حوار- الشيخ الأصبحي: نتطلع إلى المجلس السياسي كـ "منقذ"، وبصدد "جبهة شعبية" في تعز

في الحوار التالي الذي أجرته وكالة "خبر" مع الزعيم القبلي وعضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، الشيخ عادل الأصبحي، يجمل فيه بعضاً مما يجري في تعز، وما تتعرض له من مؤامرة لم يكن هناك أي طريق لتنفيذها لولا تورط بعض أبنائها لقاء مصالح شخصية ومادية ضيقة.

مشيراً إلى أنها أصبحت مأوى للعناصر الإرهابية والمتشددين. لكنه يؤكد في الوقت نفسه على وجوب التضحية من قبل أبنائها أولاً قبل غيرهم لإعادة الدولة والاستقرار إليها، مؤملاً الكثير في المجلس السياسي، وكذا الجيش واللجان في إنقاذ المحافظة مما تعيشه.

  • مرحباً بك.. لنبدأ من التطورات الأخيرة وما تشهده تعز من تصاعد المعارك وملامح القوى المتواجدة على الأرض والفصائل ومصادر تمويلها؟

**من الخطأ أن يطلق مسمى "مقاومة" على مجاميع من شذاذ الآفاق وخريجي سجون يتمركزون في المدن وعواصم المديريات كالنشمة والتربة بالشمايتين، أو في مركز محافظة تعز، هؤلاء جماعات وأفراد معروف سلوكهم تسلحوا ويقومون بابتزاز الناس في الأسواق (الفرشات) والمتاجر، ويفرضون الجبايات تحت مسمى "المقاومة".

عملياً، ما يحدث هو ابتذال وابتزاز تحت مصطلح "مقاومة"، وهؤلاء هم فصيل. أما الفصيل الثاني، فهم الجماعات الإرهابية ومن يوالونهم، وهؤلاء يقاتلون، فقط، داخل المدن والتجمعات السكانية، تتخذ من المدنيين دروعاً بشرية وتمارس مهامها في اصطناع المعارك وشن هجمات على الجيش واللجان الشعبية من أوساط التجمعات السكانية، كما تقوم بالاقتتال فيما بينها وأعمال التصفيات داخل المدن.

أما الفصيل الثالث، فهم قيادات عسكرية من كانوا منخرطين ضمن قوام القوات العسكرية، مثل: عدنان الحمادي، ويوسف الشراجي... وغيرهما، وهؤلاء أقاموا معسكرات لتجنيد الشباب في عدة أماكن، وحصلوا على دعم هائل من الأسلحة والأموال الطائلة. بالطبع جميع الفئات تتلقى الدعم الخارجي.

من بين كل ما سبق، الحلقة الأضعف في تعز هم المواطنون المدنيون والبسطاء وملاك المتاجر المتوسطة الذين يتعرضون للنهب والسلب ويقومون بدفع إتاوات ومبالغ كجبايات للمسلحين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم تحديداً.

  • مؤخراً، تمكنت قوات الجيش واللجان من استعادة تأمين مناطق في الناحية الجنوبية والجنوبية الغربية للمحافظة، كيف يمكن قراءة ذلك؟

**التطورات التي حصلت مؤخراً هو الشيء الذي كان من المفترض القيام به واتخاذه بشكل مبكر، وهو الامتداد وتأمين السلسلة الجبلية الممتدة من الراهدة والشويفة والأغابرة حتى الوصول إلى الأحكوم والسيطرة على المعبر "الطريق" الشهير هيجة العبد، كونه أهم شرايين الإمداد من عدن إلى تعز. ولابد على الجيش واللجان الانتقال جنوباً باتجاه مناطق سوق الربوع وطور الباحة وقطع الطريق البديل عبر "الصحى"، إذا اكتمل هذا الطوق، فإن الجماعات الإرهابية والمسلحين يكونون قد وقعوا في مخنق.

  • بصفتكم أحد مشايخ الشمايتين، شهدت مدينة التربة تدفقاً واسعاً للمتشددين، مؤخراً، بماذا يمكن تفسير ذلك؟

**المجاميع تلك من المتشددين والمرتزقة قدموا إلى التربة شوهدوا وهم يدخلونها بالتزامن مع ما أطلق عليه إعلامياً بالحملة لنقول "مفتعلة" ضد القاعدة في أبين، لأن ما حدث هو نقل لتلك الجماعات الإرهابية من أبين ولحج إلى التربة، هو تحريك ولعب أدوار من قبل السعودية وخلفها الدول الداعمة، وهذه ليست المرة الأولى، بالطبع، فقد حصل ذلك مع انتقال أولئك العناصر إلى تعز وباب المندب في وقت سابق.

