المؤرخ البريطاني الشهير "مارك كورتيس" يتحدث حول الدور البريطاني في العدوان على اليمن

في حوار أجرته صحيفة "اليمن اليوم" ونشرته في عددها 31 مايو/ آيار 2017، تحدث مارك كورتيس المؤلف والمؤرخ والمحلل البريطاني الشهير حول الدور البريطاني في العدوان على اليمن.. ولأهمية ما جاء في الحوار تعيد وكالة خبر نشره.. فإلى الحصيلة:

 

 أجرى الحوار عبر البريد الإلكتروني فارس سعيد،

*في كتابك "الحرب السرية في اليمن"، وصفت الحرب الأهلية في 62 - 69 بالقذرة، ما هو توصيفك المختصر للحرب التي يشنها التحالف بقيادة السعودية اليوم على اليمن؟

 

من الواضح أن الحرب التي يقودها التحالف بقيادة السعودية بدعم من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وحشية تماما. وأخطرت وزارة الدفاع البريطانية، البرلمان أنها تحقق في 257 حالة انتهاكات للقانون الإنساني الدولي من قبل المملكة العربية السعودية في اليمن. الآن، حكومة المملكة المتحدة ليست جادة في محاسبة المملكة العربية السعودية على هذه الأمور، وليس من الواضح ما سيعنيه "المحققون" حقا - بل من المؤكد أنهم لن يأتوا بأي شيء. منذ أن أبلغت المملكة المتحدة البرلمان عن هذه التحقيقات، لم نعرف ما الذي حدث، فقط ما نعرفه أن المملكة المتحدة تواصل دعمها الكامل للمملكة العربية السعودية في حربها الوحشية ضد اليمن.

 

*إجمالا تعترف حكومة المملكة المتحدة بدعم التحالف بقيادة السعودية، هل توضح لنا أكثر جوانب هذا الدعم؟

 

المملكة المتحدة زودت الرياض بقنابل جوية فقط بما قيمتها مليار جنيه إسترليني، خلال العامين الماضيين، وفقا للأرقام الصادرة عن الحكومة نفسها. وقد استخدم السعوديون خمسة أنواع من الصواريخ البريطانية في اليمن. وفي الوقت نفسه، العديد من الطيارين الذين يقومون بعمليات تفجير في اليمن تم تدريبهم من قبل البريطانيين. وبالإضافة إلى ذلك، قالت الحكومة البريطانية أن هناك حوالي 100 من العسكريين البريطانيين متواجدون في المملكة العربية السعودية بما في ذلك "عدد قليل" في "و

مارك كورتيس
مارك كورتيس

زارة الدفاع السعودية ومراكز العمليات". وتقوم هذه المراكز في الرياض بتنسيق حملة القصف السعودية في اليمن ويشمل أفرادا عسكريين بريطانيين موجودين في غرفة القيادة حيث يتم تنفيذ الغارات الجوية والذين يمكنهم الوصول إلى أهداف القصف. وتجادل الحكومة البريطانية بأنها ليست "طرفا" في الحرب على اليمن. وهذا ليس صحيحا، كما يبين سجل الوقائع والأدلة المشارة إليه أعلاه.

 

*في الستينات كان القلق على محمية عدن دافعا لإسهام بريطانيا في الحرب ضد الجمهورية، فما هي مصالح بريطانيا اليوم من دعم التحالف في هذه الحرب؟

 

لقد أرادت بريطانيا منذ فترة طويلة أن ترى حلفاءها، ولا أحد آخر، يسيطرون على شبه الجزيرة العربية. وكان السبب التاريخي الرئيسي هو النفط، في المقام الأول بطبيعة الحال، ولكن أيضا المصالح الاستراتيجية والجيوسياسية كانت مهمة في بعض الأحيان. السعوديون حليف عميق جدا للمملكة المتحدة - اشترت المملكة العربية السعودية كميات كبيرة من الأسلحة من البريطانيين كما أن السعوديين المستثمرين الرئيسيين في الاقتصاد البريطاني. وفي الوقت نفسه، يتعاون الطرفان في مختلف المغامرات العسكرية الأجنبية، وغالبا ما ينظر البريطانيون إلى السعوديين كقوة بديلة لهم أو (وكلاء).

 

*بعد مقتل ربع مليون يمني في الستينات، أقر رئيس الوزراء البريطاني ماكميلان بأن دعم الملكية كان من القبح السياسي، فكم من الفظائع تحتاجها حكومة السيدة تيريزاماي لتعترف أن دعم حرب التحالف هو كذلك ولا يليق أن تستمر بلدها فيه؟

 

أنا بصراحة لا أعتقد أن الحكومة البريطانية تهتم على الإطلاق بمدى الفظائع والانتهاكات مهما كانت سيئة. هذه الفظائع مهمة فقط لأغراض العلاقات العامة، وإذا كانت الفظائع والانتهاكات معروفة جدا بين الجمهور البريطاني، فيمكن أن تجبر على تغيير السياسة في لندن. وإلا فإن المملكة المتحدة ستواصل دعمها المشين للمملكة العربية السعودية، مهما كانت سيئة.

