فبراير .. اذا ابتليتم فاستتروا ..!!

 التغيير سنة الحياة .. ومن لا يرغب في التغيير ؟!! كلنا نسعى اليه، افراد واسر وجماعات ومجتمعات كلنا يبحث عن الافضل، كل في اطاره وبحجم طموحه .. وذلك حق مشروع..

     عندما خرجتم الساحات وطالبتم باسقاط النظام قلتم انها ثورة تغيير سلمية، وانها تستهدف تحقيق العدالة والمساواة وصدقناكم ..لكن السؤال المهم هو، هل الاهداف التي اشعلتم بها  الساحات في فبراير 2011  هي نفسها التي افضت الى مشروع التغيير  الذي يعيشه شعبنا منذ  اربعة عشر عاما ؟!

    اذا كان كذلك، فما الذي غيرتموه .. وكيف غيرتم؟! 
• قلتم ان "ثورتكم" سلمية تستهدف بناء دولة مدنية، واذا بها تنقضُ على الدولة وتخرب مؤسساتها، وتلغي الانظمة والقوانين، وتتجاوز الدستور .

• قلتم انكم خرجتم لبناء جيش وطني بدلا عن الجيش العائلي، وظهرتم من اليوم الاول بمليشيات مسلحة، وعصابات وقطاع طرق، ثم مزقتم الجيش والامن بمسمى "الهيكلة".

• قلتم انكم طلاب عدالة ومساواة، فاشهرتم من اليوم التالي سيوف القبلية، والمناطقية، والعنصرية، والتمييز بين الاسر والجماعات والافراد .. وبهذا السيف الصدئ انتم اليوم تحكمون الوطن مجزءا منذ 14 عاما.

• قلتم انكم ستبنون شراكة وطنية، فتقاسمتم السلطة والثروة مع عيالكم واهليكم وذويكم، وتلفعتم بكل الوساخات، وطبقتم سياسة "الاقربون اولى"، وضربتم بالدستور والقوانيين، وقيم الدين والاخلاق عرض الحائط .

• كذبتم وقلتم انكم "ستقضون على الفساد والتوريث".. واظهرتم الوجه الاقبح، وبدوتم الاكثر فسادا، والامهر في التوريث والسيطرة والاستحواذ من اول يوم لكم في السلطة.

الفساد الخجول:
   كانت لدينا دولة.. نعم بها فساد، لكنه الفساد الخجول.. كان المسئول الفاسد يُفسد وهو خائف من ملام ونشر وتشهير، وتقريع، وربما يخشى عَزل ان لم نقل قضاء ومحاكمات.

   الفسدة في ظل الدولة التي اسقطتها الفوضى في 2011 بنى بعضهم ثروته على مراحل وربما عقود، ولكن على شيء من الخوف والحذر، بينما "ثوار فبراير 11" اصبحوا مليونيرات خلال بضع سنوات إن لم نقل بضعة اشهر،  رغم الحرب والجوع والتشريد الذي اذاقوا الشعب مرارته.

    راجعوا كشوفات حكام اليوم .. نزلاء "خيام فبراير" .. ببساطة ستكتشفون كيف قفز هؤلاء من خيام الساحات الى قصور فارهة، ومشاريع تجارية عملاقة شيدوها باموال الجائعين ومرتبات الموظفين، ليس فقط حيث يتواجدون ولا يتواجدون في اماكن سيطرتهم، وانما في الخارج ايضا.. حيث يديرون استثماراتهم من اثيوبيا، ودول الخلج، ومصر الى تركيا، والعراق، ولبنان، واوروبا والامريكيتين.

    الغريب، المضحك والمبكي في آن، انه بعد 14 سنة من ثورتهم، التي انتجت قتل اليمنيين وخراب الدولة، والتفريط بالسيادة، لا يزالوا يقولون وبلا حياء ان ثورتهم مستمرة .. وهو كلام ارى فيه ضربا من وقاحة وصفاقة لا مثيل لها.. اتعرفون لماذا ؟!

• لان رموز هذه الثورة ومختطفوها من سدنة المعبد السابق يمتهنون الفساد حتى اذانهم، ويمارسون الفوضى حد الخراب الذي ليس بعده ترميم ولا اصلاح..!!
• ولأنهم يبيعون ويشترون بقيم الدولة والمجتمع، ولانهم يعبثون باموال الشعب دون حسيب ولا رقيب.

اي ثورة هذه؟!
  الثورة عادة هي التي تاتي بمشروع وطني يقيم دولة، ويبني مؤسسة، ويحفظ كرامة الوطن والمواطن، ويحقق العدالة والمساواة، ويقود البلاد الى التطور والنماء وليس الى الدمار والفناء.

    في ضوء هذا المفهوم المبسط للثورة نعود ونتساءل:
• اي ثورة هذه التي يرقص ثوارها على اشلاء اطفال مكسورين بلا غذاء ولا دواء ولا مدارس ولا تعليم، ولا مستشفى ولا طريق؟!
• اي ثورة هذه التي يعيش قادتها على اقوات الناس، ويأكلون مرتبات الموظفين، ويصادرون حقوقهم وممتلكاتهم .. ؟!
• اي ثورة هذه التي لا تحفظ للناس كراماتهم ولا تصون للمواطن عرضه وحقه؟!

خلاصة القول:
  ثورة يستحوذ حكامها على لقمة عيش المواطن ويتاجرون بقوت يومه، ويحرمونه من ابسط حقوقه الانسانية ليست ثورة.. ثورة لا يحترم رموزها انفسهم، ويتسكعون بابتذال بين العواصم غير مرحب بهم فيها ليست ثورة..
 
     من هنا نقول لهؤلاء، كفى عبثا بعواطف الناس، اخجلوا ان تسموا فبراير ثورة وهي ليست اكثر من كذبة كبرى كان ثمنها سقوط الدولة، وتقسيم الوطن، والتفريط بالسيادة والعبث بالمواطن..

    اخجلوا ان تطلقوا على انفسكم ثوارا، فذلك والله لعيب كبير، المنفلت الصغير منكم يتقاضي في الشهر مابين عشرين الى ثلاثين الف دولارا في كشوفات رسمية، بينما 90% من ابناء الشعب الذي تمسكون بخناقه يعيشون تحت خط الفقر، اخجلوا ان تتحدثوا عن الكرامة وانتم تبيعون وتشترون بالكرامة.

  يا اصدقاء فبراير النكبة، قد ابتليتم فاستتروا .. جزاكم الله خيرا.