  • لكن وسط هذا الكم الهائل من المسلحين، من هم المقاتلون فعلياً على الأرض؟

**المقاتلون فعلياً هم المنخرطون في الجماعات الإرهابية المتشددة، بالإضافة إلى أن هناك القليل من المجندين المنخرطين فيما يعرف بـ"ألوية الشرعية"، كما يطلقون على أنفسهم، ولا يمكن إغفال أن هناك قطاعاً واسعاً من الشبان المنخرطين في الفصائل تعرضوا للاستغلال بسبب الحاجة وانعدام فرص العمل، بدليل أن هناك الكثير من الشباب الجيدين هم من يقتلون في المعارك، بينما أولئك العناصر التي تمثل التهديد والخطر لا يتعرضون لشيء، بل هم من يتلقون الدعم.

  • الكثير يتحدث عن تواجد أجنبي في تعز، والتقارير تشير إلى قتلى من جنسيات مختلفة.. هل هناك مظاهر من ذلك بالنسبة للشمايتين وتحديداً مدينة التربة؟

**مؤخراً، عشرات الأطقم وصلت إلى مدينة التربة انتشرت في مناطق مختلفة يعتليها العشرات من المسلحين الملثمين لا نعرف عنهم شيئاً ولا هويتهم ولا جنسياتهم، وليس من المستبعد أن يكون بينهم عناصر استقدمت من الخارج، فهذا ليس جديداً أصلاً على هؤلاء.

  • كنا نسمع عن سيطرة شبه كاملة لما تعرف بـ"المقاومة" على مدينة التربة، وتجهيز مكتب للمحافظ المعين من قبل هادي، علي المعمري.. ما الذي استجد وظهر المتشددون في المدينة وأصبح أبو العباس هو من يديرها؟

**قبل الحرب وبدء العدوان، أخرج حزب الإصلاح طلاب المدارس في الشمايتين والتربة للتظاهر والتحريض ضد النقاط الأمنية على مدخل المدينة وفي منطقة "الجاهلي" رغم أنها كانت تتبع قوات الأمن المركزي، يعني أنها مؤسسة رسمية سلطة الدولة. كانت الكارثة يوم أن بدأ التحريض والاستهداف لقوات الجيش والأمن في مناطق كثيرة رغم أنهم لم يصدر منهم أي ردة فعل، بل إن أولئك الذين خرجوا بأوامر حزبية استولوا على الأسلحة.

الآن هذا الحزب (الإصلاح) وكذا الاشتراكي والناصري، سلموها لهؤلاء الإرهابيين، وحولوا القرى الآمنة والمدن والأسواق إلى ثكنات عسكرية إرهابية خدمة للعدوان، أصبح الناس لا يأمنون في مساكنهم ومتاجرهم وأسواقهم وطرقهم، يطلقون على أنفسهم مقاومة ولا نعرف هل هي مقاومة لفرض الجبايات في الأسواق والانتشار على أسطح منازل المواطنين.

  • لكن من هو المسؤول، وما المخرج برأيكم؟

**أنا شخصياً أحمل الجماعات الإرهابين والمسلحين مسؤولية ما لحق بتعز، ليس من اليوم أو الأحداث الأخيرة، نحن نطالب بأن تتولى أجهزة الدولة المختصة تسيير أمور وتحمل مسؤولياتها وواجباتها في مراكز المديريات ممثلة بالمجلس المحلي والسلطات الأمنية.

ما حصل في تعز هو تقويض للدولة واستبدالها بالجماعات والضحية هو المواطن البسيط فعلياً.. أنوه هنا إلى نموذج لما يحصل عند غياب الدولة، هناك ما يزيد عن 17 قتيلاً سقطوا في إطلاق نار عند الأسواق بسبب انتشار هؤلاء المسلحين داخل مدينة التربة خلال عام، لم يحصل هذا خلال عشرات السنين عندما تواجدت الدولة، وبالطبع لا يمكنك البحث عن جانٍ، فالوضع كالغابة، لا يوجد جيش أو أمن أو حتى لجان شعبية ممن نعرف أنهم قاموا بحفظ الأمن وأموال الناس وأعراضهم ..

  • لنتوقف هنا قليل ونتحدث عن ما تحتاجه تعز؟

**تعز بحاجة إلى منقذ يحظى بقبول وتطلع المجتمع، ونحن نعتقد أن الجيش واللجان ومن خلفهم اللجنة العسكرية والأمنية التي شلكها المجلس السياسي الأعلى، الذي ـ بالطبع ـ حصل على ثقة البرلمان والتأييد الشعبي، أن يكونوا هم المنقذين، خاصة وأن تعز كانت هي السباقة في تعرضها لتنفيذ المخطط الذي يجري تنفيذه من قبل العدوان.