 

*نحن في العام الثالث من هذه الحرب، ما الذي حققه التحالف، وإلى أين تتجه؟

 

من الصعب أن نرى الإيجابيات التي حققها التحالف، ما حققه التحالف على مدى أكثر من عامين هو قتل الآلاف من اليمنيين وزج الشعب اليمني في أتون مجاعة وأزمة كبرى بالإضافة إلى تفشي الأمراض مثل الكوليرا، وغالبا ما يموت الناس من أمراض يمكن الوقاية منها.

 

*ليس هناك وجود إيراني في اليمن. حتى لو كانت هناك علاقة بين اليمن وإيران، فإنه لا يبرر هذه الحرب القذرة. برأيك، ما هي الدوافع الحقيقية وراء هذه الحرب؟

 

الدوافع - لكل من المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة - هي التأكد من أن شبه الجزيرة العربية لا تزال تحت سيطرة حلفاء بارزين. على الرغم من أن النفوذ الإيراني في اليمن صغير ولا يكاد يذكر، وتم المبالغة فيه عمدا، إلا أن السعوديين يتنافسون بشكل واضح مع الإسلام الشيعي، ويتعرضون لضغوط من جماعة الشيعية الخاصة بهم في شرق البلاد. هناك خوف بين هؤلاء السنة المتطرفين بأن الشيعة في كل مكان يسعون إلى الإطاحة بهم. الغرب يتاجر بهذه الأعمال إلى حد كبير، كما نستطيع أن نرى ذلك من زيارة ترامب الأخيرة.

 

*تتنامى الأصوات الرافضة لهذه الحرب في وسائل الإعلام ودوائر صناع القرار في بريطانيا والغرب عموما، كم نحتاج من الوقت لتتحول إلى قوة مؤثرة على حكوماتها؟

 

لسوء الحظ، فإن الحكومة البريطانية لا تتعرض لضغوط كبيرة في المملكة المتحدة على سياستها المخزية في اليمن. ولا تكاد هيئة الإذاعة البريطانية، وهي هيئة الإذاعة الحكومية، تغطي الحرب إطلاقا وتتعمد دائما دفن قضية صادرات الأسلحة البريطانية وخصوصا التي يتم استخدامها في الحرب السعودية على اليمن. الآن، نحن في منتصف حملة انتخابية أصبح فيها اليمن غير مرئي. أجد أنه من الفظاعة أن الحرب التي تعتبر بريطانيا جزءا منها تحظى باهتمام قليل. وهو يبين كيف أن وسائل الإعلام البريطانية غالبا ما تتبنى أولويات الحكومة في تقاريرها.

 

*في مؤتمر جنيف الأخير تعهدت بريطانيا بدعم الأعمال الإغاثية في اليمن، كيف تفسر ذلك في ظل استمرار دعمها للتحالف الذي يشن الحرب ويفرض الحصار؟

 

نعم، لدى بريطانيا برنامج مساعدات في اليمن، وتعلن عن ذلك بشكل كبير. ولكن وزارة الخارجية البريطانية مسؤولة عن هذه المساعدات - وزارة التنمية الدولية - لديها أيضا حق النقض على صادرات الأسلحة المملكة المتحدة إلى السعودية. وهي لا تستخدم حق النقض هذا. ولذلك، فإن المملكة المتحدة تساعد الناس الذين هم على الأقل ضحايا سياساتها الخاصة. وهذا وضع رهيب.

 

*ترامب في المملكة العربية السعودية، ما الذي ستضيفه عمليا هذه الزيارة إلى التحالف السعودي للحرب على اليمن؟

 

أعطى ترامب دفعة هائلة لموقف المملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط، من خلال تحديد إيران كمصدر لجميع الشر، وإبرام مثل هذه الصفقات العسكرية الكبيرة التي أصبحت أكثر ارتباطا ببعضها البعض، ربما لجيل قادم.

 

 

*مارك كورتيس: مؤلف ومؤرخ ومحلل بريطاني شهير وصحفي شارك في العديد من الجمعيات الخيرية التنموية. له العديد من الكتب عن السياسية الخارجية للمملكة المتحدة والولايات المتحدة بشكل رئيس فيما يتعلق بالفترة منذ الحرب العالمية الثانية. مستشار مستقل ومشارك منتظم في المناقشات السياسية من أبرز مؤلفاته الحرب البريطانية القذرة في اليمن، والحرب السرية في اليمن، 1962 - 1970.