراحا قدمته هولندا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإنشاء لجنة تحقيق مستقلة في جرائم الحرب المرتكبة في اليمن.

وقالت منظمة أوكسفام إن المملكة المتحدة انتهكت المعاهدة الدولية لتجارة الأسلحة التي تنظم نقل الأسلحة التقليدية لضمان عدم وقوع انتهاكات للقانون الإنساني الدولي.

واتهمت أوكسفام الحكومة البريطانية بممارسة "الإنكار والتضليل" بسبب الموافقة على بيع أسلحة للسعودية التي تستخدم في الحرب الدائرة في اليمن.

وقال بيني لورانس، نائب المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام البريطانية: "الحكومة البريطانية ضللت برلمانها حول رقابتها على مبيعات الأسلحة مما يعرض مصداقيتها الدولية للخطر".

وفي خطابه أمام نواب البرلمان في مجلس العموم، انكر وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط توبياس إلوود، الأدلة الواردة من تقرير الأمم المتحدة بأن الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن استهدفت المدنيين الأبرياء، وادعى بأنها - الأدلة في تقرير الأمم المتحدة - تستند في الغالب إلى "الإشاعات" التي ينشرها الحوثيون.

ومن السخرية بمكان، أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 ينص على أن السعودية حكم محايد رغم انها طرف رئيس في النزاع ودون ذكر التدخل الذي تقوده السعودية. كما لم يكن هناك أي دعوة إلى هدنة إنسانية أو ممر آمن للمساعدة.

المدنيون يدفعون الثمن

وبعد عامين من الحرب والتدخل السعودي، أصبحت البلاد على وشك المجاعة، وما يقرب من 19 مليون شخص من سكان اليمن البالغ عددهم 25.6 مليون نسمة، في حاجة ملحة للمساعدة. ويعاني ما يقرب من سبعة ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد، مما يعني أنهم بحاجة إلى المعونة الغذائية بشكل عاجل.

وقدرت اليونيسيف أن طفلا يمنيا يموت كل 10 دقائق من امراض يمكن الوقاية منها. ويعاني مليونا طفل من سوء التغذية الحاد. فيما أقل من نصف مستشفيات اليمن تعمل، وتواجه نقصا يوميا في الموظفين والأدوية والكهرباء.

وفي الوقت الذي تزدهر فيه مبيعات الأسلحة للفصائل المتحاربة، فإن الميناء الرئيس للحديدة، الذي وصفته وكالات الإغاثة بأنه "شريان الحياة" لليمن، قد أغلق عمليا، بسبب الحصار البحري الذي تفرضه قوات التحالف. كما أن تدمير رافعات ميناء الحديدة من قبل التحالف، يثبت مدى التدمير المتعمد ضد السكان المدنيين في بلد يعتمد اعتمادا كبيرا على واردات المواد الغذائية.

هذا الخنق الاقتصادي الذي تمارسه السعودية والذي منع دخول او استيراد الأغذية والأدوية، واستهدف البنى التحتية الحيوية مثل الطرق والجسور، ساهم في تردي الوضع المأساوي الذي يواجهه اليمنيون الآن. وقال كريستوف بوليراك المتحدث باسم اليونيسف ان "استمرار القيود المفروضة على الواردات التجارية من الغذاء والوقود، سيقتل الأطفال أكثر من ما تقتلهم الرصاص والقنابل ...".

وتظهر الدول الغربية أنها تجني أرباح صناعات الأسلحة الخاصة بها من أرواح اليمنيين، وإلا فإنها ستتوقف فورا عن توفير القنابل، والصواريخ، وجميع الدعم العسكري الآخر للتحالف السعودي. والواقع أن السعودية لن تستطيع ان تشن حربا ضد اليمن دون المساعدة المستمرة من واشنطن ولندن.

وبدون وقف لإطلاق النار، ورفع الحصار، وفتح الموانئ والمطارات اليمنية، لإدخال الإمدادات الحيوية إلى البلاد، فمن غير المرجح أن تنجلي الحرب، وسيدفع المدنيون الثمن.

السعودية لا تعمل من تلقاء نفسها ولكنها تتلقى الدعم اللوجستي من بريطانيا والولايات المتحدة. وتساهم الشركات المصنعة الأوروبية أيضا في تزويد الأسلحة. كما غضت وسائل الإعلام الطرف عندما ابتزت السعودية الأمم المتحدة وهددتها بسحب التمويل الذي تقدمه إذا لم تسقط التحالف من "قائمة العار" التي وضعها الأمين العام للأمم المتحدة بسبب قتل الأطفال في اليمن.

وكشف تقرير للأمم المتحدة أن التحالف الذي تقوده السعودية مسؤول عن أكثر من 60٪ من وفيات الأطفال الذين قتلوا في الحرب. ومع ذلك تمكنت الرياض من استخدام موقفها ونفوذها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإفشال إنشاء لجنة تحقيق مستقلة للنظر في الانتهاكات المرتكبة في اليمن.. لكن كيف وصلت السعودية إلى مجلس حقوق الإنسان وهي ليست عضوا فيه يبقى لغزا!

وقال ديفيد ويرينغ، الباحث في العلاقات البريطانية السعودية في منظمة "الحملة ضد تجارة الأسلحة": "ساعدت بريطانيا النظام السعودي في حملة القصف الوحشية، بيد أن ذلك كان له عواقب وخيمة على الشعب السعودي واليمني. ومن أجل هؤلاء الناس، يجب على الحكومة البريطانية أن تتوقف عن تسليح وتمكين النظام السعودي الوحشي".

بريطانيا تزود الديكتاتورية السعودية بالأسلحة، وتوفر لها الغطاء الدبلوماسي لحماية النظام السعودي الذي يرتكب جرائم الحرب. كما أن وزير الدفاع الحالي السير مايكل فالون يدعم بلا خجل الشركة المصنعة للأسلحة "بي إيه إي" لبيع المزيد من الأسلحة للحكومة السعودية، لمواصلة قتل اليمنيين وتدمير ما تبقى من بنيتهم التحتية.

صحيفة "الحزب الاشتراكي البريطاني"