  • على ذكر المجلس السياسي، ما الذي يمكن توجيهه من رسالة أو نصيحة، وخاصة أنكم تحدثتم عن التطلع بكونه منقذاً لليمن وتعز بشكل خاص؟

**في الحقيقة، نتمنى التوفيق للمجلس السياسي، وأيضاً الاتفاق فيما بين العناصر المكونة، وعدم المماحكات والإقصاء، والعمل كمكون واحد وجسد واحد.. أتحدث عن عدم الإقصاء سواءً لمن هم في مشاركة بالمجلس أو لمن لم يدخلوا ضمن الاتفاق وفيهم الكثير من الوطنيين، ونعتقد أن هناك قوى كثيرة تريد الالتحاق أيضاً.

ما يمكن التأكيد عليه هو أنه لن يضرنا كمكونات ضد العدوان سوى التفرقة الداخلية وشق الصف. هناك الكثير من الذين ضحوا وأرهقوا نفسياً وأسرياً، وعاشوا اليوم الواحد كألف سنة، هؤلاء لا يجب أن يساومون في حقوقهم لأجل الكسب السياسي، ونقول للسلطة الجديدة لا تقتلوا هؤلاء بإعطاء مناصب لأشخاص لم يقدموا لهذا الوطن شيئاً، بل إنهم كانوا عوامل هدم.

  • هل بالإمكان تحديد نسبة ما يمثله الطرف الآخر من المسلحين وغيرهم ممن يقفون في صف العدوان داخل تعز؟

**أولاً، نقول لكافة أبناء اليمن، لا تؤاخذوا تعز بما فعله السفهاء منها، هم معروفون، وما يعطيهم الزخم هو الدعم الإعلامي والتغطية المالية والتسليح، كل ذلك يجعل منهم شيئاً وهم في الحقيقة لا شيء، لا أخفي أنهم يجيدون استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والترويج والاشتغال على ما يصدر إليهم من توجيهات وتعليمات، بالطبع، هي من الخارج..

  • منذ أسابيع المعارك احتدمت بصورة غير مسبوقة في الصلو وتلك الأنحاء فيما بعد حيفان.. ترى ما الهدف من محاولة المجاميع نقل المواجهات إلى هناك؟

**من المؤكد أن إنجازات الجيش في حيفان وقطع طريق هيجة العبد، وكذا اقترابه من إحكام تأمين الطريق البديل عبر "الصحى"، دفعت بهؤلاء المسلحين من الإرهابيين وغيرهم إلى التفكير في إيجاد طريق جديد لنقل الإمدادات القتالية وانتقال المجاميع إلى تعز، الصلو وسامع هما المنفذ البديل الممكن في حال إحكام الجيش واللجان إغلاق المنافذ، هناك أيضاً محاولة للتحرك عبر منطقة "بني عمر" جبل جرداد وموزع وغيرها، لكن الهدف النهائي هو إيجاد طريق بديل وتأمين خط إمداد من عدن ولحج إلى مدينة تعز.

  • كان ملاحظاً خلو منطقة الأصابح من أي تواجد للمجاميع ولم يحدث فيها أي مواجهات كمناطق أخرى.. إلى ماذا يرجع ذلك؟

**منذ البداية الأولى وبفضل تعاون الجميع من أبناء "الأصابح"، قمنا بإخراج كل المسلحين الذين حاولوا فعلياً وكانوا قد بدأوا بالتمترس في المدراس، وخرج الأطفال في تظاهرة حاملين أقلامهم على جنبات الطرقات معلنين عدم القبول بتواجدهم، لم تتح لهم الفرصة للانتشار والتمركز. لكن الكارثة أن مدعيي المدنية هم الذين يقومون بالتمركز في المدارس ويحولونها إلى متارس.

  • بصفتكم عضو لجنة دائمة في المؤتمر الشعبي العام، هل تعتقد أن الحزب قام بدوره كما يجب في محافظة تعز؟

**منذ العام 2011 شهدت تعز عدة فعاليات جماهيرية في ميدان الشهداء ومسيرات أخرى كنت أحضرها بناءً على شعور بالواجب الوطني أولاً، ووفقاً لدعوات من القيادة، والإنسان ليس مكتملاً والتقصير هو الشيء الطبيعي.

  • مقاطعاً: لكننا نتحدث عن حزب المؤتمر ودوره في تعز؟

**أنا شخصياً لا علم لي بما أوكل إلى قيادة المؤتمر في تعز، وما هي الإمكانات، وبماذا كلفوا أو بماذا قصروا.. لكن في التاريخ، وخاصة عند الشدائد والمحن، يقوم الناس بواجبهم أمام الله، معظم من سجلهم التاريخ لم يكونوا موظفين لدى الدولة أو حاصلين على مناصب ومقابل، بل هم قادة يبادرون من ذواتهم. من يريد الأجر مقابل العمل الوطني هذه خيانة أيضاً.

