مبتعث يفتح صفحة من مجلد فساد سفير هادي في تونس.. حين تصبح السفارة وكر تجارة (تحقيق بالوثائق)

كدت أحبط لولا التقائي بك على هذا العالم الافتراضي، أنا عبده مقبول، طالب يمني مبتعث إلى تونس ..قدمت من بلدي للعاصمة السودانية من أجل تجديد "الفيزا"" وكل اجراءات منحتي الثقافية إلى تونس لدراسة الدكتوراه أصبحت مكتملة الآن، ولم يتبق غير موافقة سفير حكومة المنفى في تونس الذي أغلق الأمل الوحيد في وجهي.
 
كل يوم يمر هنا وأنا أتدارس رسالة بحثي للدكتوراه، أجدني جثة مرمية في قارعة طريق الضياع في ظل ظروف معيشية صعبة، أنا الآن ذاك الطالب اليمني المبتعث الذي انتحر ليخلص نفسه من تبعات القهر والظلم الذي يمارسه سفراء حكومة المنفى.
 
 
"حرمان مقبول" تتكرر غيـر مقبول
 
تزايدت في الآونة الأخيرة الممارسات التعسفية لسفراء "حكومة المنفى" تجاه الطلاب اليمنيين بشكل مخيف، مما يتحتم تدخلا عاجلا ومناقشة جادة في وسائل الإعلام للظاهرة سابقة الإنذار ليحد من السقوط المدوي والمتكرر الذي يرتكبه المسؤولون في السفارات اليمنية.
 
حيث كشفت وتيرة الأحداث المتصاعدة للطلاب اليمنيين الذين خرجوا مطالبين بمستحقاتهم المشروعة، حجم التصرفات الهمجية التي طالتهم، ومدى تحويل سفراء "حكومة المنفى"، تلك المباني الدبلوماسية إلى أوكار للتجارة بالفساد والسقوط المهني، الذي أظهر التدني الواضح واستغلال الحرب التي تعيشها بلادنا في تمرير وخدمة مصالحهم الذاتية، حد استدعاء أحد السفراء شرطة البلد الذي يعمل فيه لقمع اعتصام بالقوة للطلاب اليمنيين هناك.
 
وطابق هذا السلوك المشين إقدام سفير هادي في تونس عبد الناصر باحبيب الذي لم يتعلم من فداحة الحادثة التي ارتكبها سابقا، إلى إبلاغ السلطات التونسية بمنع دخول أي طالب إلا بموافقة مسبقة منه.
ويروي لنا الطالب اليمني عبده عبدالكريم مقبول الموفد لدراسة الدكتوراه كأحد أعضاء الهيئة التدريسية المساعدة في جامعة حضرموت ضمن منح التبادل الثقافي إلى جمهورية تونس، يروي تبعات تمرير جميع قرارات الطلاب في السفارة من تحت يد ومجهر كشف السفير الذي بدأ بعد حادثة تظاهر الطلاب وفضح تورطه في استدعاء الشرطة أمام وسائل الإعلام التي كانت حاضرة آنذاك وكأنه يريد تقييد إسهامات الطلاب التعليمية وإخضاعهم لتصرفاته المخلة بالقانون.
 
 
8 أشهر في الخرطوم
 
ومنذ قرابة 8 أشهر يقبع أستاذ الآداب في جامعة حضرموت عبده مقبول في شوارع الخرطوم الكبيرة وسط حياة معيشية تحولت إلى جحيم فعلي، نتيجة تحمل مصروفات يومية أنهكت كاهله، بينما يترقب بلهفة وشوق مع ولادة كل صباح جديد تبددا للظلام الجاثم في طريق حلمه ويزرع ابتسامة يرى منها لمعان نواجذ الوجوه السمراء هنا في العاصمة السودانية.
 
