سياسة واشنطن في اليمن تخلق المزيد من الإرهابيين (ترجمة)

قد يعتقد المرء أن تتعلم الولايات المتحدة من سياستها الكارثية في قتل المدنيين الأبرياء وتدمير الوظائف الأساسية لأمة ما، لاكثر من عشر سنوات من استخدام الطائرات بدون طيار "لاستهداف" الإرهابيين المشتبه بهم، فتحت إدارة ترامب الآن الباب على مصراعيه للسعوديين لزيادة المذابح الوحشية في اليمن.

 

ومثلما أدى غزو العراق في النهاية إلى ولادة تنظيم (داعش)، فإن قتل اليمنيين الأبرياء دون سبب أخلاقي على الإطلاق هو توفير أداة تجنيد للمنظمات الإرهابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا. ومثلما كان الغزو العراقي مبنيا على ادعاء كاذب بأسلحة الدمار الشامل، فإن الحرب في اليمن تستند إلى حجج وهمية مفادها أن الإيرانيين يدعمون الإرهاب في ذلك البلد.

 

في السنتين الأوليين من الحرب في اليمن، لم تتمكن الولايات المتحدة من تقديم أي دليل على تسليم الأسلحة الإيرانية إلى اليمن. ومع ذلك، دعمت الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى بمبيعات الأسلحة، والاستخبارات، والحصار البحري والجوي الذي فرضته الولايات المتحدة. وباع ترامب للسعوديين مؤخرا أسلحة بقيمة 125 مليار دولار. وكانت نتائج كل ذلك كارثية، وزادت من معاناة الشعب اليمني.

 

القوات التي تقاتل الحوثيين وحلفاءهم تجمعت من المملكة العربية السعودية، والامارات وأنصار هادي، والميليشيات الإسلامية وبعض القبائل الأصغر حجما. ويتدخل الحلفاء السعوديون الدوليون - الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا وبلجيكا - في دعم نظام هادي (الدمية السعودية). كما تقدم البلدان الإقليمية - الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن والمغرب والسودان - الدعم للسعوديين ايضا.

 

السعوديون لا يشنون حربا ضد الجنود الموالين للحوثيين وصالح فحسب. بل يشنون حربا ضد اليمن والشعب اليمني بأكمله، ويقصفون المستشفيات والمدارس والعيادات الطبية وغيرها من الأماكن المدنية. وقد ادت الحرب السعودية الى مقتل اكثر من 10 شخص، وزجت البلاد في اكبر ازمة وجوع في العالم.

 

وأصبح الوضع المأساوي في اليمن أشد حدة منذ تفشي الكوليرا مؤخرا. ويشكل نقص المرافق الصحية والمياه النظيفة والرعاية الطبية أرضا خصبة لانتشار المرض. وأفيد أن هذا الوباء الحالي أصاب اكثر من 300 الف شخص وأدى إلى مقتل أكثر من 1،600 شخص. هذا العدد من الوفيات في اليمن بسبب الكوليرا أكبر من جميع الوفيات الناجمة عن الكوليرا في العالم في عام 2015، كما ذكرت منظمة الصحة العالمية.

 

إن المذابح التي ترتكب بحق المدنيين والفوضى والإذلال اليومي في اليمن يوسع المنظمات الإرهابية. يذكر ان القاعدة تعمل منذ فترة طويلة في اليمن، لكنها عززت وجودها بفعل الحرب الجارية في اليمن وتعتبر الآن واحدة من أخطر الجماعات الارهابية. وبالإضافة إلى ذلك، بدأ تنظيم داعش في وضع موطئ قدم له في اليمن.

 

ومع ان داعش على وشك الهزيمة في العراق. غير أن المحللين الأمريكيين، وآخرهم أشتون كارتر في مقالة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، لا يزالون يتجاهلون كيف أن السياسات الأميركية خلقت رد فعل الإرهاب والكيانات مثل تنظيم داعش.

 

وفي اليمن، تكرر الولايات المتحدة نفس الأخطاء التي ارتكبتها في العراق. والنتائج سوف تكون هي نفسها، من حيث ولادة التنظيمات الارهابية.

 

ما لم تغير الولايات المتحدة سياستها وعلاقاتها مع الدكتاتوريين الفاسدين الذين لا يرحمون من أجل النفط أو المصالح الجيوسياسية الأخرى، وتتبنى سياسة اكثر انسانية، فإن هذه الحلقة لن تنتهي أبدا.

 

 

المصدر/Foreign Policy In Focus