المؤتمر الشعبي العام مشروع وطني جامع

قبل 42 عاما كانت اليمن دولة وكيانا سياسيا مستقلا لكن استقلاليته لم تكن مكتملة بالقدر الذي يحصنه من الارتهان للمشاريع السياسية والفكرية التي تتربص بالشعوب والبلدان والتي تستغل انعدام الرؤية والمشروع الوطني الجامع لطرح نظرياتها والتسويق لأفكارها التي سرعان ما تتوغل في البلدان وتحدث الانقسامات داخل المجتمعات.

وفي توجه جاد أدرك الرئيس علي عبدالله صالح مدى حاجة اليمن للخروج من دائرة الارتهان الايدلوجي وتجاوز الكثير من العقبات وإغلاق الكثير من الملفات السياسية الشائكة، والانتقال بها إلى واقعٍ جديدٍ وآفاقٍ أكثر اتساعاً تتوحد فيها كل الجهود والطاقات وتلتقي حول مشروعٍ وطنيٍ يرتقي باليمن أرضاً وإنساناً ويترجم أهداف الثورة اليمنية على أرض الواقع.

لم يكن من السهل إحداث التغيير في بنية نظامٍ سياسي يحظر الحزبية ولا يسمح بإقامة أي نوعٍ من الفعاليات السياسية ويعتبر الحديث عنها والمناداة بها مخالفةً صريحة للدستور والقانون وفعلا يستوجب العقاب، لكن الرئيس علي عبدالله صالح تجاوز كل الموانع ولم يستند على سياسة القمع التي استند عليها سابقيه في تثبيت دعائم حكمه، والقى حجرا حركت المياه الراكدة وصنعت التغيير وحولت الممنوع السياسي إلى عملٍ وطني يتشاركه كل اليمنيين.

وانطلاقاً من مبدأ يقوم على إشراك كل القوى السياسية والمثقفين والعلماء والشخصيات الاجتماعية والقيادات الوطنية، صدر القرار الجمهوري رقم "5" لسنة 1982م بتشكيل لجنة الحوار الوطني المكونة من ١٥ شخصاً يمثلون مختلف ألوان الطيف السياسي، والتي تم منحها الكثير من الصلاحيات والوسائل الكفيلة بتسهيل مهامها، وسرعان ما تحول عمل اللجنة إلى حوار موسع ومفتوح عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ومن خلال مجلس الشعب، وقضية رأي عام فتحت المجال لمشاركة الكثير من المفكرين والسياسيين والشخصيات الاجتماعية.

اليوم وبعد مرور 42 عاماً على تأسيس المؤتمر الشعبي العام، تؤكد الكثير من الأحداث والمتغيرات التي شهدتها اليمن، أن تأسيس المؤتمر لم يأت من وحي مبادرة لإنهاء صراع داخلي أو نتيجة لحراك سياسي وخلافات فرضت على قيادة الدولة القبول بمعارضيها ومقاسمتهم السلطة، وإنما جاء لترجمة أهداف الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر وتوحيد الصف الوطني والانتصار لتطلعات اليمنيين، الذين يعلقون آمالهم اليوم على المؤتمر الشعبي العام لاستعادة إرادتهم وحريتهم المصادرة وصوتهم الذي تجتهد المليشيا في اسكاته وقمعه منذ ما يزيد عن عشر سنوات.