"نيوزويك" الأمريكية: ترامب يسلّح تنظيم القاعدة في اليمن وهادي شريك لايمكن الاعتماد عليه

وصف وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس سوريا بانها "الحرب الاهلية الاكثر تعقيدا على هذا الكوكب في هذا الوقت"، لكن اليمن ليست كذلك لانهم مستفيدون منها من جني اموال بيع الاسلحة الى السعودية. وفي كلا المكانين، لا يمكن رسم الخط الفاصل بين الخصوم والحليف بسهولة، الأمر الذي يعرض الولايات المتحدة لخطر التعزيز غير المقصود لبعض أسوأ أعدائها. في حالة اليمن، هذا يعني القاعدة.

 

في معركتهم ضد الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح في اليمن، عملت حكومة هادي، ومؤيدوها السعوديون، مع الجهات الفاعلة المحلية المرتبطة بتنظيم القاعدة. في بعض الأحيان هذا يعني أن الأهداف التي تهاجمها الولايات المتحدة هي في الواقع متعلقة بصفقات وأسلحة بفضل العلاقات مع حكومة هادي والتحالف الذي تقوده السعودية، والتي تقدم لها الولايات المتحدة الدعم. إن وضع هذه التحالفات الشائكة في ساحات المعركة في اليمن أمر بالغ الأهمية نظرا لأن إدارة ترامب تدرس تكثيف التدخل العسكري الأمريكي في البلاد.

 

 

خلفية الصراعات

 

هناك حربان في اليمن تشارك فيهما الولايات المتحدة: الحرب الأولى، هي مكافحة الإرهاب الأميركية التي طال أمدها ضد فرع تنظيم القاعدة في اليمن، والذي يشار إليه عادة باسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ومنذ تولي ترامب منصبه، ازدادت الغارات الأمريكية بدون طيار والعمليات البرية ضد الجماعة، وفي بعض مناطق البلاد، تم تخفيف القواعد التي وضعت لمنع وقوع إصابات بين المدنيين.

إن مصلحة الولايات المتحدة في هزيمة تنظيم القاعدة، ولاسيما هذا الفرع من الجماعة، المعروفة بقدراتها على صنع القنابل، وعزمها على شن هجمات ضد الغرب، أمر لا لبس فيه.

 

لكن مكافحة الإرهاب الأمريكية في اليمن تجري أيضا في ظل حرب أهلية وفوضى تفاقمت في صراع إقليمي. من جانب واحد حكومة هادي التي أطيح بها في يناير 2015. يدعمها تحالف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية، كما تلعب دولة الإمارات العربية المتحدة دورا رئيسا. ويقاتل التحالف الذي تقوده السعودية وقوات حكومة هادي الحوثيين والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

ما يعقد هذه المعركة هو القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش، الذين يقاتلون أيضا الحوثيين وحلفاءهم على الأرض. وهذا يعني أن كلا من المنظمات الإرهابية والتحالف الذي تقوده السعودية وحكومة هادي تتشاطر جميعا عدوا مشتركا - الحوثي/صالح.

 

حتى الآن، ظلت الولايات المتحدة إلى حد كبير على هامش هذه الحرب، مع التركيز بدلا من ذلك على مواجهتها القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وقد قدمت الولايات المتحدة بعض الدعم خلال العامين الماضيين للتحالف الذى تقوده السعودية، بما فى ذلك المخابرات والتزود بالوقود جوا لطائرات التحالف. ولكن الآن، فإن إدارة ترامب، مع الخطاب العدواني تجاه إيران، مستعدة للانخراط بشكل أكبر في معركة الحوثيين/صالح.

 

وصرح مسؤولون كبار في الادارة الاميركية لوكالة فرانس برس الاسبوع الماضي ان البيت الابيض يدرس تقديم مساعدة اضافية الى التحالف الذي تقوده السعودية يمكن ان يشمل "المزيد من الدعم الاستخباراتي لكنه لن يتضمن القوات البرية الامريكية". كما ان مشاركة الولايات المتحدة في الحرب " ستعكس جهود الادارة لمواجهة ما تعتبره نفوذ ايران الخبيث فى المنطقة".

