صنعاء تحيي اليوم العالمي للغة الضاد

احتفت وزارة الثقافة مع مؤسسة سبأ الثقافية باليوم العالمي للغة العربية الـ18 من ديسمبر والذي خصص هذا العام "لغة الضاد والعلوم بين الأمس والغد" وذلك بتنظيم ندوة ثقافية وصباحية شعرية شارك فيها عدد من المثقفين والمفكرين والشعراء.

وفي افتتاح الفعالية أكدت الأديبة هدى أبلان، نائب وزير الثقافة، أن الاحتفال باللغة العربية هو احتفال بإبداعات العرب الثقافية والأدبية والعلمية على مدى قرون عديدة من الحضارة العربية والإسلامية، وأشارت إلى أهمية هذه اللغة التي احتضنت كل الأطياف والتطلعات وكل الإبداعات الإنسانية والأدبية والعلمية وكانت بحق وعاءً لكثير من إبداعاتنا على مدى القرون المتعاقبة، مشيرة إلى ما يمر به وطننا الغالي إلا أن تاريخنا سيظل شاهداً وضاءً لما تم انجازه من إبداعات في جميع المجالات.

وفي كلمة لرئيس مؤسسة سبأ الثقافية الأديب محمد العقود رحب بالحاضرين وأشاد بأهمية الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية وتخصيص يوم عالمي من قبل اليونسكو كاعتراف عالمي بهذه اللغة العظيمة ودعا إلى ضرورة الدفاع عنها كالدفاع عن الوطن والحضارة. وتمنى القعود أن يأتي العام القادم ونحتفل بهذه المناسبة وقد تحقق لبلادنا السلام والأمن والاستقرار والإخاء والانتصارات الحضارية في مختلف المجالات.

رابط توحيدي

من جهته أكد الأديب أحمد ناجي أحمد في كلمته عن أدباء اليمن أهمية الاحتفال باللغة العربية التي تمثل رابطاً معنوياً وتوحيدياً لمليار ونصف المليار شخص في العالم، مشيراً إلى أن هذه الأمة وهي تعيش أوضاعها المأساوية بحاجة إلى الحب وإلى السلام، وإذا غلبنا لغة المحبة على لغة البارود فإن السلام سيحل على الأمة.

وأضاف: لقد استطاعت هذه اللغة وعلى مدى ألف وخمسمائة عام أن تجمع الأمة في سياق واحد ينافس الأمم الأخرى، وهي توحي لقيم عظيمة تجمع ولا تفرق، وأن الاهتمام بالمجال الثقافي هو الرد المنطقي لمنسوب التخلف الذي تعيشه هذه الأمة بعد أن كانت في أوج حضارتها حين اهتمت بلغتها وهويتها.

مؤسسة سبأ الثقافية و وزارة الثقافة يحتفيان باليوم العالمي للغة العربية:مبدعـو اليمــن يحتفلـون باليـوم العالمـي للغة ا...

‎Posted by ‎محمد القعود‎ on‎ 17 ديسمبر، 2015

رسالة اليونسكو

كما قرأ الشاعر جميل مفرح رسالة المديرة العامة لليونسكو السيدة إيرينا بوكوفا بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية ١٨ ديسمبر ٢٠١٥م والتي تقول فيها:
نحتفل باليوم العالمي للغة العربية لعام ٢٠١٥م تحت راية العلم والتواصل العلمي، يتيح الاحتفال بهذا اليوم إبراز الدور التاريخي للغة العربية في البحث العلمي وفي نشر المعرفة، وإبراز أهمية التعدد اللغوي للأوساط المعنية بالبحث العلمي في الوقت الحاضر.

ويعد العلم ركناً من أركان الثقافة العربية منذ البداية، ويبدو الشغف بالعلم جلياً في النصوص العربية القديمة إذ يتجلى فيها حب المعرفة والاطلاع والاكتشاف عن طريق حب الاهتمام بالكيمياء القديمة القديمة، وعلم التنجيم والكيمياء السحرية في البداية ثم عن طريق الاهتمام بالعلو م الحديثة.

وقد سادت اللغة العربية كلغة علمية دولية منذ العصور الوسطى، وتبوأت في هذا أجمل المكانة لم تسبقها إليها أية لغة أخرى. وما فتئت اللغة العربية تساهم في حفظ المعارف ونقلها منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا. وخلد ذكر عدد من العلماء الذين كانوا يكتبون باللغة العربية، ومنهم ابن سينا وابن رشد، وترجمت مؤلفاتهم الخالدة وأنتشرت في جميع أرجاء العالم.

ويعد العالم الكبير ابن الهيثم بالتأكيد من أبرز أعلام التأليف العلمي باللغة العربية. فقد قام هذا العلامة الذي ولد في البصرة بالعراق في القرن العاشر الميلادي، بوضع أسس علم البصريات، فكان حقاً علينا تكريمه في عام ٢٠١٥م، إذ أُعلن هذا العام السنة الدولية للضوء وتكنولوجيات الضوء.
ويعد الأستاذ أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل للكيمياء والرئيس السابق لهيئة تحكيم جائزة لوريـال- اليونسكو للنساء في مجال العلوم، وكذلك سفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة الأستاذة حياة سندي، من أعلام الامتياز العلمي الناطقين باللغة العربية في الوقت الحاضر.

