مؤتمر باريس ينجح في جمع أكثر من مليار دولار لمساعدة لبنان وجيشه
من اليسار إلى اليمين: وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب يلتقطون صورة جماعية خلال مؤتمر صحفي دولي لدعم لبنان في باريس بفرنسا في 24 أكتوبر 2024 © رويترز
نجح مؤتمر باريس لمساعدة لبنان الخميس في جمع أكثر 800 مليون دولار لتخفيف الأزمة الانسانية ومساعدة النازحين، إضافة إلى نحو 200 مليون دولار دعم الجيش اللبناني، وفق ما أعلنت الخارجية الفرنسية. وحذر الرئيس إيمانويل ماكرون خلال افتتاح المؤتمر من خطر انزلاق "بلاد الأرز" نحو حرب أهلية جديدة فيما يتواصل القصف الإسرائيلي حيث قتل ما لا يقل عن 1552 شخصا خلال شهر واحد. وفي نفس السياق دعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي المجتمع الدولي للتحرك من أجل وقف لإطلاق النار في بلاده.
احتضنت العاصمة الفرنسية باريس الخميس مؤتمرا دوليا لمساعدة لبنان الغارق في أزمات سياسية داخلية متواصلة منذ سنوات وحرب بين حزب الله وإسرائيل، دعي إليه نحو 70 بلدا و15 منظمة دولية، ونجح في جمع نحو مليار دولار من المساعدات لتخفيف الأزمة الإنسانية في لبنان ودعم جيشه.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال افتتاح المؤتمر الدولي: "يجب أن تتوقف الحرب في أسرع وقت ممكن"، وحض حزب الله على "وقف استفزازاته... والضربات العشوائية" التي ينفّذها في اتجاه الدولة العبرية، متوجها في الوقت عينه إليها بالقول إنها "تعرف من التجربة أن نجاحاتها العسكرية لا تعني بالضرورة انتصارا في لبنان".
وأضاف ماكرون: "نتحدث كثيرا عن صراع الحضارات"، في إشارة إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين بهذا الشأن، مضيفا "لست واثقا من أن من يثير الهمجية بنفسه يقوم بالدفاع عن الحضارة".
ودعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي المجتمع الدولي إلى "التكاتف ودعم الجهود التي من شأنها إنهاء الاعتداءات المستمرة وفرض وقف فوري لإطلاق النار".
200 مليون لتجهيز الجيش اللبناني
نجح المؤتمر في جمع نحو 800 مليون دولار، إضافة إلى نحو 200 مليون دولار للجيش اللبناني، وفق ما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو.
وقال بارو: "تجاوبنا مع النداء الذي وجهته الأمم المتحدة عبر إعلان مساهمات حيوية (بقيمة) 800 مليون دولار، تضاف إليها مساهمات عينية كبيرة"، مؤكدا أن المجتمع الدولي كان "على قدر الرهان".
وكان ماكرون أكد أن فرنسا ستقدم 100 مليون يورو "وتساهم في تجهيز الجيش اللبناني" في إطار العمل على تعزيز انتشاره في جنوب لبنان متى تمّ التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وتعهدت ألمانيا تقديم 96 مليون يورو (103 ملايين دولار) للبنان، بحسب ما أكدت وزارة الخارجية في برلين. ومن المفترض أن تتيح المساعدات تقديم الدعم للنازحين.
كما أكدت باريس التزامها بدعم الجيش اللبناني من خلال المساهمة في تجنيد 6 آلاف فرد إضافي فيه، بهدف تعزيز قدرته على حفظ الأمن والاستقرار، خاصة في الجنوب.
ماكرون: "الحرب لن تحقق الأمان لأي طرف"
وشدد ماكرون مجددا على ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، موجها دعوة للأطراف المتنازعة، بما في ذلك حزب الله وإسرائيل، لوقف العمليات العسكرية. واعتبر أن "الحرب لن تحقق الأمان لأي طرف"، بل إنها تزيد من تفاقم الوضع وتدفع لبنان إلى المزيد من الفوضى.
كما عبر عن شعوره بالأسف لأن "إيران زجت بجماعة حزب الله اللبنانية إلى مواجهة مع إسرائيل". في الوقت نفسه انتقد الرئيس الفرنسي العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان.
وإلى جانب الدعم المالي والعسكري، حذر ماكرون من خطر الانزلاق نحو حرب أهلية جديدة في لبنان، مشيرا إلى أن النزوح الجماعي الداخلي، خاصة من الجنوب إلى العاصمة بيروت، قد يزيد من حدة التوترات الطائفية والسياسية القائمة. وأكد أن تقسيم البلاد مجددا على أسس طائفية من شأنه أن يعيدها إلى سيناريوهات الحرب الأهلية المدمرة التي عانى منها لبنان في العقود الماضية.
لبنان "على شفير الانهيار"
ودعا ماكرون القادة اللبنانيين إلى إدراك "القيمة الاستثنائية للتنوع اللبناني"، وضرورة الوحدة من أجل مستقبل البلاد، مشددا على أن الحل الوحيد يكمن في الحفاظ على الوحدة الوطنية والعمل المشترك لتجنب استغلال لبنان كساحة لتصفية حسابات الآخرين.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو عبر منصة إكس: "هذا البلد (لبنان)، صديق فرنسا، هو على شفير الانهيار... من واجبنا أن نتحرك، ولذلك قامت فرنسا بهذه المبادرة".
ومن جهته، ذكّر ميقاتي بالقرار الأممي 1701 قائلا "يبقى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، بصيغته الحالية، حجر الزاوية للاستقرار والأمن في جنوب لبنان"، وهو موقف يحظى بتأييد واسع خاصة من فرنسا.
وتابع رئيس الوزراء اللبناني: "التنفيذ الكامل والفوري لهذا القرار من جانب لبنان وإسرائيل من شأنه أن يحافظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه ويوفر الأمن على حدودنا الجنوبية التي يمكن أن تسمح للمجتمعات النازحة بالعودة إلى مناطقها".
وبعد عام على تبادل القصف عبر الحدود على خلفية الحرب في قطاع غزة، دخلت إسرائيل مع حزب الله اللبناني المدعوم من إيران في مواجهة مفتوحة اعتبارا من 23 أيلول/سبتمبر.
وكثّفت الدولة العبرية غاراتها الجوية على مناطق لبنانية خصوصا معاقل الحزب في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت، وأطلقت ما أسمته عمليات برية "محدودية" في المناطق الحدودية.
وتقدمت فرنسا والولايات المتحدة معا باقتراح لوقف مؤقت لإطلاق النار في أيلول/سبتمبر خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو اقتراح حظي بدعم العديد من الدول ولكنه لم يحظ حتى الآن بتأييد إسرائيل.