"التحالف" يدعو المنظمات الإنسانية للمساعدة في تحديد أهداف الغارات داخل المدن اليمنية !

آلاف الغارات استهدفت الأبرياء، بمن فيهم الأطفال والنساء، وتدمير البنية التحتية من مدارس ومساجد ومستشفيات، وجامعات وأحياء، وأسواق، وحصار بحري وبري وجوي غير مسبوق في تاريخ اليمن لم تشفع لدى قيادة العدوان السعودي للنظر بما تخلفه من جرائم إبادة يندى لها الجبين.

في العادة، تدعو الدول المنظمات الإنسانية إلى التنسيق المسبق معها من أجل تنفيذ مشاريع خيرية، وتقديم مساعدات تهدف إلى الحفاظ على حياة الناس في بلد ما، لكن هذه المرة جاءت الدعوة السعودية مغايرة وتهدف للمساعدة في تحديد أهداف لغارات طيرانها الحربي داخل المدن اليمنية.

في خطوة أثارت سخرية المتابعين لمجريات العدوان الذي تقوده السعودية على اليمن منذ تسعة أشهر، أعلنت قيادة ما يطلق عليه "التحالف العربي" عن دعوتها لـ"الهيئات والمنظمات الإنسانية" إلى التنسيق المسبق معها قبيل اختيار أماكن التواجد داخل اليمنية والبعد عن أماكن تواجد "الحوثيين" تجنباً لأي أضرار جانبية – حسب زعمها.

الدعوة تلك أعقبت استهداف الطيران السعودي لعيادة طبية متنقلة في تعز، تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، وتسبب بإصابة 9 أشخاص بينهم 2 وصفت حالتهما بالحرجة.

وتلك ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف أنشطة تابعة للمنظمة.

وفي بيان نشرته وكالة "واس" السعودية الرسمية، -قالت إنه صادر عن قيادة التحالف – أكدت "أن ظروف العمليات النشطة والجارية في تعز حالياً، تتطلب أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر عند أي تحركات داخل المدينة، لا سيما في ظل الاستهداف الممنهج والمتعمد للتجمعات السكانية من قبل الحوثيين"- وفق قولها.

وتكررت حالات الاستهداف من قبل الطيران السعودي لأهداف مدنية، ليأتي الرد – في العادة – بكون ذلك عن طريق الخطأ.

وصعّدت طائرات العدوان السعودي من غاراتها على تعز، خلال الأيام الماضية، والتي جاءت رداً على تحقيق الجيش واللجان الشعبية المسنودين بمقاتلي الجبهة الوطنية، انجازات ميدانية، ودحر المسلحين الموالين لها والمسنودين بقوات أجنبية من عديد مناطق في الوازعية والتصدي لمحاولات التقدم في كرش وناحية باب المندب.

وقالت المنظمة في بيان لها، إن ثلاث غارات شُنّت عند الساعة 11,20 صباحاً من يوم الأربعاء 2 ديسمبر/ كانون الأول، حديقة عامة في منطقة الحوبان بمدينة تعز، والتي تبعد مسافة 2 كيلومتر عن عيادة منظمة أطباء بلا حدود، مما أجبر طواقم المنظمة على إخلاء العيادة، وإعلام التحالف السعودي أن الطائرات الحربية التابعة له تشنّ هجوماً بالقرب من عيادة أطباء بلا حدود. العيادة نفسها ما لبثت أن تعرضت للغارات. وإثر هذا القصف نُقل الجرحى ومن بينهم شخصان حالتهما حرجة إلى مستشفيي القاعدة، والرسالة المدعومين من قبل منظمة أطباء بلا حدود لمعالجة جرحى الحرب.

من جانبها أفادت قائدة الفريق الطبي في تعز نورا الشيبي: "كنا في مركز الطفل والامومة التابع لمنظمة أطباء بلا حدود والذي يبعد مسافة كيلومتر واحد عن عيادة الحوبان حين سمعنا أصوات الانفجارات التي أحدثت حاله من الهلع. لذا كان علينا أن نخلي الطواقم الطبية بأسرع وقت ممكن."

وفي الوقت الحالي تدعم الطواقم الطبية في أطباء بلا حدود الفريق الطبي اليمني لتقديم العلاج الطارئ إلى المصابين في هذه الغارات الجوية.

وفي عيادة أطباء بلا حدود المؤلفة من خيم توفر الطواقم الطبية الرعاية الصحية الطارئة إلى الأشخاص الذين أجبرهم النزاع على النزوح. وتجدر الإشارة إلى أن التحالف السعودي كان على علم تام بمكان وزمان النشاطات التي تقوم بها منظمة أطباء بلا حدود في منطقة الحوبان.

من جهته، أفاد رئيس بعثة أطباء بلا حدود في اليمن جيروم ألين: "بأن المنظمة تشارك احداثيات مواقع العيادات التابعة لها والتي تدعمها بشكل دائم مع التحالف السعودي والتي كان آخرها يوم الأحد 29 تشرين الثاني/ نوفمبر حين أعلمنا التحالف بهذه الزيارة الخاصة إلى منطقة الحوبان. فمن المستحيل ألاّ يكون التحالف على علم بوجود نشاطات للمنظمة في هذه المنطقة".

توفر منظمة أطباء بلا حدود الأدوية الطارئة والإمدادات الجراحية منذ أوائل شهر مايو/أيار 2015 للمستشفيات في محافظة تعز، وخلال الشهرين الأخيرين، ويقدم فريق طبي تابع للمنظمة الرعاية الطبية الطارئة في منطقة الحوبان، حيث عالج في اليومين الأخيرين 480 مريضاً في هذه المنطقة.

واستنكر ألين هذا الهجوم مضيفاً: "إن قصف المدنيين والمستشفيات هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني ويجب احترام المدنيين الباحثين عن الرعاية الطبية واحترام المنشآت الطبية". واضاف ألين، "أن مستشفى آخر تدعمه المنظمة في منطقة حيدان في محافظة صعدة تعرض لضربات جوية من قبل طائرات التحالف الشهر الماضي وقد دمر تماماً".

تعمل طواقم منظمة أطباء بلا حدود في ثماني محافظات في اليمن (صنعاء، صعدة، عدن، تعز، عمرات، الضالع، إب والحجة) ومنذ بداية الأزمة الأخيرة في شهر آذار/مارس 2015 عالجت المنظمة أكثر من 16,000 جريح حرب. ومع تدهور النظام الصحي في اليمن تؤمّن منظمة أطباء بلا حدود الخدمات الصحية غير الطارئة، كما وتوفر خدمات صحية مجانية وغير متحيزة لجميع المحتاجين إلى الرعاية الصحية في أكثر من 70 دولة حول العالم.