 

ويقول الخبراء إن النظر إلى هذه الحرب على أنها حرب بالوكالة امر خاطئ جدا.


 وقد أبرزت الغارة المثيرة للجدل التي قامت بها إدارة ترامب في يناير المسار الغادر بالنسبة للولايات المتحدة، فبينما تحارب الولايات المتحدة القاعدة في شبه الجزيرة العربية التنظيم الارهابي الاخطر، فإن الذين يقاتلون الحوثيين/صالح يجدون أنه من المفيد التعاون مع المنظمة الإرهابية.

 

وكانت الشخصية الرئيسة الذي قتلته الولايات المتحدة في غارة يناير هو الزعيم القبلي الشيخ عبد الرؤوف الذهب القيادي في التنظيم. وقالت وكالة "اسوشييتد برس" انه فى الايام التى سبقت الغارة الامريكية، اجتمع الذهب مع رئيس اركان الجيش فى حكومة هادى. وخرج الرجلان من صفقة حصل فيها الذهب على مبلغ 60 ألف دولار لدفع رجاله لمحاربة الحوثيين وحلفائهم. ووفقا لمساعده الكبير، عاد الذهب إلى البيت مساء قبل الغارة، ووزع المال على مقاتليه. وبحسب وكالة "اسوشييتد برس" فان "الذهب" كان يعمل مع حكومة هادى "لاستعادة" مدينة رداع التي يسيطر عليها الحوثيون وحلفاؤهم.

 

وجاء الذهب من عائلة ذات صلات عميقة بتنظيم القاعدة، من بينهم ثلاثة أشقاء كانوا من كبار الشخصيات في تنظيم القاعدة وأخت متزوجة من أنور العولقي، المواطن الأمريكي الذي قتل في غارة جوية بدون طيار عام 2011. في الواقع، كانت ابنة العولقي البالغة من العمر 8 سنوات في بيت الذهب ليلة الغارة وقتلت خلالها. لكن الذهب لعب دورا بارزا في المعركة المناهضة للحوثيين، لدرجة أنه جعل بعض الناس على الأرض محيرين حول سبب استهداف الولايات المتحدة له، وفقا لصحيفة " the Intercept" الامريكية التي زارت موقع العملية في محافظة البيضاء.

 

ان العلاقات بين "الذهب" و"القاعدة" وحكومة "هادي" تبدو غامضة بعض الشيء، وتعكس استراتيجية تنظيم القاعدة في اليمن، وهي التسلل إلى المجتمع المحلي والسياسي.

 

ويصف تقرير جديد من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية كيف أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد "ضم نفسه داخل النسيج الاجتماعي للمحافظات اليمنية الثلاث التي استهدفتها في أغلب الأحيان جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية - البيضاء وأبين وشبوة".

وساعدت الحرب ضد الحوثيين وحلفائهم، القاعدة في شبه الجزيرة العربية على تعميق هذه العلاقات لتنمو بشكل أقوى. واستفادت الجماعة الإرهابية من الحرب ومكنتها من الازدهاروالنمو.

 

وقال وليد الحريري، الذي يرأس مركز صنعاء للدراسات في نيويورك: "في الوقت الذي تحارب فيه الحوثيين وحلفاءهم، تحاول الحكومة استيعاب الفصائل المسلحة داخل الهيكل العسكري للدولة دون معايير مؤسسية واضحة. لكن هادي ابرم صفقات وتعيينات خارج سيطرة الدولة تقوم على الولاءات ومناطق القيادة". ونتيجة لذلك، يمكن القول بان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية اصبح "أقوى وأرسخ وأكثر غنى بالموارد، ويعمل بمزيد من المرونة المؤسسية والقدرة على التكيف أكثر من أي وقت مضى". وتوافق مجموعة الأزمات الدولية بذلك.

 

وقالت مجموعة الأزمات الدولية في فبراير "مع اندلاع الحرب، استخدمت القاعدة في شبه الجزيرة العربية ذريعة الدفاع السني ضد الحوثيين "الشيعة" للانخراط مع القبائل المحلية والمتعاطفين السلفيين. من خلال ذلك، حصل القاعدة في شبه الجزيرة العربية على مجموعة واسعة من الأسلحة الجديدة، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة من المعسكرات اليمنية المدعومة من الرياض، أو حصلت عليها بشكل غير مباشر من التحالف الذي تقوده السعودية.

