فيديو فجر جدلا في مصر: توزيع واقيات ذكرية على الشرطة في ذكرى 25 يناير!

تتواصل ردود الفعل القوية حول فيديو صور في ذكرى ثورة 25 يناير ظهر فيه الممثل الشاب أحمد مالك مع شادي حسين أبو زيد مراسل البرنامج الساخر "أبلة فاهيتا"، الذي يذاع على قناة "سي بي سي"، وهما يقدما واقيات ذكرية منفوخة كبالونات إلى رجال الشرطة المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة، موهمين إياهم بأنها بالونات عادية.

اختار شابان مصريان طريقة مثيرة في الاحتفاء بذكرى 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، جمعت بين السخرية وتمرير رسالة سياسية وحقوقية للرأي العام عن وضع عام غابت فيه كل أشكال التعبير التي سادت ميدان التحرير ومناطق أخرى من البلاد أثناء الثورة وعند الاحتفالات بنجاحها.

وقام الفنان أحمد مالك بمعية شادي حسين مراسل البرنامج الساخر "أبلة فاهيتا"، الذي تبثه قناة "سي بي سي" المصرية بنفخ واقيات ذكرية، كتب عليها "من شعب مصر إلى الشرطة في 25 يناير"، ووزعاها على قوات الأمن في ميدان التحرير، التي كانت تغص برجال الأمن، في ذكرى الثورة حيث تم يومها منع التظاهر.

وأدى نشر الفيديو على فيس بوك الاثنين إلى انتشاره بشكل واسع جدا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتجاوز عدد مشاهديه المليون ونصف حتى الأمس، وفق ما نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، وأفرز الكثير من ردود الفعل التي لاتزال متواصلة بين معارضة للعمل ومطالبة بمعاقبة الشابين، ومؤيدة له منتقدة ضيق صدر السلطات المصرية من تقبل السخرية والدعابة.

وتحول أحمد مالك إلى هدف لسيل من الانتقادات بل والتهجمات عبر بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، واتهمه زميله الفنان المعروف أحمد بدير على فضائية "دريم2" بكره مصر، وأصر في الوقت نفسه على إلغاء كل المشاهد التي صورها معه في فيلمه "هيبتا"، معتبرا أنه يرفض العمل إلى جانب ممثل "يسخر من الشرطة المصرية".

مصر - الذكرى الخامسة للثورة: لا أحد يريد أن يسمع عن 25 يناير

وبادر البعض إلى مساندة الشابين في تقييم يحمل أبعادا سياسية وحقوقية للعمل الذي أنجزاه، وهاجم أحدهم منتقدي أحمد مالك مغردا على تويتر "إن الداخلية عملت أوسخ في خمس سنوات..."، شاكرا مالك على عمله.

اعتذار مالك

وأمام الانتقادات الواسعة التي استهدفته، قدم الفنان أحمد مالك اعتذارا عن الفيديو. وكتب مالك على حسابه على فيس بوك، معتذرا "بشدة لكل شخص أساء إليه الفيديو و خاصة الشرطة". وأضاف "الفيديو فعلا فيه تجاوزات" إلا أنه لم يتوقع أن يخرج عن دائرة الأصدقاء".

وتابع قائلا: "هذه لحظة تهور و لحظة ليست محسوبة و فعلا ندمان عليها وحاولت مسحها، ولكن فوجئت أنها انتشرت قبل أن أقدر على إنقاذ الموقف". وفسر ما قام به أنه "قد يكون نابعا من إحباط عدم القدرة على التعبير عن رأي جيله".

وأعرب مالك عن "تضايقه" من أنه "سيتم استخدام هذه اللحظة لتشويه الثوار"، موجها "اللوم لنفسه لوحدها" نظرا "للإحباط الذي أعماها"، داعيا الجميع لعدم "اختزاله في هذه الواقعة ويتعامل معها على أنها لحظة عابرة لن تتكرر"، مجددا في الأخير اعتذاره.

وكان شادي حسين أبو زيد فسر على حسابه على فيس بوك نشر الفيديو بـ"استيائه من منع المظاهرات وعدم السماح للأصوات المعارضة بالتعبير عن نفسها في مصر" ، معتبرا أنه "لم يتبق إلا أسلوب السخرية للتعبير عن الحال"، وفق ما نقلته صحيفة "الوطن" المصرية.

"الشباب أخرج من المعادلة السياسية"

قال الكاتب والصحافي المصري صلاح لبيب عبد الرحمن، في تصريح لفرانس24، إن الشابين أحمد مالك وشادي حسين أبو زيد قدمت ضدهما بلاغات وأحيلت جميعها للنائب العام، وأكد عبد الرحمن "تضايق السلطة السياسية في مصر من السخرية السياسية بشكل عام"، إلا أن "هناك تعاطفا مع السلطة من قطاعات شعبية" بخصوص هذه القضية.

واعتبر عبد الرحمن أن الشابين يحسب لهما أنهما حاولا إثارة وضع سياسي صعب تمر به مصر في الوقت الحالي، "لكن ربما خانهما التعبير"، لافتا إلى أن "الشباب أخرج فعليا من المعادلة السياسية وتراجع دوره بشكل كبير بفعل عودة الدولة القديمة وسياساتها".

وأرجع عبد الرحمن التجاوب السلبي لفئات من المجتمع المصري مع مبادرة الشابين إلى "التمسك الشديد للمجتمع المصري بالأخلاق والقيم وإن على المستوي الشكلي، مجتمع يعتبر أن خدش الحياء ولو من باب الاعتراض أمرا غير محبوب", مشيرا إلى أنه "ليس هناك من خلاف كبير فى مصر علي تضييق المجال العام والمشاركة السياسية، ولكن ربما المس بأمر أخلاقي هو وجه الاعتراض فقط".

وحول ردود الفعل بشأن الفيديو في أوساط المثقفين، أضاف عبد الرحمن "القطاع الأكبر من الإعلاميين صبوا جام غضبهم على الشابين بصورة كبيرة، ووجه بعضهم للشابين سبابا واضحا علي شاشات التلفزة، وكذلك قام العديد من الفنانين بمهاجمتهما في حين مجموعة قليلة تضامنت معهما بينهم الفنانة جيهان فاضل والفنان أحمد حلمي".

وأحمد مالك من المشاركين في الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، تعرض للاعتقال مرتين وأصيب بطلق ناري في إحدى المظاهرات، وكان شأن شادي مماثلا فقد أصيب في مظاهرات معارضة للرئيس المخلوع محمد مرسي.