بذل مقبول كل جهده في سبيل الإعداد لبحثه الذي يدرس الشعر السلوكي التهامي المعاصر، ولم يغفل في الوقت ذاته التواصل الدائم والمستمر مع السفير عبدالناصر باحبيب سفير حكومة الفار هادي في تونس الذي طلب في بادئ الأمر رسالة من الجامعة الموفد منها ثم ارتفع في سقف المذكرات المطلوبة.
مقبول يضيف: "كل ما يتطلب من السفير هي مذكرة للتعليم العالي التونسي بشأن تجديد ترسيم المنحة"، وبذهول محير يقول: "لقد رد بكل برود بما يخل بمهنته أمام سلامة جميع الإجراءات القانونية المطروحة أمامه، قال "أنت ستشكل عبئا علي".
 
 
تعنت "السفير"!
 
لم يجد مقبول من أقاربه وأصدقائه من لهم صلة وعلاقة بالسفير كي تساهم في تسير إجراءاته وتعينه في دخول الأراضي التونسية، حيث عزم اللجوء إلى البحث عن طرق بديلة تساهم توصيل معاناته إلى "سعادة السفير"، هذه المرة عبر برنامج المنصة في قناة بلقيس. ويردف: "لم تصل معاناتنا إلى غرفة السفير شديدة البرودة والتكييف ولم نلق غير التطنيش ومعاناة مضاعفة".
 
وجدنا "مقبول" في طريق بحث وتواصل معنا عبر "فيس بوك" قبل أن يتطور على مدى شهرين إلى تواصل هاتفي مباشر، وعشنا معه تفاصيل المتاعب المبذولة في سبيل تجديد "الفيزا" التي تضعها السلطات التونسية كشرط أساس للسماح للأجانب خلال دخول أراضيها في فترة زمنية محددة، وهي الفترة التي لم يتمكن عبده مقبول من تداركها جراء اندلاع الحرب في اليمن وإغلاق المنافذ والمطارات، وقد تمكن مؤخرا من السفر عبر مطار سيئون إلى العاصمة السودانية الذي باتت واجهة العالم بالنسبة لنا نحن اليمنيين فاقدي الدولة. ويتابع: "هناك تواصلت بالسفارة التونسية كي يتم تجديد الفيزا وسأتمكن أخيرا من دخول دولة تونس".
 
"تفهم المسؤولون في السفارة التونسية الوضع في بلادنا وعلقوا بأنه ليست هناك أي مشكلة لديهم فقط أن نقوم بطلب الاذن من سفير حكومة المنفى في تونس، والحصول على موافقة منه" يضيف مقبول رد السفارة التونسية له.
 
يقول مقبول: "ربط السفير دخول أي طالب يمني بموافقه مبدئية منه". يتابع مقبول سرد العراقيل التي وضعها سفير حكومة المنفى على الطلاب اليمنيين في الخارج. ويتساءل: "من يوقف ممارسات "سعادة السفير..؟" وتجاوزاته الخارجة عن القانون في ظل تبعية السفارات اليمنية "لشرعية" هادي.. الذي يصرف جل وقته بالحرب الداخلية دون الاكتراث للمآسي والآلام التي تكوينا كل يومي".
 
 
حظر.. وسياسة تطفيش
 
ويسرد مقبول حجج السفير التي تكشف عن ممارسته سياسة تطفيش واضحة ويقول: "ان الوثائق تخبر بكل شيء، كل ما على السفير فعله التوجيه للتعليم العالي التونسي بشأن تجديد الترسيم". مشيرا أن "فكرة تشكيل العبء عليه هي فكرة ظالمة، تحرمه فرصة ثمينة من حياته التعليمية". وأوضح أن "السفير طلب رسالة رسمية من جهة حكومية، وقد قمت في سبيل إنجاز الإجراءات بدور الوسيط بين الجهات الرسمية في اليمن والجهات الحكومة التونسية ذات الاختصاص".
 
واستطرد قائلا: "في البداية أحضرت له رسالة من نائب رئيس جامعة حضرموت للدراسات العليا بوصفه الشخص المسئول عن المنح في الجامعة، وهي وحدها كافية لإثبات صحة منحتي، إلا أنه طالب رسالة أخرى من رئيس الجامعة الذي لم يتوان في التوجيه وقد أتمه بشكل عاجل".
 