في المجمل، الوطن ليس مسؤولية تنظيم بحد ذاته، والمؤتمر حزب وطني نشأ من التربة اليمنية الخالصة، وأنا أعتقد أن كل عضو فيه يمثل تنظيماً بأكمله، نحن كمؤتمريين لم نترك مناسبة وطنية سواءً في السبعين يوم 26 مارس بمناسبة عام على العدوان، ومؤخراً تأييداً للمجلس السياسي، حضرت كل مناطق تعز بجهود شخصية وبإنفاق شخصي من كل من حضر.. على عكس ما يتم الترويج له هنا أو هناك أن الحضور كان لأسباب مالية. ما حدث هو نتاج مجهودات شخصية ودوافع ضمائر ووطنية هؤلاء الناس، وهو السبب الأبرز في ذلك الزخم. وبالطبع، دعوة الزعيم علي عبدالله صالح كان لها أثرها في ذلك الحشد..

  • لكن هل حضر المؤتمر في تعز كما يجب؟

**تعز كانت، ولا تزال، بحاجة إلى الكثير من الجهود التنظيمية والشعبية لإعادة الشعور لدى الناس بتواجد الدولة والتنظيم، الناس هناك ينظرون للمؤتمر على أنه الدولة، وأنه المتحكم بالأمور، وإن لم يكن كذلك فعلياً، وأنا أرى أنه يجب تقديم الكثير لهذه المحافظة..
لكن ما يمكن التأكيد عليه، أن الوجاهات والقيادات لعبت دوراً وذلك بالتقصير، بمعنى أنهم لم يقوموا بواجبهم عند بدء الخطر، بل فضلوا خيار "أن يظلوا متفرجين إلى أن توسع وتقوى عملاؤه، ووصل إليهم شخصياً"، هم لم يأبهوا عند خرق السفينة، ولذلك غرقوا جميعاً. ربما كان الاعتقاد لدى الكثير منهم أن الدولة ستُقيض ولن يمسهم الضرر.

  • في المقابل ماذا يمكن لوجهاء ومشايخ تعز تقديمه لمحافظتهم التي هي جزء من اليمن بالطبع؟

**أنا أوجه الدعوة للمشايخ والوجهاء لعقد اجتماع موسع والاتفاق على تشكيل جبهة شعبية وتجهيز مقاتلين من أبناء (يمكن أن نطلق عليه غرم كما في العرف القبلي) أسوة بنظيراتها سواءً من القبائل أو المناطق، لابد من التضحية والدفاع عن كافة اليمن والاستبسال تجاه ما يتعرض له من عدوان ومؤامرة لم تعد تخفى على أحد.

لماذا لا نقتدي بإخواننا في كثير من المناطق، ونشكل جبهة تعز الشعبية للدفاع عن الدولة تقوم بمهامها القتالية في كافة الجبهات التي توكل إليها كمشاركة منا في هذه المعركة الوطنية الكبرى، ودفاعاً عن اليمن، لأننا لو تركنا تعز سيصل الوضع إلى صنعاء، حينها إلى أين سنذهب، هذه معركة مصيرية ولابد من أن تتصدر تعز جبهة الدفاع ضد هذا الغزو.

ونتمنى أن يقوم الجيش واللجان بمهامهم في تعز. نطالب المشايخ والأعيان برفد جبهات نهم والجوف ومأرب، بالنفس والمال. اليمن وطن الجميع، وإذا سقطت نهم ستسقط تعز..

  • قبل أن نختم نعود قليلاً إلى الوراء، عرف عنكم أنكم أقمتم أمسية رمضانية ربما هي الوحيدة في تعز وخاصة في منطقتكم التي تقع تحت سيطرة المجاميع الموالية للعدوان؟

**في الحقيقة، ما حدث يمثل فخراً وشرفاً وصموداً لنا كمؤتمريين وشرفاً لي شخصياً، ففي الوقت الذي تخاذل الجميع أقمنا الأمسية، وكانت في منزلي بحضور قيادات المؤتمر وحتى أعضاء من أحزاب أخرى، في ظل سيطرة المسلحين على المنطقة ممثلة بالشمايتين، وبرغم ما تعرضنا له من تهديدات، أعلنا رفضنا للعدوان وعملائه، ودعونا للتصالح والتسامح، ورفعنا شعاراتنا الوطنية والحزبية، وكان الانطباع جيداً عن تلك الأمسية خاصة ممن حضرها من غير المنضوين في المؤتمر وهم معروف عنهم انخراطهم في أحزاب أخرى.. لكن هذا هو المؤتمر الذي نعرف، يقبل بالآخر، ويختلف ويتفق في إطار المصلحة الوطنية العليا.