مستشار سابق لرؤساء أمريكيين: السعوديون فرشوا السجاد الأحمر لترامب لإنقاذهم من اليمن

فرشت المملكة العربية السعودية السجاد الأحمر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أمل زيادة الإجراءات الأمريكية ضد إيران، والمشاركة اكبر في المستنقع باهظ الثمن الذي كونوه بأنفسهم في اليمن.

 

كملكية مطلقة، السعودية بارعة في البذخ والحفلات، والقصور المزخرفة، وبعد أن شعروا بالاحباط الشديد من الرئيسين الأمريكيين الأخيرين، جورج بوش وباراك أوباما، أرادوا إظهار أمالهما الكبيرة على فريق ترامب. يعرف ال سعود أن الإطراء سيجلب المكافآت، خاصة عندما يكون الهدف ذا كفاءة. إنهم يتوقعون نهجا أكثر عدوانية ضد إيران التي فاقتهم براعة من بيروت إلى البصرة لسنوات.

 

كما أتاحت الزيارة الرئاسية للملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الفرصة لإثبات القوة الهائلة لحماية الحرمين الشريفين في العالم الإسلامي السني. وأظهر سلمان أنه لا يزال المسؤول الأول. وكان خطابه في القمة الاسلامية دعوة عدوانية لمواجهة ايران واتهم ايران بالارهاب والتخريب. وبالطبع فإن القيادة السعودية ليست مهتمة بمحاربة إيران بقواتها. فهذه وظيفة الأمريكيين.

 

إن سياسة الملك سلمان في حكمه لمدة سنتين هي الحرب في اليمن. ووعد وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان، ابن الملك الموقر، بانتصار حاسم قبل 25 شهرا في اليمن، لكن الحرب ما زالت في طريق مسدود. وقد تجنب السعوديون زج قواتهم البرية في عمليات هجومية ضد الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح خوفا من الإحراج من أدائهم الضعيف. ورغم ان سلاح الجو الملكي السعودي حقق اعلى من التوقعات، لكن الحملة الجوية لم تهزم الحوثيين وصالح، ولم توقف هجماتها الصاروخية على المملكة. وقد اطلق صاروخ على الرياض بعد ان غادرت طائرة الرئيس ترامب الولايات المتحدة الا ان قوات الدفاع اعترضت الصاروخ، كما تزعم السعودية.

 

وهناك الآن دلائل متزايدة على الانقسام الناشئ في التحالف الذي أنشأه السعوديون لمحاربة الحوثيين وصالح. يذكر ان حكومة عبد ربه منصور هادي التي يساندها السعوديون تكافح من اجل السيطرة على مطار عدن الذي يعتبر الاكبر في الاراضي التي يسيطر عليها هادي اسميا، من الميليشيات اليمنية التي تدعمها الامارات العربية المتحدة منذ شباط / فبراير الماضي. حتى ان السعوديين ارسلوا القوات السودانية - واحدة من الحلفاء الأكثر ولاءً - للسيطرة على المطار ولكن دون جدوى. كما ان المواجهة المتوترة بين الفصائل المتنافسة تجعل المدينة برميل بارود يمكن ان تشتعل في اي وقت.

 

كما تدعم الرياض وأبو ظبي القبائل اليمنية المتنافسة في حضرموت، وطن عائلة بن لادن في شرق اليمن. وقد تاق الملوك السعوديون للسيطرة على حضرموت منذ القرن الثامن عشر كمدخل مباشر إلى المحيط الهندي، ولكن الإماراتيين وضعوا قواتهم الخاصة (العديد منهم مرتزقة) على الأرض لاخذها من القاعدة. ويشعر الإماراتيون بالخيبة إزاء هادي، الذي لم يتمكن من حشد الدعم لأكثر من عامين في وقت لا يزال السعوديون مرتبطين بالرجل الذي ساعدوا على انتخابه.

 

الخطة السعودية للفوز في اليمن تعتمد على استيلاء عملائها للحديدة، الميناء الرئيسي في الشمال. والهدف من ذلك هو تشديد الحصار على البلد الذي زجت به الحرب في مجاعة جماعية وتفشي الأمراض. وتفيد التقارير أن دولة الإمارات العربية المتحدة غير متحمسة للعملية.

 

ولم تتخذ إدارة ترامب بعد قرارا بشأن خطة الهجوم على الحديدة. ولم يتطرق خطاب الرئيس بالكاد عن اليمن ولم يتناول أبدا المجازر الإنسانية التي ترتكب هناك. وعلى عكس سلمان، لم يسلط ترامب الضوء على الدور الإيراني في اليمن.

 

إن المجهود الحربي السعودي يعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي. ويعارض الكونغرس على نحو متزايد منح سلمان وابنه شيكا فارغا للحرب التي تسببت بأضرار إنسانية هائلة لأشد البلدان فقرا في العالم العربي. البعض في الكابيتول هيل يدعو لمزيد من الرقابة على مبيعات الاسلحة للسعودية. الحصول على موافقة الكونغرس على مبيعات الأسلحة يزداد صعوبة في وقت تزداد معاناة اليمنيين سوءا.

 

إن الخطر الطويل الأمد للسعوديين هو أنهم الآن مرتبطون بمصير الرئيس الأمريكي الزئبقي الذي لا يمكن التنبؤ به. وهم يأملون أن يحارب إيران نيابة عنهم. وحتى الآن ليس لديهم سوى التذمر. وتوقعاتهم مرتفعة جدا بالنسبة للرئيس الذي لم يقدم بعد تشريعا هاما واحدا لمناصريه الأساسيين في وطنه. إن سجله في نكث وعوده - تقويض المعاهدة النووية الإيرانية، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أو حظر المسلمين - على سبيل المثال - سيعرض الأفكار الاخرى للخطر.

 

*انضم بروس ريدل لمعهد "بروكنغز" الاستخباراتي الأمريكي، في العام 2006 بعد خدمة 30 عاماً في وكالة الاستخبارات المركزية، عمل خلالها في الشرق الأوسط وأوروبا. شغل ريدل مستشاراً أول لشؤون جنوب آسيا والشرق الأوسط لآخر أربعة رؤساء في طاقم موظفي مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض.

 

 

المصدر: صحيفة "المونيتور"