ويتابع بمرارة: "كل طلبات السفير تم تجهيزها حتى الموافقة من وزارة التعليم العالي الذي اشترط أن تكون من عدن. وبذلت جهدا مضنيا في البحث عن وسائل توصلني للوزير، حيث ألقت ظروف الحرب فرض إجراءات أمنية مشددة في عدن، وبعد الحصول على رقم هاتفه الشخصي ارفقنا اليه مخاطبة الجامعة ثم إرسالها عبر البريد للوزارة (التابعة لحكومة الفار هادي) التي يترأسها الوزير حسن باسلامة، وبدوره قام بالتوجيه على الرسالة" والصورة التي أخذناها من شاشة الهاتف "أثناء رده عبر واتساب" توضح ذلك.
 
انعدمت الأعذار أمام السفير والحجج الواهية المطروحة في جعبته، وحشر نفسه في زاوية التلاعب، لكنه عاد ورمى ورقته الأخيرة هذه المرة تحت ذريعة إيجاد خطاب ابتعاث جديد رغم أن المذكرة الصادرة بتاريخ 19/8/2014م عن السفارة التونسية ردا على مذكرة من السفارة اليمنية حول ترشيح طلبة يمنيين للدراسة بالجامعات التونسية لاتزال سارية المفعول في الآجال الممكنة وقد تمت إجراءات التسجيل ولم يتبق غير السفر إلى تونس وهو ما يرفضه السفير .. وبعد أخذ ورد واستحلافي له بالله أدخل رقمي في خدمة "حظر" كي يتجنب رسائلي وعبء إزعاجي له". يوضح الأكاديمي بجامعة حضرموت مدى صحة المثل القائل "امش مع الكاذب إلى باب بيته" وهو مثل يشرح الحيل والمماطلة التي يلجأ اليها المسؤولون لتطبيق سياسة التطفيش التي تبقي فسادهم في حرية مطلقة.
 
 
غياب "حكومة المنفى"
 
حرمان الطالب "مقبول" من نجاح فرصة عمر لنيل درجة الدكتوراه هي حالة واحدة ممن استطعنا الوصول لها بين عشرات الطلاب اليمنيين المبتعثين إلى الخارج الذين يعيشون حرمانا حقيقيا لأبسط حقوقهم، أدناه توقف رواتبهم الشهرية التي تعتبر شريان الحياة في مسيرتهم التعليمية، وسط تخل واضح لدور الحكومة التي تنضوي تلك السفارات تحت مظلتها وتمارس أفعالا بشعة وممارسات غير مسؤولة بعيدا عن رقابتها.. الأمر الذي يستدعي وقفة جادة للتصرفات المراهقة للسفراء التابعين للفار هادي ممن يعتبرونها وكرا للتجارة والقذارة في الأفعال التي جعل من تصرفاتها المخلة تلك، إلى نهب وسرقة حلم عقول هي بصيص الأمل لدى الإنسان اليمني، ويعقد عليهم نهضة بلد دمرته حرب بالجملة.
 
بدورنا حصلنا على رقم الهاتف الشخصي للسفير عبد الناصر باحبيب وأرسلنا من خلاله توضيحا نطالب فيه التعليق على المعلومات المطروحة وانتظارنا الرد في أقرب فرصة يتم قراءة الرسائل عبر برنامج ماسنجر(واتساب) إلا أنه لا حياة لمن تنادي. وبحسب عبده مقبول فان (حكومة المنفى) تتحمل دورها الأخلاقي ومسؤولياتها تجاه قضايا طلبة اليمن المبتعثين للخارج، وتبعات مشاكلهم التي تتوسع رقعتها يوميا. دون رادع يوقف الأعمال العبثية التي تساهم في تشديد إجراءات الطلبة وتحبط آمالهم وتولد فيهم أمراضا نفسية تفقدهم الثقة أو التعايش في مجتمع يسوده شخصنة العمل.