معركة بين البنتاغون ومنظمات الإغاثة بشأن الهجوم العسكري المخطط له في اليمن

حذرت جماعات الإغاثة وزارة الدفاع الأميركية فى اجتماعها من أن الهجوم على الحديدة يمكن أن "يعجل المجاعة" فى أجزاء من البلاد التى تعاني بالفعل بعد عامين من الحرب.

 

علم موقع "باز فيد" الأمريكي، من مصادر مطلعة، أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) رفعت قضية هجوم عسكري أميركي مدعوم من الولايات المتحدة على مدينة استراتجية في اليمن إلى غرفة من مسؤولي وزارة الخارجية ومجموعات إنسانية مشكوك فيها.

 

وتؤيد وزارة الدفاع تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي لعملية يقودها الجيش الإماراتي للاستيلاء على مدينة الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون والجيش اليمني المتحالف معهم. بيد ان المكاتب الرئيسية داخل وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تعارض المبادرة مؤكدة انها ستؤدي إلى مجاعة شاملة فى البلاد عن طريق إغلاق ميناء الحديدة حيث تدخل عبره معظم المساعدات الإنسانية إلى الدولة الفقيرة.

 

وخلال الاجتماع الذى عقد يوم الخميس بناء على طلب وكالات الإغاثة حاول مسؤول في البنتاغون تخفيف هذه المخاوف من خلال إفساح إمكانية أن تكون العملية "نظيفة" وتؤدي الى السيطرة السعودية الكاملة على الميناء في خلال "من أربعة إلى - ستة أسابيع".

لكن جماعات الإغاثة ترى أن توقعات البنتاغون متفائلة إلى حد كبير ويحاول أن يقلل من تعقيد المهمة من أجل كسب الدعم له داخل إدارة ترامب.

 

ومن غير الواضح من أين جاء الرقم "من أربعة إلى ستة أسابيع". وقال مسؤول كبير في البنتاغون لم يكن موجودا في الاجتماع لموقع "باز فيد"، إن مثل هذه التوقعات غير واقعية - مؤكدا ان الاستيلاء على الميناء "قد يستغرق اشهرا".

 

وهدمت العديد من المدن والبلدات اليمنية في الحرب التي دامت أكثر من عامين. وأسفرت حملة قصف بقيادة السعودية عن مقتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص ونقص كبير في الأغذية.

 

وفي الأسبوع الماضي، قال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إن اليمن على وشك "المجاعة الشاملة"، وصنف سبعة ملايين شخص في البلاد بـ"انعدام الأمن الغذائي الشديد".

 

وقال سكوت بول، وهو كبير مستشاري السياسات في منظمة أوكسفام، "إن السيناريو المحتمل لعملية الحديدة، التي تنطوي على إغلاق مطول أو غير مسمى للميناء، من شأنه أن يعجل المجاعة في أجزاء من اليمن على مدى أشهر، ويكلف آلافا عديدة من الأرواح".

 

وتدعي حكومتا المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة "ان الاستيلاء على ميناء الحديدة يشكل نقطة دخول الأسلحة للمسلحين الحوثيين تدعمها إيران".

 

ويرى كثير من المسؤولين داخل البنتاجون، بمن فيهم وزير الدفاع جيمس ماتيس. ان دعم التحالف السعودي يفي بتوجيه الرئيس دونالد ترامب للرد على النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

 

والشهر الماضى، عقد مجلس الأمن القومي الأمريكي اجتماعا لدراسة مذكرة أرسلها ماتيس الى البيت الأبيض قائلة ان "الدعم المحدود" لعملية الحديدة سيساعد فى كبح أي "تهديد مشترك"، وفقا لما ذكرته صحيفة واشنطن بوست.

 

وعقد اجتماع المسؤولين الأمريكيين وجماعات الإغاثة الأسبوع الماضى فى مقر وزارة الخارجية فى فوجى بوتوم. وأبلغ المسؤولون الأمريكيون مجموعات الإغاثة بأن مخاوفهم الإنسانية تجري مناقشتها على أعلى مستويات الحكومة. إلا أن إحدى مجموعات الإغاثة غادرت الاجتماع مع الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تعتزم المضي قدما فى العملية بالرغم من الاعتراضات.

 

ورفض البنتاغون التعليق على العمليات المقبلة.