 

ووصفت اللجنة الدولية العلاقة بين التحالف بقيادة السعودية ومقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية بأنها إما "تحالف ضمني"، أو أن التحالف على الأقل "غض الطرف عنهم، طالما أنهم ساعدوا في مهاجمة العدو المشترك".

 

وقال نبيل خوري، الذي شغل منصب نائب رئيس البعثة في السفارة الأمريكية في اليمن من 2004 إلى 2007، إنه لا يوجد دليل مباشر على أن السعوديين أو حكومة هادي يتعاونون مع القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ولكن يوجد "الكثير من الدخان هناك".

 

وقال خوري الذي يشغل حاليا منصب زميل كبير في معهد "اتلانتيك" للدراسات "يمكنك بالتأكيد اتهامهم بنشر القاعدة بشكل غير مباشر في اليمن". واضاف: تؤكد القصص مثل تلك المتعلقة بالذهب "ان هادي شريك لا يمكن الاعتماد عليه وشخص لا يمكنك الوثوق به بمعلومات الاستهداف".

 

وقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية في السنوات الأخيرة عقوبات ثلاثة من شركاء هادي الكبار على الأقل لعلاقتهم بتنظيم القاعدة، مما جعلهم "إرهابيين عالميين": الأول، هو نايف القيسي، الذي عينه هادي محافظا للبيضاء. ووصفته وزارة الخزانة والأمم المتحدة بأنه مسؤول وممول كبير في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وقد استخدم منصبه الرسمي، كمحافظ للبيضاء، لمساعدة القاعدة في شبه الجزيرة العربية على التوسع هناك وتوزيع الأموال والأسلحة على المجموعة، وفقا لوزارة الخزانة.

 

والثاني، هو عبد الوهاب الحميقاني، رئيس حزب الرشاد، الحزب السياسي السلفي الأبرز في اليمن. وهو مستشار لهادي، وكان عضوا في وفده الرسمي في جولة سابقة من محادثات السلام في جنيف. وتقول وزارة الخزانة إنه عضو مهم في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي "سهل التحويلات المالية من مؤيدي وداعمي القاعدة في المملكة العربية السعودية إلى اليمن دعما لعمليات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب".

 

الثالث، حسن علي ابكر هو قائد ميليشيا موالية لهادي في محافظة الجوف. وبهذه الصفة، يعتقد أنه يحصل على أموال الحكومة والتحالف. وتتهمه وزارة الخزانة بتقديم "الأموال والأسلحة والذخائر لقوات القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

 

بالإضافة إلى ذلك، في شهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، سلط جوسلين، الذي يتتبع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عن كثب لـ"مجلة الحرب الطويلة"، الضوء على دور الشيخ عبد المجيد الزنداني، الذي تم تعيينه من قبل الخزانة على أنه إرهابي بسبب دعم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ولكن أيضا "يحافظ على علاقات ودية مع السعوديين". وقد أصبح نفوذه وشبكته أكثر قيمة بفضل الحرب ضد الحوثيين.

 

ووفقا لجوسلين: "بنفس الطريقة، من المهم عدم إغفال جميع اللاعبين المختلفين الذين يقاتلون الحوثيين وحلفاءهم، من المهم أيضا أن نقدر تماما من هو على جانب الحوثيين".

 

ومن الواضح أن رؤية خطوط المعركة مفيدة ليس فقط لصياغة استراتيجية الولايات المتحدة للمضي قدما بل إنها تسلط الضوء أيضا على مدى فعالية مكافحة الإرهاب الأمريكية حتى الآن. وعلى الرغم من سنوات الضربات الجوية الأمريكية، فإن تنظيم القاعدة يندمج بشكل كامل في هياكل السلطة المحلية والحياة السياسية، ومن الصعب على أولئك الذين يقاتلون الحوثيين وحلفاءهم عدم الاعتماد على مقاتليها. وھذا یشیر إلی أن النھج العسکري لوحده لن یفعل الکثیر لتقلیل قبضة القاعدة في الیمن.

 

 

المصدر: مجلة "نيوزويك" الأمريكية