ويزداد العلم قوة وبهاءً عندما تشرع أبوابه وعندما يستقي وينهل من معين تنوع المواهب وتعدد وجهات النظر التي تؤدي إلى تقدم البحث العلمي. ولا تقتصر أهمية التعدد اللغوي على كونه إحدى القيم الجوهرية التي تحرص اليونسكو حرصاً شديداً عليها، بل تشمل أيضاً كونه عاملاً ضامناً للفعالية وأنجع وسيلة لنشر المعرفة وتشاطر منافع البحث العلمي لصالح الناس كافة ولإبراز المواهب وزيادة عدد الباحثين الذين تتيح بحوثهم الارتقاء بمعارفنا.

وتتعهد اليونسكو، بناء على ذلك، بمواصلة سعيها إلى إتاحة فرص تعليم العلوم للجميع، ومنها فرص تعليم العلوم باللغة العربية، ولا سيما الشباب وإنني لأدعو جميع شركاء اليونسكو إلى تعزيز الجهود والمساعي الرامية إلى إعداد الكتب المدرسية والمواد التربوية وبرامج محو الأمية اللازمة لضمان نشأة ونبوغ جيل جديد من العلماء والعالمات الناطقين باللغة العربية من أجل الصالح العام للبشرية.
الأقدر على التفاعل..

من جهته أوضح الأديب عبدالرحمن مراد أن اللغة العربية من خلال خصائصها التركيبية والبنيوية الأقدر على التفاعل الوجودي والحضاري، وأن الاشتقاق اللغوي فيها هو مظهر من مظاهر الثراء اللفظي في اللغة العربية وأحد عوامل خلودها وبقائها.

وقال: وكما حافظ العرب على أنسابهم وعرفوا بها حافظت مفردات لغتهم كذلك على نسبهم ودلت عليه، فالنقاء اللغوي والصفاء اللفظي دليل على انتماء حضاري وثقافي وروحي، والأصل اللغوي هو الذي يحافظ على ثبات الألفاظ والمعاني مهما نأت عن النواة المركزية، ومما يعزز من متانة اللغة وقابليتها للتوليد حجم الجهد المعرفي الذي بذل في استنطاق مكنوناتها واستكشاف آفاقها الدلالية وعوالمها اللفظية.

وشدد مراد ونحن نحتفل باللغة العربية على الوقوف أمام واقعنا الحضاري المتموج والمتعدد والذي يتسم بعدم الاستقرار بقدر من المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية المعرفية حتى نتمكن من تجديد الأهداف المعرفية ونتمكن من مواكبة هذا الأفق المتسع اللامتناهي لتكون لغتنا حاضرة ومتفاعلة في كل مظاهره وسماته، مؤكداً أن الاشتغال المكثف على اللغة في واقعنا الحضاري الجديد هو الطريق الأمثل إلى الاسهام الفاعل في حضارة العصر الذي نعيشه.

معيار تمييز

وفي مداخلة للشاعر والناقد عبدالرقيب الوصابي يشير إلى أن اللغة هي معيار تمييز لبني البشر، حيث خلق الله آدم واقتضت مشيئته أن يميزه عن غيره من المخلوقات باللغة، وأضاف: وبعد خروج آدم من الجنة وعيشه على الأرض أصبحت العلاقة ترابطية وتواصلية بين عوالم السماء والأرض عن طريق اللغة التي هي آخر ما تبقى للإنسان من الجنة وهي كذلك آخر ما سيبقى معنا في رحلة الرجعى إلى الفردوس.

مخاوف

أما الأديب علي ربيع الخميس فأشار إلى المخاوف التي تمس الكثير من جوانب اللغة العربية والهوية العربية ومنها حالات التغريب المنتشرة في كثير من الجوانب، ومنها ما نجده في وسائل الإعلام المختلفة، وعلى لافتات المحلات واستبدال الكثير من المصطلحات العربية بأخرى أجنبية في الدعاية والإعلان، متسائلاً لماذا يتم اختيار كلمات أجنبية ولدينا لغتنا التي نعتبرها هويتنا وهي تمتلك الكثير من الألفاظ والمفردات الغنية.

وطالب الجانب الرسمي والمؤسسات الثقافية والإبداعية بتبني قوانين تواجه هذا التغريب الذي أصبح منتشراً بشكل مخيف والتي من الممكن أن توثر على الأجيال القادمة وعلاقتها بلغتها وهويتها.
واحتفاء بهذه المناسبة ألقى عدد من الشعراء وهم زياد القحم ومحمد العديني ومجيب الرحمن هراش وزين العابدين الضبيبي ورمزي الواحدي وبشير المصقري وخالد الضبيبي قصائد شعرية كما تخلل الحفل مقطوعات غنائية رائعة للفنان الموسيقار عصام الأخفش.