 

ومن غير الواضح ما إذا كان ترامب سيكسر سلفه اوباما ويأذن بالعملية. ورفض البيت الأبيض التعليق على أي قرارات اتخذت خلال اجتماع مجلس الأمن القومي في آذار / مارس. كما أن موقف وزير الخارجية ريكس تيلرسون غير واضح ايضا.

 

وفي أواخر العام الماضي، رفض البيت الأبيض في ظل باراك أوباما اقتراحا إماراتيا للمساعدة في الاستيلاء على ميناء الحديدة بسبب المخاوف وصعوبة صد الحوثيين والجيش اليمني المتحالف معهم المجهزين تجهيزا جيدا، ويخشى أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلا.

 

في ذلك الوقت، فشل دفع البنتاغون في الحصول على موافقة البيت الأبيض بسبب معارضة من وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية وبعض الانقسامات داخل وزارة الخارجية، وهي مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل ومكتب السكان واللاجئين والهجرة.

 

وقال جيريمي كونينديك الذي كان مديرا غادر للمساعدة في حالات الكوارث الخارجية التابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إن "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قالت دائما إن هذه العملية ستأخذ بلدا على حافة المجاعة على مدى السنتين الماضيتين، إلى ما هو أسوأ من ذلك".

 

وقال مسؤول أمريكى سابق إن مجالات أخرى فى وزارة الخارجية مثل مكتب شئون الشرق الأدنى أكثر تأييدا للعملية.

 

هذه الخطوط المعركة نفسها على العملية موجودة داخل إدارة ترامب، ولكن ديناميات القوة المشتركة بين الوكالات قد تحولت بشكل كبير.

 

وفي الوقت نفسه، فإن الوكالات المدنية التي كانت قد ردت من قبل على اقتراح وزارة الدفاع تفتقر الآن إلى القيادة بسبب الشواغر التي خلفها المعينون السياسيون في عهد أوباما. ولم يعين البيت الأبيض حتى الآن مسؤولا عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية او الأمناء المساعدين لمكتب الديموقراطية والحقوق والعمل والسكان واللاجئين والهجرة.

 

وقال كونينديك، مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية السابق: "إنه أمر صعب عندما ترى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية دون تعيين شخص سياسي واحد".

 

وردا على سؤال عما اذا كان تيلرسون يؤيد وجهة نظر مرؤوسيه الذين يعارضون العملية، فان مسؤولا بوزارة الخارجية لم يتطرق الى هذه المسألة بشكل مباشر. وقال المسؤول ان "الحكومة الأمريكية تشعر بالقلق ازاء الوضع الإنساني الخطير فى اليمن وتحث جميع الأطراف على السماح بالوصول غير المقيد لشحنات المساعدات الإنسانية والغذاء للشعب اليمنى". وأضاف "ان الحل الدائم سيأتي من خلال اتفاق سلام شامل يتطلب تنازلات من جميع الأطراف من أجل مصلحة الشعب اليمني".

 

وخلال العامين الماضيين من القتال، تم توجيه اللوم إلى كل من التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين بسبب عرقلة شحنات المساعدات المخصصة للمدنيين الذين يعانون من سوء التغذية. لكن جماعات الإغاثة أكدوا أن شحنات المساعدات الأساسية لا تزال تنتقل عبر الحديدة بدون عرقلة من قوات الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، مشددين أنه من غير المرجح أن يستمر ذلك في حال القيام بعملية عسكرية تستهدف الميناء او المدينة.

 

وعندما استولى التحالف السعودي على عدن في عام 2015، لم تتمكن المساعدات الإنسانية من الوصول إلى الميناء لمدة أربعة أشهر. ويخشى خبراء الإغاثة والمحللون العسكريون من أن تؤدي عملية الحديدة إلى تأخيرات أطول من ذلك بكثير.

 

وقالت كاثرين زيمرمان، الباحثة في معهد "أميركان إنتربرايز" ومختصة بشؤون اليمن "إن القضية الحقيقية هي أنه حتى إذا كانت العملية تسير على ما يرام، فإن المساعدات لن تصل إلى شمال اليمن، لأن قوات الحوثي صالح ستواصل تسيير الطرق، مما يجعل توزيع المساعدات تحديا".

 

واضافت "لا أعتقد أن قوات الحوثي/صالح ستسمح لهم بالاستيلاء على المدينة وتركها دون قتال جيد".