تطويق الموصل: "وجها لوجه مع داعش"

أوقفت وحدة من القوات الخاصة بالجيش العراقي تقدمها المستمر منذ أسبوعين باتجاه الموصل مع اقترابها من المشارف الشرقية للمدينة منتظرة اقتراب قوات أخرى مدعومة من الولايات الأمريكية لتطويق أكبر مدينة يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.

وفي محاولة لتخفيف الضغوط على مقاتليه الذين يسيطرون على المدينة شن مقاتلو التنظيم المتشدد هجمات مضادة في مختلف أرجاء البلاد وقاتلوا القوات العراقية في بلدة الرطبة على مسافة 450 كيلومترا إلى الجنوب الغربي.

وفي اليوم التاسع من هجوم الموصل مازالت القوات الحكومية وقوات البشمركة الكردية المتحالفة معها تقاتل محاولة شق طريقها على مشارف المدينة في المراحل المبكرة من هجوم قد يصبح أكبر عملية عسكرية في العراق منذ أكثر من عشر سنوات.

وكانت أولى القوات التي اقتربت من الموصل ووصلت إلى مسافة كيلومترين من ثاني أكبر مدن العراق هي قوات جهاز مكافحة الإرهاب التي دربتها الولايات المتحدة.

وتقدمت قوات جهاز مكافحة الإرهاب من جهة الشرق وأخرجت تنظيم الدولة الإسلامية من منطقة مسيحية أخليت من سكانها منذ أن اجتاحها التنظيم المتشدد في عام 2014.

ومن المتوقع أن تكون الاشتباكات القادمة أكثر صعوبة ودموية نظرا لوجود مدنيين. ومازال بالمدينة نحو 1.5 مليون من سكانها وتقول الأمم المتحدة إن أسوأ التوقعات تشير إلى احتمال نزوح مليون منهم.

وقالت وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة إن القتال أجبر نحو تسعة آلاف على الفرار من منازلهم حتى الآن. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية تردد أنهم قتلوا عشرات حول الموصل في الأسبوع الماضي.

وقال كولفيل إن قوات الأمن عثرت على جثث 70 مدنيا في منازل في قرية تلول ناصر جنوبي الموصل يوم الخميس الماضي. وأضاف أنه تردد كذلك أن التنظيم قتل 50 من أفراد الشرطة السابقين خارج الموصل يوم الأحد.

* استعادة 90 قرية

وقد تكون حملة الموصل التي تهدف إلى سحق الشطر العراقي من دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم في الأراضي الخاضعة لسيطرته في العراق وسوريا أكبر معركة حتى الآن في 13 عاما من الاضطرابات التي بدأت بالغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003.

وقال قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب إن التقدم سيتوقف للسماح لوحدات أخرى من الجيش بتحقيق تقدم مماثل وتدعيم الجبهة قبل دخول المدينة.

ويبلغ قوام القوات العراقية التي تهاجم الموصل 30 ألف فرد تساندها قوات خاصة أمريكية تحت غطاء جوي من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. ويقدر الجيش العراقي أن عدد المتشددين الذين يتحصنون بالمدينة يتراوح بين خمسة وستة آلاف فرد.

وأفادت بيانات الجيش أنه تم حتى الآن استعادة 90 قرية وبلدة حول الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية منذ بدء الهجوم. وتتراوح المسافة من الخطوط الأمامية إلى منطقة الموصل بين كيلومترين فقط من جهة الشرق و30 كيلومترا من جهة الجنوب.

وفي قرية خزنة إحدى القرى التي استعادتها قوات جهاز مكافحة الإرهاب يوم الاثنين قال مراسل رويترز إن بعض المعارك انتقلت فيما يبدو من بيت إلى بيت وتصاعدت أعمدة الدخان من مبان وتناثرت محتوياتها. وشوهد حطام سيارة همفي وآثار انفجار سيارة ملغومة على ممر في الصحراء.

ورغم أن قوات جهاز مكافحة الإرهاب قوات حكومية إلا أن العديد من سياراتها الهمفي ترفع رايات شيعية. ومثل هذا المشهد يمكن أن يغضب السنة الذين يمثلون غالبية سكان محافظة نينوى وعاصمتها الموصل.

* معركة لاستعادة بلدة صحراوية

وتدور معركة أخرى في محافظة الأنبار الغربية حيث يقاتل متشددو تنظيم الدولة الإسلامية لليوم الثالث لصد هجوم للجيش ومقاتلين من عشائر سنية يسعون لإخراجهم من بلدة الرطبة الحدودية.

وتقع الرطبة على الطريق السريع الرئيسي الواصل من بغداد بالقرب من الحدود مع الأردن وسوريا.

ووسع المتشددون المساحة التي يسيطرون عليها في البلدة من الثلث إلى النصف ليل الاثنين مما أجبر الحكومة على إرسال تعزيزات.

وكانت محافظة الأنبار بؤرة صراع السنة ضد الحكومة التي يقودها الشيعة والقوات الأمريكية التي أطاحت بحكم صدام السني عام 2003.

وجاء هجوم الرطبة بعد هجوم على مدينة كركوك الغنية بالنفط التي يسيطر عليها الأكراد الأسبوع الماضي مما دفع السلطات المحلية للبدء في طرد العرب السنة وسط مخاوف من وجود خلايا نائمة لتنظيم الدولة الإسلامية بينهم.

قال عاملون في مجال المساعدات الإنسانية وسكان يوم الثلاثاء إن مئات من الأسر العربية السنية النازحة التي كانت تتخذ مأوى لها في محافظة كركوك التي يسيطر عليها الأكراد هربا من الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية بدأت في الخروج بعد أن طلبت منها السلطات يوم الأحد المغادرة أو مواجهة الطرد.

ولجأ نحو 330 ألفا من العرب السنة إلى محافظة كركوك الغنية بالنفط خلال العامين الماضيين بعد أن اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية شمال ووسط وغرب العراق عام 2014.

واقتحم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية مراكز شرطة ومباني في كركوك يوم الجمعة وقتلوا نحو مئة من أفراد قوات الأمن والمدنيين. وقتل 63 من المتشددين في المعارك التي استمرت حتى يوم الأحد عندما استعادت السلطات السيطرة.

ويعتقد أن المتشددين جاءوا من الحويجة وهي جيب مازال تحت سيطرتهم غربي كركوك لكن السلطات تشتبه في أنهم تلقوا مساعدة من خلايا نائمة بين النازحين أو حتى السكان العرب السنة.

وكركوك محل نزاع كبير في العراق بسبب تركيبتها السكانية المعقدة. وسيطر الأكراد على المحافظة بالكامل في عام 2014 بعد أن اجتاح التنظيم المتشدد أجزاء كبيرة من شمال البلاد وتفكك الكثير من فرق الجيش العراقي.