الحديدة.. روحانية وعادات استقبال الحجيج

تكتنز البلدان العربية والإسلامية، عادات وتقاليد خاصة باستقبال الحجيج بعد عودتهم من أداء فريضة مناسك الحج وزيارة أطهر بقاع الأرض وأحب الأماكن إلى الله ورسوله، وزيارة قبر أشرف الخلق الرسول، صلوات الله عليه وآله وسلم.

في اليمن، وبحكم تنوُّع العادات في كل منطقة، يكون لمناطق تهامة الغربية تميُّزها وحضورها ولها مكانة خاصة في قلوب أولئك الذين وصفهم رسول الله (صلى اله، عليه وسلم) بقوله "أرق قلوباً وألين أفئدة"، في استقبال من وفَّقهم وتمكَّنوا من أداء أعظم الشعائر وأقربها إلى قلوب المسلين.

وليمة "الوصلة".. و"الفولة"..

بمجرد وصول الحاج في مناطق تهامة، وخاصة مدينة الحديدة، يقوم أهاليهم بالذبح وإعداد وليمة يحضرها جميع من يعرفونهم ويطلق عليه "غداء الوصلة" أي بعد وصول الحاج من سفره.

وكما هي العادة في معظم مناطق اليمن يجتمع الناس لتهنئة الحاج بسلامة العودة، حاملين معهم الهدايا والنقود، والبعض يحمل الملابس المختلفة كعادة متعارف عليها لدى الأهالي، بينما يقوم آخرون بوضع الحلوى على أوانٍ معدنية، مخلوطة بنقود معدنية فئة (5-10-20) ومن ثم رميها على الحاج بعد أن يجلس على كرسي ويتسابق الأطفال لالتقاط تلك الأشياء في مشهد يبعث على الأريحية والضحك والتنفيس ويطلق الأهالي على ذلك "الفولة".

ريحة الكعبة..

تنتشر في الحديدة عادة إقامة جلسات الذِّكر أو ما يُسمى "المولد"، وهي جلسات يكثر فيها التهليل والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتم فيها رش العطور والطيب وماء الورد على الحاضرين، وكل شيء يقدم أهالي الحاج وجيرانه له تعبيراً عن فرحتهم بعودته سالماً بعد تأديته مناسك الحج.

يقابل الحاج عطاء الأهالي وجيرانه وكل من جاء لتهنئته، باعطائهم من ريحة الكعبة ، ويقوم بتوزيع ما جلبه معه من مكة (مسابح – بعض المكسرات وأهمها الحمّص "البندق" – وماء زمزم) بالإضافة الى جلب أشياء أخرى كالخواتم الملونة وكذا ما يعرف بالنواظير التي تحتوي على أهم صور مناطق مكة والمدينة وقبر النبي (صلى الهة عليه وسلم) وغيرها من الأماكن التي تستهوي قلوب المسلمين لزيارتها.

هذه الأشياء والمظاهر التي يتجلى فيها معنى الإخاء والحب والطيبة عاش عليها أهالي الحديدة منذ عشرات السنين ومازالت تنبض بروحها الطيبة حتى الوقت الحاضر كما لا تزال تتجدد عاماً بعد عام حاملةً في طياتها فرحة الحاج والشوق لمن يسألون الله أن يبلغهم الحج..
اللهم بلغنا الحج وجميع المسلمين.